احدث الاخبار

بعد تراجع بريطانيا وكندا: فرنسا تعتزم الاعتراف بدولة فلسطينية في سبتمبر.. وترفض الضغوط الإسرائيلية 

كتب /محمد السيد راشد 

في خطوة غير مسبوقة قد تعيد تشكيل المشهد الدبلوماسي في الشرق الأوسط، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عزم بلاده الاعتراف رسميًا بدولة فلسطينية خلال سبتمبر المقبل، لتكون بذلك أول دولة غربية عضو في مجلس الأمن الدولي تقدم على هذه الخطوة الاستراتيجية.

زيارة العريش كانت نقطة التحول

جاء القرار بعد زيارة قام بها ماكرون إلى مدينة العريش المصرية في أبريل الماضي، حيث وقف عن كثب على الأوضاع الإنسانية الكارثية في قطاع غزة، ليعلن فور عودته أن “الاعتراف قادم قريبًا”، في ظل تصاعد مشاهد المجاعة والدمار والضحايا المدنيين.

تحركات تنسيقية فشلت في ضم الحلفاء

وفي إطار خطة دبلوماسية موسعة، سعى ماكرون إلى تنسيق اعتراف مشترك بدولة فلسطين مع كل من بريطانيا وكندا، من خلال التنسيق مع المملكة العربية السعودية، بهدف الدفع بحل الدولتين في مؤتمر دولي للأمم المتحدة.
لكن بحسب ثلاثة دبلوماسيين، رفضت لندن الانضمام خشية التصادم مع الموقف الأمريكي، بينما تبنت أوتاوا نفس الموقف الحذر، لتترك باريس وحدها تقود هذا المسار.

خطوة رمزية.. لكن بتوقيت شديد الحساسية

قال مسؤول فرنسي رفيع: “إذا كانت هناك لحظة مناسبة في التاريخ للاعتراف بدولة فلسطينية، حتى لو كان الأمر رمزيًا فقط، فهي الآن”.

ويتوقع أن يتم الإعلان الرسمي خلال اجتماع رفيع المستوى على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، في سبتمبر المقبل، بعد عقد مؤتمر وزاري في الأمم المتحدة يومي الإثنين والثلاثاء المقبلين.

أهداف ماكرون: إصلاح السلطة واحتواء حماس

يرى مراقبون أن ماكرون يسعى عبر هذا الإعلان إلى:

  • الضغط على السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس لتنفيذ إصلاحات حقيقية

  • دفع الدول العربية إلى نزع سلاح حماس وإنشاء قوة استقرار

  • توفير زخم دولي لـ حل الدولتين وضمان أمن إسرائيل

وفي هذا السياق، علقت ريم ممتاز، رئيسة تحرير مدونة “أوروبا الاستراتيجية” التابعة لمركز كارنيجي، قائلة: “ماكرون يحاول أن يكون المحفّز لتسوية شاملة، وإعادة ترتيب أوراق الشرق الأوسط”.

الانتقادات الإسرائيلية والغضب الأمريكي

الخطوة الفرنسية لم تمر مرور الكرام، إذ واجهت انتقادات حادة من إسرائيل والولايات المتحدة، واعتُبرت بمثابة “مكافأة لحركة حماس”، خصوصًا بعد عملية 7 أكتوبر 2023، التي تسببت في اندلاع الحرب الجارية على غزة.

وكشفت تقارير أن القيادة الإسرائيلية مارست ضغوطًا دبلوماسية وأمنية كثيفة على باريس لمنع هذه الخطوة، وصلت إلى:

  • التلويح بتقليص تبادل المعلومات الاستخباراتية

  • تعقيد المبادرات الفرنسية في المنطقة

  • التهديد بضم فعلي لأجزاء من الضفة الغربية

لكن باريس ردّت بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسير فعليًا نحو الضم بغض النظر عن موقف فرنسا، مستشهدين بتصويت الكنيست الأربعاء على قرار غير ملزم يطالب بتطبيق القانون الإسرائيلي في الضفة.

انقسام داخلي وضغط شعبي متصاعد في فرنسا

تُعد فرنسا موطنًا لأكبر جاليتين مسلمة ويهودية في أوروبا، وهو ما يجعل القضية الفلسطينية محور استقطاب سياسي داخلي حاد.
وفي ظل الصور الدامية القادمة من غزة، يواجه ماكرون ضغوطًا شعبية متزايدة لاتخاذ موقف أكثر حسمًا تجاه ما يُوصف بـ”جرائم الحرب الإسرائيلية”.

الاعتراف الرمزي.. هل يكفي؟

رغم الزخم السياسي الكبير للقرار، يشكك البعض في جدواه الفعلية.
وقال أمجد عراقي، المحلل بمجموعة الأزمات الدولية:
“اعتراف من دولة أوروبية كبرى مثل فرنسا يحمل قيمة سياسية، لكنه لا يكفي وحده. ما الفائدة من إعلان دولة إذا لم يتم منع تدميرها أولاً؟”


خلاصة المشهد

فرنسا تستعد لكتابة فصل جديد في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بقرار جريء قد يفتح الباب أمام دول أوروبية أخرى للاعتراف بدولة فلسطين. فهل يكون اعتراف باريس شرارة لحراك دولي حقيقي؟ أم مجرد لفتة رمزية في ظل واقع ميداني يزداد تعقيدًا كل يوم؟



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى