الكلمة وأثرها في النفوس
بقلم/ هالة أبو القاسم عبد الحميد
إننا جميعاً نتكلم يومياً وباستمرار، نتكلم مع أولادنا، وأقاربنا، وأصحابنا، وأزواجنا وزوجاتنا في العمل في البيت في كل مكان الجميع يتكلمون باستمرار، لكن هل كل واحد وهو يتكلم مع الآخر يحاسب نفسه إذا كانت الكلمة لها أثر على الآخر الموجود أمامه “المستقبل” أم لا؟
إننا في الغالب لا نحاسب أنفسنا على ذلك، ولكن عليك أن تتوقف قليلاً وحاسب نفسك على الكلمة التي تخرج من فيك، لأن الكلمة قد تكون خرجت من لسانك بسهولة ولكن لا تعلم أثرها على المستقبل كيف، فقد تكون جرحته أو استقبلها كالطعنة التي تركت أثر في صدره، وقد تمر الايام وأنت لا تشعر بقيمة الكلمة التي خرجت منك، ولكن الايام لا تمحو أثر الكلمة التي تركت أثر في صدر صاحبها ولا يمحوها أي شيء
ومن أفضل ما قيل في معنى الكلمة، ما قاله أستاذنا عبد الرحمن الشرقاوي: “أتعرف ما معنى الكلمة؟ مفتاح الجنة في كلمة، دخول النار في كلمة، وقضاء الله هو كلمة، الكلمة لو تعرف حرمة زاد مذخور، الكلمة نور، وبعض الكلمات قبور، بعض الكلمات قلاع شامخة يعتصم بها النبل البشري، الكلمة فرقان بين نبي وبغي، بالكلمة تنكشف الغمة، الكلمة نور ودليل تتبعه الأمة وعسى ما كان سوى كلمة، أضاء الدنيا بالكلمات، الكلمة زلزلت الظالم، الكلمة حصن الحرية، إن الكلمة مسئولية، إن الرجل هو كلمة، شرف الرجل هو الكلمة”.
والكلمة الطيبة صدقة، فهي نوع من أنواع الصدقات المعنوية والتي تشمل الابتسامة في وجه الاخرين والحديث الجيد ورفع المعنويات، ولذلك يكون لها أثر على الفرد والمجتمع بأنها تضفي روح المحبة والتعاون بين الأفراد.
لذلك أوصانا رسولنا الكريم في حديث شريف “الكلمة الطيبة صدقة”. لذلك فالكلمة الطيبة جوهر ثمين تكسبنا سحر العقول بحسن الأخلاق ، فإذا أردنا أن نؤثر في الآخرين ما علينا سوى أن نحلي ألسنتنا بالكلام الطيب.
فلنطهر قلوبنا ولننثر الطيب في نفوس من نقابل فكل إنسان بداخله ما يحتاج إلى ما يخفف عنه بابتسامة مصحوبة بطيب الكلام تريح النفوس وتسعد القلوب، فكثير من الأحيان الكلمة تدمر شخص وتغير حياته ومسار حياته، فتخيروا كلماتكم واجبروا خواطر من حولكم.
فالكلمة الطيبة كطائر جميل حين تطلق سراحه من لسانك سيغرد في صدور الآخرين ولتكن أخلاقنا باقة من زهور الحياة نهديها لمن حولنا عطرها الطيبة ولونها نقاء قلوبنا ورحيقها الابتسامة. ولذلك لا تتكلم بكلمة سيئة فالكلمة السيئة نقص في الايمان ؛ عن عبد الله بن عمرو –رضي الله عنهما- قال: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه.
والكلمة السيئة منفرة؛ قال –تعالى-: “فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لا نفضوا من حولك”. وقد أوصانا رسولنا الكريم حين قال: صلى الله عليه وسلم “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه”.ومن وصاياه أيضاً قوله ” لا تقل بلسانك إلا معروفا” وايضاً: “من سلم المسلمون من لسانه ويده”
فإما أن تنطق بالحق والخير وإلا فلتصمت حتى ل تؤذي الناس بلسانك والكلمة الطيبة تكون وقاية لصاحبها من النار، ومن الأمثال الدارجة على ألسنة الناس “إن كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب”، وهو مثل عظيم له مغزى وأثر كبير على الناس لو عملوا بها لاستراحوا واراحوا، ألا ترى أن اللسان على صغره عظيم له أثر كبير في النفس .
فتخيروا كلماتكم لما لها تأثير في نفس الإنسان يأتي بأثره على الشخص نفسه. فقد مررت بمواقف كثيرة منها موقف شكاني أحد الاصدقاء إلى مديري وكنت قد عملت معه سنوات ولكن عندما وصلت له هذه الكلمات كان لها أثر كبير في رد فعله علي وتأثرت جداً وحزنت ولكن عندما تحاورت معه وفكر في كلمات الاصدقاء ومواقفي شعر أن هذه الكلمات لا تتناسب علي وكان له رد فعل مختلف علي وعلى الاصدقاء فكانوا يتوقعون منه ايذائي ولكن حكمته ورجاحة عقله تصرف معي تصرف حكيم، وقال لي كلمات طيبة عني مما كان لها أثر كبير في نفس وحماسة في العمل .
فالكلمة قد تنجح صاحبها وقد تؤدي به إلى طريق خطر، كما أن احياناً ربنا يوقف لك أشخاص أولاد حلال يكونوا مثل الرسالة أو الاشارة التي يرسلها الله لنا لتغير في حياتنا بكلمة فكان هذا الشخص ينصحني ويشجعني ويدعمني مما أدى إلى تغيير في مسار حياتي و تفكيري، ففعلاً الكلمة بيكون لها أثر كبير على النفس إما ترفعك وتنجحك وإما أن تلكك، فتخيروا كلماتكم حتى لا يختفي بريق الذهب.
هالة أبو القاسم عبد الحميد
موجهة رياض أطفال بإدارة أبوتيج التعليمية بمحافظة أسيوط