أراء وقراءات

أصنام الديمقراطية

بقلم محمد الخمارى

فكرةٌ تبنَّاها أقوامٌ وصارت لهم شعار، وتعوَّذَ منها آخرون كما يتعوَّذون من النَّار، منذ نشأتها وهى بين الإنكار والإقرار، قامت حروبٌ فكريةٌ طاحنةٌ بينهم وتقلَّدَ منهجَهم  أتباعٌ وأنصار، بين الفريقين فئةٌ لا حول لها ولا دِثار (غطاء)، تبرَّؤا منهم واعتبروهم كنبةَ الدَّار.

الديمقراطية سلاحٌ فتَّاك, لا يُستخدم إلا لخدمة أصحابه فى الوقت الذى يحلو لهم، نعيقٌ مستمرٌ طرفى النهار بين مؤيد ومعارض لهذه الأفكار التى كادت أن تهلك أصحابها ومَن خالفهم، فى الوقت ذاته يقفزون من سفينة الديمقراطية التى يتشدقون بها ليل نهار, إن كانت لا تصب في مصالحهم وأفكارهم التى لا سقف لها من الفكر العلماني المطلق، كذلك يتسلق مخالفوهم ويعتلون سفينة الديمقراطية من أصحاب الفكر الإسلامي المنحرف, التى كانوا يكفرون بديانتها وتشريعها ما دام ذلك فى مصلحة جماعتهم المختلفة, وصارت منبراً يبثون من خلاله سموم معتقداتهم المتشددة التي لا ترقبُ فينا إلَّاً ولا ذمَّة، يستحلون الدماء والأموال والأعراض لمخالفيهم، ثم يدَّعون بعد حقبةٍ من الزمن إعلان التوبة مما فعلوا تحت شعار المراجعات الفكرية، استخفافٌ بالعقول من هؤلاء يصدق فيهم قول القائل (يقتلون القتيل ثم يمشون فى جنازته).

أمورٌ مضحكةٌ أكثر من إثارة الدهشة، الفريقان يريدون أن يجتمع الليل والنهار في آنٍ واحد كذلك الشمس والقمر، ألا يعلمون أن الضدين لا يجتمعان معاً ولا يرتفعان معاً، ما يحدث في العالم الغربي المشمس (العالم المتقدم) من أرباب الديمقراطية المزعومة ثم ينقلبون عليها, ويأمرون بلادنا التحلى بلباس الديمقراطية والخضوع لقوانينها دون النظر إلى الصراع المتكرر فى بلادهم الممسوخة، يغزلون أثواب الحرية وهى فى الحقيقة أثوابٌ مُرَقَّعَةٌ خُيوطُها مُتَباعِدَة.

محمد الخماري
خبير استراتيجي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.