خذ بنصيبك من الهجرة.
كتب/د.عبد العزيز كامل.
الهجرة العظمى من مكة إلى المدينة..ذهبت لأهلها ؛ بأجرها ومرتبتها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا». متفق عليه.. فمكة ستظل عامرة بالمسلمين، ولن يهاجروا منها بعد الفتح إلى يوم الدين ..
★.. لكن الهجرة تظل عبادة باقية، و شعبة من شعب الإيمان السامية، حيث قال الله عز وجل : ( وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ۚ وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) (النساء/ ١٠٠)..
★.. وتبقى الهجرة على قسمين : الأول: الهجرة إلى الله بالعبودية والتوكل والإنابة والتسليم والخوف والرجاء. والثاني: الهجرة إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بالتأسي والاقتداء، لتحصيل سعادة الدنيا والآخرة.
وفي هذا ألف ابن القيم كتابه العظيم : طريق الهجرتين ومفتاح السعادتين)..
★.. ويدل على بقاء التعبد بالهجرة قول النبي – صلى الله عليه وسلم – ( لا تنقطعُ الهجرةُ حتى تنقطعَ التوبةُ ، ولا تنقطعُ التوبةُ حتى تطلعَ الشمسُ من مغربِها ). رواه ابو داود، وصححه الألباني برقم(٢٤٧٩) وكذا قوله : ( لا تنقطعُ الهجرةُ ما قوتِلَ العدُوُّ ) رواه الهيثمي في مجمع الزوائد برقم (٥/٢٥٤) وقال :رجاله رجال الصحيح.
★.. ومن أعظم الهجرة ..هجرة السوء وأهله ؛ كما في الحديث : ( المهاجرُ من هجر ما نهى اللهُ عنه) متفق عليه.
ولأزمنة الفتن التي نعيشها خصوصية، تتعلق بهجرة خاصة تعبدية، حيث وصف النبي صلى الله عليه وسلم – تلك الأزمنة بالهرج – بفتح الهاء وتسكين الراء – وقال : ( الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ ) [رواه مسلم / ٢٩٤٨ ] وزماننا على ثقله وفتنه ؛ أعظم الفرص أمام العابدين الطائعين لنوال أجر المهاجرين الأولين لدار هجرة سيد الأولين والآخرين..عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم