الصراط المستقيم

خطبة الجمعة الموافق الثامن عشر من فبراير 2022….دروس المعراج والإسرا وآيات كبــــــري

أعدها للنشر\هاني حسبو مختصرة من خطبة أعدها الدكتور عبد المنعم إبراهيم عامر.

من الأسباب الدافعة للحديث في هذا الموضوع :

من رحم المحن تولد المنح.فليستبشر المسلمون برغم ما يمر بهم من محن على كثرتها وقوتها فربما مع التسبيح والتقديس لله تعالى والإسراء والمعراج إليه بالصلوات والطيبات في كل وقت وحين تولد من هذه المحن منح ومن هذه الكربات كرامات ولكن بشروط منها:

 الثبات حتى الممات .

 تقدير الرموز وذلك مستفاد من مظاهر الحب والتقدير بين الأنبياء(عليهم السلام ) ولنبينا.  تقديس المقدسات في نفوسنا لاسيما مكانة المسجد الأقصى .

 معرفة مكانة الصلاة.

ويجدر بنا في هذا المقام أن نذكر ببعض الأحداث التي سبقت هذه الحادثة :

بعد نقض الصَّحِيفَة مَاتَت خَدِيجَة وَمَات أَبُو طَالب، فأقدم سُفَهَاء قريش على رسول الله ﷺ بالأذى فَخرج إِلَى الطَّائِف يَدْعُو إِلَى الْإِسْلَام، فَلم يُجِيبُوهُ، فَانْصَرف إِلَى مَكَّة فِي جوَار الْمطعم بْن عدي بْن نَوْفَل بْن عَبْد منَاف

وهذا اليَوْمٌ  أَشَدُّ عَلَيْهِ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟

فعَنِ عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ:أَنَّهَا قَالَتْ لِرسول الله ﷺ: هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ أَشَدُّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ قَالَ: «لَقِيتُ مِنْ قَوْمِي مَا كَانَ أَشَدَّ. قَالَ: وَكَانَ أَشَدُّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ ثَقِيفٍ، إِذْ عَرَضْتُ نَفسِي على عبد ياليل بْنِ عَبْدِ كِلالٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ. فَانْطَلَقْتُ عَلَى وَجْهِيوَأَنَا مَغْمُومٌ، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا بقرن الثعالب فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ، فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِي، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ، فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ: أَنَا مَلَكُ الْجِبَالِ وَقَدْ بَعَثَنِي رَبِّي إِلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بِمَا شِئْتَ، فَإِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ. فَقَالَ لَهُ رسول الله : بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ وَلا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا.

وَأفَاد بن سَعْدٍ أَنَّ مُدَّةَ إِقَامَتِهِ ﷺ بِالطَّائِفِ كَانَتْ عَشَرَةَ أَيَّامٍ .

بعض حكم تقدير الله لنبيه لرحلة الإسراء والمعراج فى هذا التوقيت هى:

1مواساته ۵ لنبيه بعد عام الحزن وتوابعه.

2- لبيان شرف المصطفى ومكانته عند ربه وبين رسله وتكريمه

فقد اقترح المشركون على النبي أن يرقى في السماء، فجاء الجواب من عند الله: {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا} [الإسراء: 93]

فلمّا رقي في السماء بعد، لم يذكر قط أن ذلك ردّ على التحدي، أو إجابة على الاقتراح السابق؛ بل كان الأمر- كما قلنا- محض تكريم، ومزيد إعلام من الله لعبده.

3- لبيان شرف ما أوحى به اليه فى هذه الرحلة مثل الصلاة.

4- فتنة واختبار {كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ} [المدثر: 31]

حَدِيث الإِسْرَاء والمعراج مُخْتَصراً

ثمَّ أسرِي برسول الله ﷺ لَيْلًا من الْمَسْجِد الْحَرَام إِلَى الْأَقْصَى.

ثمَّ مِنْهُ إِلَى السَّمَاء، فَرَأى الْأَنْبِيَاء فِي السَّمَوَات على مَا فِي الحَدِيث بذلك. وَفرض اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ الصَّلَوَات الْخمس

ثمَّ انْصَرف فِي ليلته تِلْكَ إِلَى مَكَّة، فَأخْبر بذلك، فَصدقهُ أَبُو بكر وكل من آمن بِهِ، وَكذبه الْكفَّار، واستوصفوه مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس، فَمَثَّلَهُ اللَّه لَهُ، فَجعل ينظر إِلَيْهِ ويصفه(.فعن جَابِر بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ، قُمْتُ فِي الحِجْرِ، فَجَلاَ اللَّهُ لِي بَيْتَ المَقْدِسِ، فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ»

الْحِكْمَةُ فِي الْإِسْرَاءِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَبْلَ الْعُرُوجِ إِلَى السَّمَاءِ :

الْحِكْمَةُ فِي الْإِسْرَاءِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَبْلَ الْعُرُوجِ إِلَى السَّمَاءِ إِرَادَةُ إِظْهَارِ الْحَقِّ لِمُعَانَدَةِ مَنْ يُرِيدُ إِخْمَادَهُ لِأَنَّهُ لَوْ عُرِجَ بِهِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى السَّمَاءِ لَمْ يَجِدْ لِمُعَانَدَةِ الْأَعْدَاءِ سَبِيلًا إِلَى الْبَيَانِ وَالْإِيضَاحِ فَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ سَأَلُوهُ عَنْ تَعْرِيفَاتِ جُزْئِيَّاتٍ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ كَانُوا رَأَوْهَا وَعَلِمُوا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَآهَا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَمَّا أَخْبَرَهُمْ بِهَا حَصَلَ التَّحْقِيقُ بِصِدْقِهِ فِيمَا ذَكَرَ مِنَ الْإِسْرَاءِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فِي لَيْلَةٍ وَإِذَا صَحَّ خَبَرُهُ فِي ذَلِكَ لَزِمَ تَصْدِيقُهُ فِي بَقِيَّةِ مَا ذَكَرَهُ فَكَانَ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي إِيمَانِ الْمُؤْمِنِ وَزِيَادَةً فِي شقاء الجاحد والمعاند قَالَه الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي جَمْرَةَ : انْتهى مُلَخصا

ومن الدروس المستفادة من حادثة الإسراء:

 

1- قوله تعالى:{ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا} [الإسراء: 1] فيه بيان عظيم قدرة الله ۵ وعظمته.

مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى خَلْق جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ:

أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى. فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: 10] قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ «رَأَى جِبْرِيلَ، لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ»

و عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكُبْرَى} [النجم: 18] قَالَ: «رَأَى رَفْرَفًا أَخْضَرَ قَدْ سَدَّ الأُفُقَ»

عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {وَلَقَدْ رَآهُ نزلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :رَأَيْتُ جِبْرِيلَ وَلَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ، يَنْتَثِرُ مِنْ رِيشِهِ التَّهَاوِيلُ: الدُّرُّ وَالْيَاقُوتُ

 وعَنه ، أَنَّهُ قَالَ: ” إِنَّ مُحَمَّدًا لَمْ يَرَ جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ إِلَّا مَرَّتَيْنِ، أَمَّا مَرَّةٌ، فَإِنَّهُ سَأَلَهُ أَنْ يُرِيَهُ نَفْسَهُ فِي صُورَتِهِ، فَأَرَاهُ صُورَتَهُ فَسَدَّ الْأُفُقَ، وَأَمَّا الْأُخْرَى، فَإِنَّهُ صَعِدَ مَعَهُ حِينَ صَعِدَ بِهِ “. وَقَوْلُهُ: {وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: 7-10] قَالَ: فَلَمَّا أَحَسَّ جِبْرِيلُ رَبَّهُ، عَادَ فِي صُورَتِهِ، وَسَجَدَ، فَقَوْلُهُ: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 13-18] ، قَالَ: خَلْقَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ

ومن الدروس أيضا:

– أن الأنبياء دينهم واحد وإن اختلفت شرائعهم.وفي قصّة الإسراء والمعراج تلمح أواصر القربى بين الأنبياء كافة، وهذا المعنى من أصول الإسلام: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285]

ومن الدروس أيضا:

 

– فضل الرسول ﷺ على سائر الأنبياء والرسل.

تعظيم قدر الصلاة.

تفضل الله ۵ على هذه الأمة بالتخفيف من الصلاة.

مضاعفة أجر الأعمال الصالحة.

الإصرار على تبليغ الحق والصدع به مهما كانت النتائج والعواقب.

فضل أبي بكر الصديق

و موالاة الله لنبيه بالمواساة في كل بلية يبتلى بها فرحلة الإسراء جاءت مواساة له بعد عام حزن طويل.

ومن الدروس  قوله تعالى{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء: 1]  فيه بيان أهمية المسجد الأقصى وفضله والربط  بين قضيته وما حوله – فلسطين- بقضية العالم الإسلامي إذ أصبحت مكة بعد بعثة الرسول ﷺ مركز تجمع العالم الإسلامي ووحدة أهدافه، وأن الدفاع عن فلسطين دفاع عن الإسلام نفسه، يجب أن يقوم به كل مسلم .

إِن الربط بين المسجدين -المسجد الحرام والمسجد الأقصى- له دلالة عظيمة، فهما أقدم المساجد التي وضعت للناس، وبانيهما على التوحيد والإِخلاص لله هو أبو الأنبياء إِبراهيم الخليل، ومحمد النبي الخاتم وأمته هم الوارثون لها والمسئولون عنها وعن حراستها والعناية بها

فيها إشارة إلى إمكان ارتياد الفضاء والخروج عن نطاق الجاذبية الأرضية، فلقد كان رسولنا في حادثة الإسراء والمعراج أول رائد للفضاء في تاريخ العالم كله، وأن ريادة الفضاء والعودة إلى الأرض بسلام، أمر ممكن إن وقع لرسول الله بالمعجزة في عصره؛ فإنه من الممكن أن يقع للناس عن طريق العلم والفكر.

في فرض الصلاة ليلة الإسراء والمعراج إشارة إلى الحكمة التي من أجلها شرعت الصلاة، فكأن الله يقول لعباده المؤمنين: إذا كان معراج رسولكم بجسمه وروحه إلى السماء معجزة، فليكن لكم في كل يوم خمس مرات معراج تعرج فيه أرواحكم وقلوبكم إلي، ليكن لكم عروج روحي تحققون به الترفع عن أهوائكم وشهواتكم، وتشهدون به من عظمتي وقدرتي ووحدانيتي، ما يدفعكم إلى السيادة على الأرض، لا عن طريق الاستعباد والقهر والغلبة، بل عن طريق الخير والسمو، عن طريق الطهر والتسامي، عن طريق الصلاة

 فضل موسى -عليه السلام- على هذه الأمة ونصحه لرسول الله وأمته حينما عرض عليه أن يعود ويراجع الله ويطلبه التخفيف، وموسى -عليه السلام- صاحب تجربة، يقول ابن حجر: وَفِيهِ أَنَّ التَّجْرِبَةَ أَقْوَى فِي تَحْصِيلِ الْمَطْلُوبِ مِنَ الْمَعْرِفَةِ الْكَثِيرَةِ يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلنَّبِيِّ أَنَّهُ عَالَجَ النَّاسَ قَبْلَهُ وَجَرَّبَهُمْ .

 وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ تَحْكِيمُ الْعَادَةِ .

 وَالتَّنْبِيهُ بِالْأَعْلَى عَلَى الْأَدْنَى لِأَنَّ مَنْ سَلَفَ مِنَ الْأُمَمِ كَانُوا أَقْوَى أَبْدَانًا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَقَدْ قَالَ مُوسَى فِي كَلَامِهِ إِنَّهُ عَالَجَهُمْ عَلَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَمَا وَافَقُوهُ أَشَارَ إِلَى ذَلِك بن أَبِي جَمْرَةَ .

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.