خطبةالجمعة الموافق 15يوليو 2022 فرائض الإسلام غايتها ومقاصدها
مكارم الأخلاق من مقاصد الشريعة و ثمرات العقيدة الصحيحة
إعداد:الدكتور عبدالمنعم إبراهيم عامر.
من الأمور المهمةالتي ينبغي للمسلم أن يعرفها ويتفهمها معرفةمقاصد العبادات وغايتها والتي من أهمها تزكية النفس بالأخلاق الحميدة الصالحة.
وقد دفعني للحديث في هذا الموضوع عدةأمور:
أولا: – لأن النبى ﷺ إِنَّمَا بُعِث لِتُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ»،وفي لفظ : «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ»،
ومع ذلك يأبى العلمانيون إلا علمنة الأخلاق أيضًا وممارسة التغريب عليها وفصلها عن الدين وتسميتها بغير اسمها كما يطلقون على التقوى والنفس اللوامة الضمير.
ثانيا: لارتباط الإيمان بالعمل الصالح في كثير من الآيات والذى أصلحه صَالِح الْأَخْلَاقِ.
ثالثا: لأن الدِّينُ كُلُّهُ خُلُقٌ. فَمَنْ زَادَ عَلَيْكَ فِي الْخُلُقِ: زَادَ عَلَيْكَ فِي الدِّينِ قاله ابن القيم.
رابعا: لأن الإسلام ما بُنِيَ عَلَيه عقيدة وشريعة أثمرتا مكارم الأخلاق فعَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ” بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ .
فمن ثمرات الإيمان الحقيقي التحلى بمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ الْفِعْلِيَّةَ وَالْقَوْلِيَّةَ.
بل ينفي الإيمان عمن لم يتحلى بمكارم الاخلاق.
وثمرات الإسلام الحقيقي أن تتقى الله وتنتهى عن كل فحشاء ومنكر.
فالإسلام التحقيقي أن يسلم الناس من لسانك ويدك:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النبى ﷺ قَالَ: «المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ» متفق عليه.
وكذلك من ثمرات الإيمان الحقيقي التحلى بمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ الْفِعْلِيَّةَ وَالْقَوْلِيَّةَ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ. متفق عليه.
َومِنَ الْإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ويُبْغِضَ له مَا يُبْغِضُ لِنَفْسِهِ
عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ” متفق عليه.
بل ينفي الإيمان عمن لم يتحلى بمكارم الاخلاق:
عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ» قِيلَ: وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الَّذِي لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ»متفق عليه.
(لا يؤمن) لا يكمل إيمانه.
وكذلك ثمرات الإيمان الحقيقي:
فالإِسْلاَمُ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ، وَلاَ تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ، وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ “الحديث
أما الصَّلاَةُ فتَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ:
قال تعالى:{ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ } [العنكبوت: 45].
وعَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: أُرَاهُ عَنْ جَابِرٍ -شَكَّ الْأَعْمَشُ -قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ: إِنَّ فُلَانًا يُصَلِّي فَإِذَا أصبح سرق، قال: “سينهاه ما يقول”
و أما الزَّكاَةُ فتُطَهِّرُهُمْ من الأخلاق الرذيلة وَتُزَكِّيهِمْ وتزيد في أخلاقهم الحسنة:
قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } [التوبة: 103]
{تُطَهِّرُهُمْ } أي: تطهرهم من الذنوب والأخلاق الرذيلة.
{وَتُزَكِّيهِمْ} أي: تنميهم، وتزيد في أخلاقهم الحسنة، وأعمالهم الصالحة، وتزيد في ثوابهم الدنيوي والأخروي، وتنمي أموالهم
بل عالج النبي ﷺ بعض الاخلاق الرذيلة بالصدقة:
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ إِلَى المُصَلَّى، فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ» فَقُلْنَ: وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ، …الحديث.
وأما الصَّومُ ففِيهِ زَكَاةُ النَّفْسِ وَطَهَارَتُهَا وَتَنْقِيَتُهَا مِنَ الْأَخْلَاطِ الرَّدِيئَةِ وَالْأَخْلَاقِ الرَّذِيلَةِ:
قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].
بل مَنْ لَمْ يَنْهَهُ صَومُهُ عَنِ الفحشاء والمنكر، فلا صوم له:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ»رواه البخاري.
وأما الحَّجُ فزاده التقوى وتحصيلها مقصده الاسمى:
قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: 197].
والمقصود من الحج، الذل والانكسار لله، والتقرب إليه بما أمكن من القربات، والتنزه عن مقارفة السيئات، فإنه بذلك يكون مبرورا والمبرور، ليس له جزاء إلا الجنة، وهذه الأشياء وإن كانت ممنوعة في كل مكان وزمان، فإنها يتغلظ المنع عنها في الحج
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ، خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ“متفق عليه.
قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} [الحج: 37