أراء وقراءات

حدث في أول النهار

بقلم: ياسر راجح

أخذتني الخطوات قريبًا منهما ذلك الصباح، لا أدري كيف إنشقت الأرض عنهما فجأة ليظهرا أمامي هكذا على حافة الطريق الذي إعتدت أن أسلكه كل يوم ذاهبًا إلى عملي .كان الصديقان يقفزان في الهواء و يلعبان في مرح، يعانق كلٍ منهما الأخر في حنو،  تعلوا وجهيهما إبتسامةٍ بريئة ملئت الأجواء حولهما سعادةً و وئام، إقتربت منهما أكثر فأكثر متأملاً، فإبتهج قلبي لصدق المشهد وعفويته وأحسستُ بالتفاؤل.

لم يمضي من الوقت الكثير، ثواني معدودات، حتى تراجع أحدهما فجأة بضع خطواتٍ إلى الوراء، يرقص فرحًا لسطوع الشمس و دفئها بعد ليلة شتاءٍ طويلة باردة لم يتوقف فيها المطر عن الهطول لحظة، ظل فيها ساهرًا حتى طلع الفجر و بدأ المارة في الظهور على الطريق .

لم يكد المسكين يبتعد عن صديقه قليلاً حتى داهمته سيارةٌ مسرعة يقودها أحمق، فإرتطم جسده الضعيف بقوةٍ بالأرض و تدحرج أسفلها على الفور يصارع الموت أملاً في النجاة، لكن عطف القدر و رحمته بالضعفاء قذفت به في الجزء الأوسط منها، بعيدًا عن عجلاتها الدائرة بسرعةٍ لا ترحم، فتمرغ متقلبًا في التراب مصطدمًا بالأرض بعيدًا خلفها لينجو أخيرًا بأعجوبة و يفر مبتعدًا عن المكان. وأخذ ينبح من الألم فزعًا بصوتٍ خائفٍ مذعور لا يصدق أنه نجا.

كل هذا ولم يتوقف السائق الأحمق أو ينظر وراءه للحظة، بل ظل مسرعًا بسيارته الطائشة حتى غاب على الطريق بعيدًا، تشيعه لعنات المارة و شتائمهم دون أن يلتفت إليهم أو يهتم باعتبارهم مخلوقات بريئة، لم يكن المسكين بالنسبة لهذا السائق سوى كلب !.

الثلاثاء 23 نوفمبر 2021

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.