أراء وقراءات

الكرامة الوطنية

بقلم الفنان / أمير وهيب 

في زمن تتغير فيه مفاهيم العمل والإنتاج، وتُستبدل فيه قيمة “الصنايعي” برغبة جامحة في قيادة التوك توك، تبرز قضية الكرامة الوطنية كواحدة من أهم التحديات التي تواجه المجتمع المصري. ليست الكرامة مجرد شعور، بل هي فعل يومي يتجسد في الإتقان، الالتزام، والاعتزاز بالمهنة. هذه قصة واقعية من عام 1998، تكشف عن أزمة أعمق في وجدان العامل المصري، وتطرح تساؤلات حقيقية حول مستقبل الصناعة في مصر.

 حصل انه في سنة ١٩٩٨ تلقيت اتصال تليفوني من زميل كلية و زميل عمل اسمه ” محمد صلاح ” يقترح لو عندي استعداد المشاركة في تولي مهمة تصميم و تنفيذ دواليب معامل مصنع المصرية للاسمنت في العين السخنة.

ووافقت و تقابلنا و معنا مهندس زميل ثالث اسمه ” احمد نجيب ” و اتفقنا ، كل مننا له دور ، و ذهبنا في اليوم التالي انا و احمد نجيب لمقابلة مديرة مسؤلة في المصنع ستكون هي من نتعامل معها في الموافقة على التصميمات و مواصفاتها و الاستلام بعد تنفيذها هذه ” الدواليب “.

* انا كنت المسؤل عن رفع مقاسات قاعات وغرف المعامل ووضع التصميم وتنفيذه وتسليم هذا ” المشروع ” و هو مشروع يشبه الي حد التطابق تصميم و تنفيذ و تركيب ٢٠ مطبخ بكل ما يحتويه من تفاصيل.

* و فعلا تم التسليم بالشكل الصحيح.

* هذا المصنع كان مملوك لعائلة ” ساويرس ” و تم بيعه لشركة فرنسية اسمها ” لافارج “Lafarge

* و الدروس المستفادة من هذا المشروع عديدة و متنوعة.

* اول هذه الدروس أن غالبية العمال المصريين ليس لديهم رغبة في العمل ك ” صنايعي ” و شغلهم بطئ جدا و لا يجيدون العمل تحت ضغط تسليم في توقيت محدد ، ف العامل المصري يشعر دائما بالإهانة و الإذلال من كونه يعمل تحت إشراف و لديه رغبة و شغف مبالغ فيه في قيادة السيارة و التوك توك كبديل شرعي للعمل اليدوي.

* منذ تخرجي في أوائل التسعينات حتى يومنا هذا ، لم نتمكن من استعدال شخصية العامل المصري و زيادة أعدادهم ، بل أكثر من هذا ، لم تعد لدي مصر عدد من العمال المهرة يكفي القيام بأي مشاريع.

* الوضع الصناعي في مصر متدهور، في نفس توقيت دول شعبها يستمتع بالانتاج و التصدير.

* * عدد السائقين المصريين هو رقم بالملايين و أضعاف رقم الصنايعية و هي نسبة مفزعة لا تليق بتاريخ مصر في الابداع.

* و لم و لن تجد من يقوم بتشجيعهم و حثهم على العمل و الإنتاج .

* هذا المنهج ، لو عن غير قصد أو اتباع سياسة أعداء عن قصد ، النتيجة النهائية واحد و هو أن شعب مصر لا ينتج و يتخذ من أعمال الصبية حجة للاسترزاق.

* * مطلوب صنايعية مصريين لديهم كرامة وطنية.

أمير وهيب 

فنان تشكيلي وكاتب ومفكر 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى