تأملات رمضانية (2): التقوى ثمرة الصيام
بقلم / د.أمين رمضان
“هذه مجرد تأملات شخصية، ليس الهدف فرضها على أحد، أو إثبات أنها الحق، لكنها دعوة للآخرين لتحفيز آلة التأمل الشخصي عندهم، بعيون عالمهم هم لا عالم غيرهم”
توقفنا في المقالة السابقة عند سؤال عن واقعنا الذي نعيشه، بعد أن وصلنا إلى أن الغاية الكبرى من مقاصد الشريعة والشعائر هي ازدهار الحياة كلها.
كان السؤال هو :
هل واقعنا الذي نعيشه يدل على ذلك؟…
الإجابة الواضحة للعيان “لا”
تأمل معي عزيزي القارئ مجتمعاً تجري في شرايين حياته ثمار أو غايات الشعائر الإسلامية عموماً، والصيام خصوصاً.
الوقود الذي يمكن أن يضخه الصيام في حياة المجتمع هو “التقوى”
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ كُتِبَ عَلَیۡكُمُ ٱلصِّیَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة ١٨٣]
أي أن التقوى هي ثمرة شجرة الصيام عندما تكون مثمرة
فما هي التقوى؟
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: وقد قيل إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأل أبي بن كعب عن التقوى، فقال له: أما سلكت طريقاً ذا شوك. قال: بلى. قال: فما عملت. قال: شمرت واجتهدت. قال: فذلك التقوى.
فالتقوى هي أن يجتهد المسلم في تجنب الأشواك والمطبات التي تواجهه وهو يتحرك في الحياة.
فالصيام الذي مارسه المسلم على مدى شهر كامل، ممتنعاً عن الحلال خلال نهار رمضان، كان حري به أن يمنعه عن الحرام، فلا يأكل أموال الناس بالباطل، ولا يرتشي، ولا ينشر الرذيلة، ولا يخوض في أعراض الناس، ولا يحتكر قوت الناس، الخ…
عندما تغيب التقوى عن حياة الناس، يغيب هدي القرآن عنهم
كما هو واضح من الآية الثانية من سورة البقرة
﴿ذَ ٰلِكَ ٱلۡكِتَـٰبُ لَا رَیۡبَۛ فِیهِۛ هُدࣰى لِّلۡمُتَّقِینَ﴾ [البقرة ٢]
لذلك ارتبط شهر رمضان بالقرآن
﴿شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِیۤ أُنزِلَ فِیهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدࣰى لِّلنَّاسِ وَبَیِّنَـٰتࣲ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ……. الآية﴾ [البقرة ١٨٥]
وهي تجزم أن كنوز الهدي في القرآن فقط للمتقين من الناس، وليس كل الناس متقين.
التقوى هي التي يحتاجها المجتمع من الصائمين، وليس صيامهم.
للتأملات بقية بإذن الله…
الخميس 23 مارس 2023م 1 رمضان 1444ه