بناء البيت المسلم والإهتمام بتربية الأبناء
بقلم – وليد على
حرص الاسلام على ان يربى المسلم وينشاء فى بيئة إيمانية تساعده وتعينه على ان يكون مواطن صالح وسفيرا حسنا لدينه ووطنه ومجتمعه وهى أمانة ربما تركها البعض او أهملها ومااعظمها من أمانة وما اجملها من عمارة انها صناعه الاجيال وعمارة للارض كما قال الله تعالى (إنى جاعل فى الارض خليفه) فكان على عاتق الانسان المسلم الذى رضى بالله رب وبالاسلام دينا ومحمد صلى الله عليه وسلم نبى ورسولا ان يكون معمرا للارض كما اراد الله والا يكون من المفسدين( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً )ۖ
وكان لهذا البناء قواعد ولهذه العمارة مقومات فكان اولها اختيار الزوجه الصالحه واختيار الزوج الصالح فهما بمثابة القاعده لهذا البناء قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم:21).
فعن ابن عباس قال: لما نزلت الآية وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ [التوبة:34]. انطلق عمر فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله،إنه كبر على أصحابك هذه الآية، فقال صلى الله عليه وسلم : ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء ؟ المرأة الصالحة التي إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته. رواه أبو داود.
فكانت الزوجه الصالحه هى اول ركائز هذا البناء لذا اوصى النبى صلى الله عليه وسلم من أراد ان يتزوج ان يحسن الاختيار وان يكون اختياره على اساس الدين ليس غيره لقوله: تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك. صحيح البخاري 5/1958.
وقال صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بنسائكم في الجنة ؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: كل ودود ولود، إذا غضبت أو أسيء إليها أو عصت زوجها قالت: هذه يدي في يدك لا أكتحل بغمض حتى ترضى. رواه الطبراني في الصغير والأوسط .
ولقد أوصى عثمان بن أبي العاص الثقفي أولاده في تخير النطف فقال: “يا بني الناكح مغترس فلينظر امرؤ حيث يضع غرسه والعرق السوء قلما ينجب فتخيروا ولو بعد حين”
وكذلك لا يكون الامر على اختيار الزوجه وحسب بل ان الامر مشترك ومرتبط أيضا باختيار الزوج الصالح الذى سيقود هذه السفينه وسط هذه الامواج .
فعن أبي حاتم المزني – رضي الله عنه – عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ” إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد ” وفي رواية: ” وفساد عريض”.
وبعد هذا التوضيح وبعد ان وضعنا هذه القواعد المناسبة لبناء هذا البيت وجب علينا ان نشد أركانه وان نقويها حتى يكون اقوى من اى ريح واشد من اى إعصار وهذا إنما يكون بذكر الله والعلم والعمل الصالح والكسب الحلال والحب الذى ينشره الدين القويم بين جدران هذا البيت قال الله تعالى {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا}
قال الحافظُ ابنُ كثير في تفسير: “يذكر – تبارك وتعالى – تمامَ نِعَمه على عبيده، بما جعل لهم من البيوت، التي هي سكن لهم، يأوون إليها ويستترون، وينتفعون بها سائر وجوه الانتفاع”
قال صلى الله عليه وسلم: [َصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلاَةِ صَلاَةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ الْمَكْتُوبَةَ]
في البخاري: [اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلاَتِكُمْ، وَلاَ تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا]. وفي صحيح مسلم: [إِذَا قَضَى أَحَدُكُمُ الصَّلاَةَ فِي مَسْجِدِهِ فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ نَصِيبًا مِنْ صَلاَتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ فِي بَيْتِهِ مِنْ صَلاَتِهِ خَيْرًا].
فالصلاة نور تنير البيوت بعد أن تنير قلوب أصحابها والمحافظين عليها.
في صحيح مسلم عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ فَإِذَا أَوْتَرَ قَالَ: [قُومِي فَأَوْتِرِي يَا عَائِشَة]. وفي الحديث أيضا: [رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّتْ فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ] (رواه أبود داود وغيره).
فاذا اتم اركان هذا البيت واكتمل وجب عليهم ان يستعدوا للحدث العظيم الذى سوف يأتى قريب الا وهو اول مولود لهم ولكن بماذا يستعدوا وهنا وجب عليهم ان يعلموا يقينا ان الله هو الخالق لذا وجب عليهم ان يجتهدوا فى الدعاء ان يرزقهم الله ذرية طيبه كما فعل أنبياء الله قال الله على لسان ابراهيم عليه السلام (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) وقال زكريا عليه السلام {رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} وقالت إمراة عمران (رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)
فإذا جاء الولد وجب علينا ان ندعوا الله له بالهديه والثبات وإقامة الصلاه وعدم الشرك كما فعل إبراهيم عليه السلام لأبنائه قال تعالى : (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ)(إبراهيم:35)،
ودعا لهم أيضا بقوله: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ)
وان يرعاه حق الرعايه فعن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته الإمام راع ومسئول عن رعيته والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته قال وحسبت أن قد قال والرجل راع في مال أبيه ومسئول عن رعيته وكلكم راع ومسئول عن رعيته » . رواه البخاري (853) ومسلم ( 1829).
ثم بعد ذلك يسميه أسم حسن وان يختنه فى الصغر ويعلمه كتاب الله فاذا كبر وجب عليه ان يكون له عونا وان يعلمه حرفه يستعين بها على الحياة كما قال عمر بن الخطاب للرجل الذى جاء يشتكى ولده .
جاء رجل إلى عمر بن الخطاب ” رضي الله عنه” يشكو إليه عقوق ابنه ، فأحضر عمر الولد وأنَّبَه على عقوقه لأبيه ، ونسيانه لحقوقه ، فقال الولد : يا أمير المؤمنين أليس للولد حقوق على أبيه ؟ قال : بلى ، قال : فما هي يا أمير المؤمنين ؟ قال عمر : أن ينتقي أمه ، ويحسن أسمه ، ويعلمه الكتاب ( أي القرآن ) ، قال الولد : يا أمير المؤمنين إن أبي لم يفعل شيئاً من ذلك ، أما أمي فإنها ونجية كانت لمجوسي ، وقد سماني جُعلاً ( أي خنفساء ) ، ولم يعلمني من الكتاب حرفاً واحداً
فالتفت عمر إلى الرجل وقال له : جئت إليَّ تشكو عقوق ابنك ، وقد عققته قبل أن يعقك ، وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك ؟! )
فتقوا الله فى انفسكم واتقوا الله فى اولادكم واحسنوا اليهم والى مجتمعكم بما تقدموه اليه .
وليد على
المحرر بكتاب الجمهورية