المسجد الأقصى يحترق ويستغيث ..فهل له من مُغيث؟؟
بقلم / الدكتور محمد النجار
وقعت جريمة حرق المسجد الأقصى صباح يوم الخميس يوم 8 جمادى الآخرة 1389هـ – 21 أغسطس 1969م
وفي اليوم التالي حدث انفعال في صلاة الجمعة وصرخ والدي : “يا أمة محمد المسجد الأقصى يستغيث بكم”.
كنت طفلا صغيراً حاضر لصلاة الجمعة مع والدي ، وتحدث الخطيب عن حريق المسجد الاقصى مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانفعل المصلون بالبكاء لدرجة انفعال والدي الذي قام منفعلا ً صارخاً بأعلى صوته ينادي يا أمة محمد المسجد الأقصى يستغيث بكم وظل يصرخ في المسجد يرحمه الله..ولا زالت تلك الصرخات في أذني وقلبي .
ذكريات عجوز: دموع الحزن فاقت كمية مياه إخماد الحريق
وبكى أحد كبار السن (في عمر الثمانين) في ذكرى حريق المسجد الأقصى،وكان يومها حاضراً تلك المأساة قائلا : (( أكادُ أجزم أن الدموع التي ذرفناها في ذلك اليوم فاقت كمية المياه التي سكبناها لإخماد الحريق، كان يوماً أسود..كان يوماً أليما لن أنساه ما حييت)). ويقول : ((لم يُحرق الأقصى مرة أخرى، لكن قلوبنا تحترق كل يوم بسبب الانتهاكات المستمرة بحق هذا المسجد والمصلين والمتمثلة باقتحامات المستوطنين وتصرفاتهم الاستفزازية)).
المسجد الأقصى يحترق .. يستغيث
وفي الذكرى الـ ((55)) لإحراق المسجد الأقصى ، أمسكت بالقلم لأكتب عن تلك الذكرى المؤلمة. وكان تصوري أن المجرم الذي قام بإحراق المسجد الأقصى يهودي ، ويقيم في فلسطين المحتلة سواء في الضفة الغربية أو القدس أو غزة ..
وبعد كتابة المقال ، آثرت التدقيق و البحث أكثر عن هوية و ملة ذلك المجرم ” مايكل دينس روهان ” الذي أشعل النيران في المسجد الأقصى.
المجرم مايكل دينيس روهان جاء من استراليا ليحرق المسجد الأقصى
المجرم مايكل دينس روهان ..مواليد استراليا في 01-07-1941م ، وكان عمره حينما أحرق المسجد الأقصى (28) سنة..
لم يكن ذلك المجرم مايكل دينس روهان مقيما في فلسطين المحتلة أو في مدينة القدس ، بل جاء لعنه الله خصيصا من أقصى الدنيا (من استراليا) لإحراق المسجد الأقصى ومسرى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
مهنة (دينيس مايكل روهان) ؟
كان “مايكل دينس روهان” يعمل في جزّ صوف الأغنام في استراليا ، وقد يتسائل أحدهم عن علاقة مهنة جز صوف الأغنام بإحراق المسجد الاقصى؟ والحقيقة أنه لا توجد أي علاقة مباشرة ، لكن عندما يتأثر الإنسان خاصة الشباب الجاهل بأكاذيب يبثها رجال دينه ، ويتفاعل معها ، فتكون تحركاته سلبية بنفس ردة فعل تلك الأكاذيب .
دوافع دينيس مايكل روهان لإحراق المسجد الأقصى
تلقى “مايكل دينس روهان” مثل غيره تعاليم الكنيسة التي ألهبت مشاعرهم نحو كراهية الإسلام والمسلمين ، فانطبع لديه أن الخلاص من الإسلام والمسلمين عبادة يتقرب بها الى الله رب العالمين .
وتأثر “مايكل دينس روهان” بالنزعة “المشيحانية” التي تبثها الكنائس بأن عودة المسيح الى الدنيا ترتبط ارتباطا وثيقا بعودة اليهود الى فلسطين وبناء الهيكل الثالث. فكان مايكل دينس روهان مواظباً على قراءة مجلة “الحقيقة الواضحة” التابعة لإحدى الكنائس الإنجيلية المسيحية، والتي عُرفت باسم كنيسة الرب كاليفورنيا.
وكانت صحيفة ((تربيون الامريكية)) قد نشرت مقابلة مع مايكل دينس روهان عن الدوافع التي دفعته لمحاولة إحراق المسجد الاقصى ، فقال وهو في كامل قواه العقلية (وليست كما ادعت الشرطة الاسرائيلية اثناء محاكمته) ، أنه “مسيحي متدين”، ويتبع كنيسة تالاهاسي التي تطالب اتباعها الإسهام في تنظيف القدس من كل مايمنع عودة السيد المخلص الى الارض ، ليملأها عدلا كما مُلئت جوراً ، وليغفر لجميع من عليها ، وليدخلنهم انقياء مؤمنين الى الفردوس معه.
مزاعم تنظيف القدس من المسلمين
ويستطرد “مايكل دينس روهان”قائلاً :لقد سيطرت عليه تلك الفكرة يوم 21-08-1969م ، ورأى في يقظته لافي منامه يد القدر تحثه على تنظيف جبل مورييه من رمز الوجود الإسلامي الذي يمنع إعادة بناء الهيكل الثالث .
احتلال اسرائيل القدس 1967م شجع اليهود على اقتحام الأقصى واحراقه
وبعد احتلال إسرائيل للضفة الغربية عام 1967 والقدس الشرقية، كتب مؤسس كنيسة الرب ” هيربرت آرمسترونغ” مقالا في المجلة بعنوان “اليهود يحتلون القدس”، تناول فيه أهمية الاحتلال بالنسبة للمسيحيين الإنجيليين. وكان “مايكل دينس روهان” مواظباً على قراءة مجلة “الحقيقة الواضحة” التابعة لإحدى الكنائس الإنجيلية المسيحية.
التخطيط لإحراق المسجد الأقصى
بدأ هذا المجرم ((مايكل دينس روهان)) في التخطيط لعملية إحراق المسجد الأقصى بسفره من استراليا الى القدس قبل العملية بأربعة أشهر ، واستأجر غرفة في فندق “ريفولي” بشارع صلاح الدين الايوبي المقابل لباب الساهرة في القدس. كما بدأ تعلم اللغة العبرية.
كثرة مكوث المجرم في المسجد الأقصى
قال أحد حراس المسجد الأقصى إنه لاحظ تجول روهان كثيرا في المسجد، وكان كثير التحدث مع الأدلاء السياحيين في المكان، وأيضا كسب ود المتواجدين، مدعيا الاهتمام بتصوير المسجد.
إحراق المسجدِ مرتان
لم تكن محاولة إحراق المسجد الاقصى مرة واحدة ، وإنما محاولتان :
المحاولة الأولى :
كانت في يوم 11-08-1969، عندما تسلق ليلاً ذلك المجرم الصهيوني ((مايكل دينس روهان)) على شجرة داخل المسجد الاقصى الساعة ((11)) ليلاً، وأسكب البنزين من خلال فتحة مفتاح احد أبواب المسجد بالقرب من محراب زكريا وأشعل فتيلا ، وهرب حيث كانت ابواب المسجد مغلقة. وفشلت المحاولة .
المحاولة الثانية :
بعد عشرة أيام من فشل المحاولة الاولى يوم 21-08-1969م، استيقظ مبكرا ، واحتجز تذكرة سائح دخل بها المسجد الأقصى من الباب القبلي ، وقبيل الساعة السابعة صباحاً سكب البنزين على منبر صلاح الدين وأشعل النار. وهرب من المسجد .
اسرائيل تقطع المياه ساعة إحراق المسجد
لم تُرتكب جريمة إحراق المسجد الاقصى النكراء بمنأى عن السلطات الصهيونية في القدس ، بل كانت بتخطيط وتنسيق مكشوف من السلطات الاسرائيلية مع هذا المجرم ، فتعمدت قطع المياه أثناءالحريق ، كما تباطأت سيارات الإطفاء الاسرائيلية في الوصول لموقع الحريق حتى قضت النيران على أسقف المسجد وواجهاته و قسم كبير من المسجد.
الفلسطينيون يطفأون النار بملابسهم
لقد طارت عقول الفلسطينيين عندما شاهدوا المسجد الأقصى يحترق أمام عيونهم قبيل الساعة السابعة صباحاً ، وحاولوا استخدام المياه لإطفاء الحريق ، فلم يجدوا ذلك الماء الذي تعمدت السلطات الاسرائيلية قطعه ساعة الحريق تضامنا وتواطئاً مع المجرم الاسترالي الذي قدم من آخر الكرة الأرضية خصيصا لأحراق المسجد الاقصى.
المسيحيون يشاركون المسلمين في إطفاء حريق المسجد الأقصى
هرع المقدسيون (مسلمون ومسيحيون) من قرى ومدن الضفة الغربية للمشاركة في اطفاء المسجد الاقصى من الخطر اليهودي الداهم عليه فلم يجدوا بُدا من إطفاء الحريق إلا بملابسهم التي انتزعوها من على أجسادهم واستخدموها في اطفاء النيران المشتعلة مع محاولاتهم الصعبة في استخدام مياه الآبار الغير متوفرة بسهولة لإطفاء الحريق
واستمر اشتعال النيران في المسجد من الصباح حتى الساعة الثانية عشرة ظهراً.
نتائج وخسائر إحراق المسجد الأقصى1969م
أدت النيران إلى إحراق المصلى القبلي وإتلاف معظم خشب السقف الجنوبي منه، وأوشكت أن تصل النار إلى قبته. والتهمت النار منبر نور الدين زنكي الذي صنعه في حلب خصيصا للمسجد الأقصى الذي كان يستعد لتحريره من أيدي الصليبيين ، وأحضره صلاح الدين الأيوبي معه من حلب بسوريا خصيصا الى المسجد الاقصى.
ويوضح كتاب “دراسات فى التراث الثقافى لمدينة القدس” لمجموعة من الباحثين، أن الحريق أدى إلى إحراق الجامع القبلى الذى سقط سقف قسمه الشرقى بالكامل، كما احترق منبر نور الدين زنكى، وأجزاء من مسجد عمر المجاور للمسجد الأقصى ومحراب زكريا المجاور لمسجد عمر، وأروقة وسجاجيد نادرة، وجزء من سورة الإسراء المصنوعة من الفسيفساء المذهبة فوق المَحَارِب.
هل تم محاكمة مجرم حريق المسجد الاقصى ؟؟
بعد انتهاء الحريق ، ألقت السلطات الإسرائيلية القبض على مايكل دينس روهان ، وتم تقديمه للمحاكمة أمام المحاكم الاسرائيلية.
لم ينكر مايكل دينس روهان إحراقه للمسجد الأقصى ، بل اعترف بإشعال النار في المسجد الأقصى تنفيذاً لنبوءة توراتية مذكورة في سفر زكريا .
وقد وردت تلك الإعترافات مطابقة لشهادة وأقوال الشهود لما حدث في ذلك الحريق.
إفلات المجرم من العقاب رغم اعترافه بالجريمة
رغم اعتراف المجرم “مايكل دينس روهان” بجريمته بإحراقه للمسجد الأقصى ، لم تستطع المحكمة الاسرائيلية إصدار حُكماً ضد هذا المجرم ، والذي تركز الدفاع عنه بأنه يعاني من مرض إنفصام الشخصية المُسمى ب ” الانفصام الارتيابي “. وأنه تحت تأثير أوهام وتخيلات أثناء تنفيذه للجريمة.
وكل ماتم ضده من عقاب هو إيداعه في مصحة نفسية في إسرائيل مدة من الزمن ، ثم ترحيله إلى موطنه بسلام في استراليا . وهكذا أفلت المجرم من العقاب.
وتؤكد الصور التي تم التقاطها له ، وهو في طريقه الى المحكمة للمحاكمة -ليس مرتديا ملابس متهم في قضية عالمية كبرى- بل يرتدي ملابسه الشخصية كاملة وكأنه زعيم في الطريق الى حفل تكريم ،وليس مجرم في جريمة ثابتة عليه في طريقه لمحاكمته.
المجرم الاسترالي تلقى تدريبا مع جماعة شهود يهوه
وحسب ماورد في موقع الجزيرة نت ، تبين فيما بعد أنه هاجر من أستراليا إلى فلسطين وتلقى تدريبا لمدة عامين بإشراف من إحدى الجماعات الصهيونية المتطرفة، وهي جماعة شهود يهوه ، لكن المحكمة زعمت أنه يعاني من اضطراب عقلي، وأخلت سبيله.
ماذا قالت جولدا مائير عند حريق المسجد الأقصى ؟
امتلأ الرعب قلب جولدا مائير رئيسة وزراء اسرائيل خوفاً من انفعالات المسلمين تجاه إحراق المسجد الأقصى مسرى رسولهم صلى الله عليه وسلم ، وإمكانية هجومهم الشامل على اسرائيل ، فلم تستطع النوم تلك الليلة ، وقالت عنها :
((( لم أنم ليلتها وأنا أتخيل العرب سيدخلون إسرائيل أفواجًا من كل صوب..))).
جولدا مائير:الآن نفعل مانشاء في هذه الأمة النائمة
ويالها من المفاجأة في صباح اليوم التالي للحريق ، حيث بزغ الفجر ، وأشرقت الشمس كالمعتاد بهدوء ، ولم تتحرك الجيوش العربية والطائرات الحربية ، والاساطيل البحرية ، ولم يدرك العرب الفجر ،وأصبحوا نيام ، ولم يتم اختراقهم حدود اسرائيل المزعومة حتى بذبابة. فاطمأن قلب تلك المجرمة الصهيونية “جولدا مائير” وقالت عبارتها الشهيرة :
(((عندما طلع الصباح،ولم يحدث شيء،أدركت أن باستطاعتنا فعل ما نشاء،فهذه أُمة نائمة))) . وتم تلقيبها بالمرأة الحديدية .
فهل آن الأوان أن تستيقظ تلك الأمة العظيمة في دينها وكتابها وشريعتها أخلاقياتها؟
نعم آن الأوان عندما بدأت صيحة الله أكبر في غزة ..
نعم آن الأوان في استيقاظ الشباب الذي رأيناه في :
- الشاب المصري “محمد صلاح” وما فعله في الحدود المصرية ..
- الشاب الاردني “ماهر الجازي” ، وما فعله في الحدود الأردنية ..
- وتجاوب الشعوب العربية والاسلامية والشعوب الحرة
اليهود يشعلون النيران التي ستقضي عليهم
إنها النار التي يشعلها الصهاينة اليهود والأمريكان وكل أعوانهم ، وبإذن الله ستأكلهم تلك النار ، وتكون نهاية اسرائيل المحتومة.
(((فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)))سورة غافر44
د.محمد النجار12-09-2024م الخميس 9 ربيع أول1446هـ ( اليوم 342 من طوفان الاقصى)
ندعو الله أن تأكلهم هذه النيران التى يشعلونها