الصراط المستقيم

تحويل القبلة .. والاستجابة لآمر الله ورسوله

فى شهر شعبان من كل عام يتجدد كلام الدعاة والعلماء حول ليلة النصف من شعبان وفضائلها وحول تحويل القبلة وما فيها من مسائل مهمه يتناول الناس الكلام فيها .

ولكن .. هل حقا كان تحويل القبلة فى شهر شعبان وهل كان فى ليلة النصف وهذا ما جعل لها مزية وفضل وكيف كان التحول وما كان قبله وكيف كان إستجابة المسلمين لآمر الله وسوله فى تحويل القبلة .

كل هذه مسأل مهمه يجب على كل مسلم ان يتعلمها ويفهم ما جاء فيها من بيان القرأن الكريم لهذا الحدث الهام وما جاء فيه من صحيح السنه عن النبى صلى الله عليه وسلم .

يقول الله تعالى ( قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ۗ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)

عن ابن عباس رضى الله عنه قال : كان أول ما نسخ من القرآن القبلة ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة ، وكان أكثر أهلها اليهود ، فأمره الله أن يستقبل بيت المقدس ، ففرحت اليهود ، فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر شهرا ، وكان يحب قبلة إبراهيم فكان يدعو إلى الله وينظر إلى السماء ، فأنزل الله : ( قد نرى تقلب وجهك في السماء ) إلى قوله : ( فولوا وجوهكم شطره ) فارتاب من ذلك اليهود ، وقالوا : ( ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب [ يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ] ) وقال : ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) [ البقرة : 115 ]

وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى نحو بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يوجه إلى الكعبة فأنزل الله قد نرى تقلب وجهك في السماء فتوجه نحو الكعبة وقال السفهاء من الناس وهم اليهود ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم رجل ثم خرج بعد ما صلى فمر على قوم من الأنصار في صلاة العصر نحو بيت المقدس فقال هو يشهد أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه توجه نحو الكعبة فتحرف القوم حتى توجهوا نحو الكعبة

وفى هذه الاية التى بين أيدينا وهذه الاحاديث يثبت بالكتاب والسنة تحويل القبله ولكن متى كان تحويل القبله هل كان فى شعبان أم كان فى غيره

فتحويل القبلة في شعبان بنص ابن حجر في شرحه للبخاري لا يستقيم وإن كان مشتهرا بين الناس، ولعل ارتباط التحويل بليلة النصف من شعبان لتحويل قلوب العباد وأحوال العباد إلى رب الأرباب.

قال الحربي: ثم قدم النبي صلى اللهّٰ عليه وسلم المدينة في ربيع الأول، فصلى إلى بيت المقدس تمام السنة، وصلى من سنة اثنتين ستة أشهر، ثم حولت القبلة في رجب.

وقال كعب بن مالك: إن القبلة صرفت في جمادى.

وقال الواقدي: إنما صرفت صلاة الظهر يوم الثلاثاء في النصف من شعبان

وعلى هذا فان تحويل القبله لم يجتمع عليه أهل العلم انه كان فى شعبان ولكن أجمعوا أن فيه دروس كثيرة مهمه للمسلمين منها

الاستجابة لأمر الله ورسوله: كما فى حديث البراء حيث تحول المسلمون حينما عرفوا بأمر التحول وهم فى الصلاة فتحولوا الى الكعبة  دون هرج او نقاش او جدال او غير بل كان فى تصديقهم واتباعهم لآمر الله ورسوله عجبا فهل استجابتنا لأوامر الله ورسوله على نفس الدرجة التي لو قيل لنا: قال الله، قال رسول الله، نقول: سمعنا وأطعنا أم ماذا يكون موقفنا؟

الأخوة الإيمانية:

الانشغال بمن مات قبل تحويل القبلة وكانوا عشرة أنفس كما عند الترمذي من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ” لَمَّا وُجِّهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الكَعْبَةِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ بِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ مَاتُوا وَهُمْ يُصَلُّونَ إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ﴾ [البقرة: 143] “[6]

قال ابن حجر في الفتح: والذين ماتوا بعد فرض الصلاة وقبل تحويل القبلة من المسلمين عشرة أنفس

تحول القلوب : سؤال يجب علينا ان نسأله لأنفسنا هل تحولت القلوب من التحول الداخلي والتطهير القلبي فيتجلى ذلك في ليلة النصف من شعبان التي حمل التحويل والتطهير القلوب على التوبة فيها والاستغفار والاقبال على الله  ففيها تُغفر الذنوب ليس بصيام ولا صلاة ولا كثرة عبادة وإنما بتطهير القلب من البغضاء والشحناء

فعن أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ – رضي الله عنه – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -:” إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ، إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ ” [15]

وفي رواية الطبراني: “فَيَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِين، وَيُمْلِي لِلْكَافِرِينَ وَيَدَعُ أَهْلَ الْحِقْدِ بِحِقْدِهِمْ حَتَّى يَدَعُوهُ “[16]

وعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ـ قام رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الليل فصلى فأطال السجود حتى ظننت أنه قد قُبِضَ، فَلَمَّا رفع رأسه من السجود وفرغ من صلاته قال: “يا عائشة ـ أو يا حُميراء ـ ظننت أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد خَاسَ بك”؟ أي لم يعطك حقك. قلت: لا والله يا رسول الله ولكن ظننت أنك قد قبضتَ لطول سجودك، فقال: “أَتَدْرِينَ أَيُّ ليلة هذه”؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال “هذه ليلة النصف من شعبان، إن الله عز وجل يطلع على عباده ليلة النصف من شعبان، فيغفر للمستغفرين ، ويرحم المسترحِمِينَ، ويُؤخر أهل الحقد كما هم” رواه البيهقي من طريق العلاء بن الحارث عنها، وقال: هذا مرسل جيد. يعني أن العلاء لم يسمع من عائشة.

ما أحوجنا إلى التحول القلبي، التطهير الداخلي من الشحناء والحقد والبغضاء حتى تكتب لنا المغفرة، ويكون التهيؤ لشهر رمضان.

ما أحوجنا الى حسن الاتباع والتصديق والعمل على رضى الله عزوجل وأتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم .

والله أسال أن يهدينا جميعا الى سواء السبيل

 

بقلم – وليد على

المحرر بكتاب الجمهورية

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.