احدث الاخبارالصراط المستقيم

خطبة الجمعة الموافق 1من مارس 2024…..الاستعداد لرمضان بعلم وعمل وإيمان

إعداد الدكتور عبد المنعم ابراهيم عامر

 

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } [آل عمران: 102] {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1] {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70، 71].

أما بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله تعالى الثابت في محكمه: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الذاريات: 50] ، و الثابت في محكمه: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} [التوبة: 46] ، و الثابت في محكمه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ} [البقرة: 186] ،وخير الهدي هدي محمد ﷺ الثابت في الصحيحين عنه: «أَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ»(). ،والثابت في الصحيحين عنه: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»(). ،والثابت في الصحيحين عنه: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»(). والثابت في الصحيحين عنه «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً»(). والثابت عنه في الصحيحين ﷺ : عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الأَحْزَابِ يَنْقُلُ التُّرَابَ، وَقَدْ وَارَى التُّرَابُ بَيَاضَ بَطْنِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: «لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا، وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا، فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا، وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا، إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا»()والثابت عنه في الصحيحين ﷺ :فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ ، قَالَ: «إِذَا نَسِيَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ»()والثابت عنه في الصحيحين ﷺ :فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَالَ: «مَا لَكَ؟» قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟» قَالَ: لاَ، قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ»، قَالَ: لاَ، فَقَالَ: «فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قَالَ: لاَ، قَالَ: فَمَكَثَ النَّبِيُّ ﷺ ، فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ – وَالعَرَقُ المِكْتَلُ – قَالَ: «أَيْنَ السَّائِلُ؟» فَقَالَ: أَنَا، قَالَ: «خُذْهَا، فَتَصَدَّقْ بِهِ» فَقَالَ الرَّجُلُ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا – يُرِيدُ الحَرَّتَيْنِ – أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، فَضَحِكَ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: «أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ»()والثابت عنه في الصحيحين ﷺ : فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ الوِصَالِ رَحْمَةً لَهُمْ»، فَقَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ: «إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي يُطْعِمُنِي رَبِّيوَيَسْقِينِ»()والثابت عنه في الصحيحين ﷺ :عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ»() والثابت عنه في الصحيحين ﷺ : فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»()والثابت عنه في الصحيحين ﷺ : فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»()والثابت عنه في الصحيحين ﷺ : عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ، قَالَ: «لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ»()والثابت عنه في الصحيحين ﷺ : عن أَنَس بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً»()والثابت عنه في الصحيحين ﷺ : فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ القَدْرِ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»()يَا عَبْدَ اللَّهِ، كَيْفَ تَقْرَأُ القُرْآنَ؟ قَالَ: أَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا، قَالَ: فَكَيْفَ تَقْرَأُ أَنْتَ يَا مُعَاذُ؟ قَالَ: أَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ، فَأَقُومُ وَقَدْ قَضَيْتُ جُزْئِي مِنَ النَّوْمِ، فَأَقْرَأُ مَا كَتَبَ اللَّهُ لِي، فَأَحْتَسِبُ نَوْمَتِي كَمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي()والثابت عنه في الصحيحين ﷺ : عَنِ ابْنِ عُمَرَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا مَرَّ بِالْحِجْرِ قَالَ: ” لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ ” ثُمَّ قَنَّعَ رَأْسَهُ وَأَسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى اجْتَازَ الْوَادِيَ»()والثابت عنه في الصحيحين ﷺ : أَبُو ذَرّ، قَالَ النَّبِىّ ﷺ: (إِنَّ الْمُكْثِرِينَ هُمُ الْمُقِلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلا مَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ خَيْرًا، فَنَفَحَ فِيهِ يَمِينَهُ وَشِمَالَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ وَوَرَاءَهُ، وَعَمِلَ فِيهِ خَيْرًا) ().والثابت عنه في الصحيحين ﷺ : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ، قَالَ: ” الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ “() .والثابت عنه في الصحيحين ﷺ : عن المُغِيرَةِ بْنَ شُعْبَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ ، قَالَ: «لاَ يَزَالُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ»() .

وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار…

وبعد،فقد جعل الله في أيام دهره نفحات وجعل في الأزمان مواسم للخير والفضل وأمرنا ﷺ أن نتعرض لها كما جعل في بعض الأماكن مزيد فضل وأجر كرمًا منه تعالى وإحسانًا وفضل ليتدارك المقصرُ في زمن قصير ما وقع فيه من تقصير وليتسابق ويتنافس المتنافسون إلى مواسم مضاعفة الثواب والاجور كما تنافسوا في الصالحات في عموم الزمان كما فضل الله جل جلاله المسجد الحرام على مسجد رسول الله وأمرنا ﷺ أن نتعرض لها بالمدينة وعلى المسجد الأقصى فجعل الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة في المساجد العادية والصلاة في مسجد المدينة بألف صلاة والصلاة في المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة كما جاء في بعض الأحاديث وفضل جل جلاله بعض الأوقات على بعض فجعل ليلة القدر خيرا من ألف شهر وفضل شهر رمضان في مضاعة الثواب والأجر حتى جعل ﷺ صيامه وقيامه مكفر للذنوب ما تقدم منها بل ربما وما تأخر كما فضل يوم الجمعة لا سيما بعد العصر والسحر والثلث الأخيرمن الليل وهكذا قوى الله فينا الرجاء والأمل في رحماته لكن لمن فروا إليه ،و{أَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً} متعرضين لنفحاته ().

ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شرع فيه ما يشرع في رمضان من الصيام وقرآءة القرآن ليحصل التأهب لتلقي رمضان وترتاض النفوس بذلك علي طاعة الرحمن . ()

 

لذلك وغيره قلت أذكر نفسي وإياكم بالاستعداد لرمضان

بعلم وعمل وإيمان :

وللأسباب التالية أيضًا:

1- للتبشير بقدوم رمضان وفقد ان النبي ﷺ يبشر أصحابه بقدوم رمضان بقوله: ” قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ ” ().

قال ابن رجب : وكان النبي ﷺ يبشر أصحابه بقدوم رمضان كما خرجه الإمام أحمد والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي ﷺ يبشر أصحابه يقول: ” قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، ..الحديث ” ().

قال بعض العلماء: هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضا بشهر رمضان كيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران كيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشياطين من أين يشبه هذا الزمان زمان ().

2-للتذكير بنعمة بلوغ شهر رمضان وصيامه العظيمة:

قال ابن رجب : بلوغ شهر رمضان وصيامه نعمة عظيمة على من أقدره الله عليه ويدل عليه حديث الثلاثة الذين استشهد اثنان منهم ثم مات الثالث على فراشه بعدهما فرؤي في المنام سابقا لهما فقال النبي ﷺ: “أليس صلى بعدهما كذا وكذا صلاة «وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ فَصَامَهُ؟»فوالذي نفسي بيده إن بينهما لأبعد مما بين السماء والأرض”() خرجه الإمام أحمد وغيره من رحم في رمضان فهو المرحوم ومن حرم خيره فهو المحروم ومن لم يتزود لمعاده فيه فهو ملوم().

لذا روي: أن النبي ﷺ كان يدعو ببلوغ رمضان فكان إذا دخل رجب يقول: ” اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ، وَبَلِّغْنَا رَمَضَانَ»().

وقال معلى بن الفضل: (كانوا يدعون الله تعالى ستة أشهر أن يبلغهم رمضان يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم)

وقال يحيى بن أبي كثير كان من دعائهم: (اللهم سلمني إلى رمضان وسلم لي رمضان وتسلمه مني متقبلا)()

3-لأن الاستعداد لرمضان مطلب شرعى ؛ لذا وكل الله لذلك منادى: (يُنَادِي مُنَادٍ كُلَّ لَيْلَةٍ: يَا طَالِبَ الْخَيْرِ هَلُمَّ، وَيَا طَالِبَ الشَّرِّ أَمْسِكْ) () و( يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ) “() ،و( يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَبْشِرْ، يَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ ) ().

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: ” إِذَا كَانَتْ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَنَادَى مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ “() وفي المسند بلفظ: ( …وَيُنَادِي فِيهِ مَلَكٌ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَبْشِرْ، يَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، حَتَّى يَنْقَضِيَ رَمَضَانُ “().

وعَنْ عَرْفَجَةَ، قَالَ: كُنْتُ فِي بَيْتٍ فِيهِ عُتْبَةُ بْنُ فَرْقَدٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ أُحَدِّثَ بِحَدِيثٍ، وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ ، كَأَنَّهُ أَوْلَى بِالْحَدِيثِ مِنِّي، فَحَدَّثَ الرَّجُلُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: ” فِي رَمَضَانَ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ النَّارِ، وَيُصَفَّدُ فِيهِ كُلُّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ، وَيُنَادِي مُنَادٍ كُلَّ لَيْلَةٍ: يَا طَالِبَ الْخَيْرِ هَلُمَّ، وَيَا طَالِبَ الشَّرِّ أَمْسِكْ “().

ولعموم قوله تعالى: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} [التوبة: 46]،فلابد أن يكون الاستعداد من الآن وتصل إلي أهبة الاستعداد في أول يوم من رمضان .

4-للتَّعَرُّضِ لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ بالدعاء ونحوه :

فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – ﷺ -: «افْعَلُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ، فَإِنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٍ مَنْ رَحِمَتِهِ، يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَسَلُوا اللَّهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ، وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ»().

قوله: (افْعَلُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ) جمع نفحة وهي العطية من نفح الطيب إذا فاح وخرج منه رائحة كذلك العطية تخرج من المعطي وفيه الأمر بالتعرض لنيل الخير في كل حين من الأحيان فإنه قد يوافق ساعة الإجابة (فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده) فتعرضوا لها لعلها تصيبكم وأحسن الرافعي رحمه الله في قوله:

أقيما على باب الكريم أقيما … ولا تنأيا من سبوحه فتهيما

وللنفحات الطيبات تعرضا … لعلكما تستنشقن نسيما().

وقيل (لنفحات رحمة الله) أي اسلكوا طرقها حتى تصير عادة وطبيعة وسجية وتعاطوا أسبابها وهو فعل الأوامر وتجنب المناهي وعدم الانهماك في اللذات والاسترسال في الشهوات رجاء أن يهب من رياح رحمته نفحة تسعدكم أو المعنى اطلبوا الخير متعرضين لنفحات رحمة ربكم بطلبكم منه().

5-لبيان أول ذلك :وهو صدق الله بصدق العزم ونشاط النفس والاستعانة بالله:

أو عقد العزم على وظائف رمضان والاستعانة بالله، وبذل الجهد في امتثاله:

قال تعالى: {فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [محمد: 21].

وقال الماوردي :{وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً} فيه وجهان:

أحدهما: صدق العزم ونشاط النفس ().

و قال السعدي : {فَإِذَا عَزَمَ الأمْرُ} أي: جاءهم الأمر جد، وأمر محتم، ففي هذه الحال لو صدقوا الله بالاستعانة به، وبذل الجهد في امتثاله {لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} من حالهم الأولى، وذلك من وجوه:

منها: أن العبد ناقص من كل وجه، لا قدرة له إلا إن أعانه الله، فلا يطلب زيادة على ما هو قائم بصدده.

ومنها: أنه إذا تعلقت نفسه بالمستقبل، ضعف عن العمل، بوظيفة وقته، وبوظيفة المستقبل، أما الحال، فلأن الهمة انتقلت عنه إلى غيره، والعمل تبع للهمة، وأما المستقبل، فإنه لا يجيء حتى تفتر الهمة عن نشاطها فلا يعان عليه.

ومنها: أن العبد المؤمل للآمال المستقبلة، مع كسله عن عمل الوقت الحاضر، شبيه بالمتألي الذي يجزم بقدرته، على ما يستقبل من أموره، فأحرى به أن يخذل ولا يقوم بما هم به ووطن نفسه عليه، فالذي ينبغي أن يجمع العبد همه وفكرته ونشاطه على وقته الحاضر، ويؤدي وظيفته بحسب قدرته، ثم كلما جاء وقت استقبله بنشاط وهمة عالية مجتمعة غير متفرقة، مستعينا بربه في ذلك، فهذا حري بالتوفيق والتسديد في جميع أموره ().

لذا وجب علينافي كل ركعة أن ندعوا بهذا الدعاء ونتعلق بهذا الرجاء: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } [الفاتحة: 4، 5].

{فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} [هود: 123] أي: قم بعبادته، وهي جميع ما أمر الله به مما تقدر عليه، وتوكل على الله في ذلك()فَأَمَرَ تَعَالَى بِعِبَادَتِهِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ كَافٍ مِنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ وَأَنَابَ إِلَيْهِ. ().

عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ الأَحْزَابِ يَنْقُلُ التُّرَابَ، وَقَدْ وَارَى التُّرَابُ بَيَاضَ بَطْنِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: «لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا، وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا، فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا، وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا، إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا»().

6- لأن شعبان كالمقدمة لرمضان فشرع فيه ما يشرع في رمضان من الصيام والقيام وقراءة ومدارسة القرآن والذكر والتعليم والتعلم والصدقة ونحو ذلك ليحصل التأهب لتلقي رمضان وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن() ولتعداد الخير ؛ لأن الخير عادة فعن مُعَاوِيَةَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ، قَالَ: «الْخَيْرُ عَادَةٌ، وَالشَّرُّ لَجَاجَةٌ، مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ»(). وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، وَإِنَّمَا الْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، مَنْ يَتَحَرَّى الْخَيْرَ يُعْطَهُ، وَمَنْ يَتَّقِ الشَّرَّ يُوقَهُ،().

7- لبيان كيفية الاستعداد لرمضان بالعلم والعمل والإيمان وذلك إجمالاً على النحو التالى:

أولاً:بوضع الهدف أو عدة أهداف.

ثانياً: بيان الخطوات المطلوبة لتحقيق التقوى بفعل المأمور وترك المحظور وطاعة الله والرسول وصلاح الظاهر والباطن والأقوال والأعمال سواء كانت عقائد أو عبادات أو معاملات أو سلوك وأخلاقيات أو حتى عادات:

ثالثاً: بيان الأسباب المعوقة والمعيقة لتحقيق هذا الهدف أو الأهداف.

رابعاً:بيان الأسباب المعينة على تحقيق هذا الهدف أو الأهداف.

وتفصيلاً على النحو التالى:

أولاً:ببيان الهدف وهو الفوز بالجنة والنجاة من النار

ومن الأهداف المراده بالصيام تحصيل حسن الخلق ومكارمها والبعد عن سيئها لا سيما مع الزوجة والأهل

تطبيق القواعد الذهبية في إنجاح الحياة الزوجية لا سيما قاعدة الستر:

الربط بين الصيام والعلاقة الزوجية السعيدة

 

ولأن رمضان شهر تحصيل الصبر

ثانياً: بيان الخطوات المطلوبة لتحقيق التقوى وذلك بفعل المأمور وترك المحظور وطاعة الله والرسول ﷺوصلاح الظاهر والباطن والأقوال والأعمال سواء كانت عقائد أو عبادات أو معاملات أو سلوك وأخلاقيات أو حتى عادات وذلك على النحو التالى: .

الخطوة ألأولى: – اجتناب الذنوب التي تمنع من المغفرة وقبول الدعاء

الاستعداد بصلاح ذات وترك التشاحن من شعبان

ج- أكل الحرام في رمضان وغيره لإجابة الدعوة

الخطوة الثانية: – الاستغفار و التوبة النصوح مما تقدم و من الذنوب حتى لا نحرم بسببها التوفيق :

وذلك بمعرفة مبطلاته وواجباته وأركانه ومكروهاته إجمالاً و على النحو التالى

ومن العلم والتعلم مُدَارِسُة القُرْآنِ في شعبان لرياضة النفس عليها قبل رمضان

صيام شعبان للتمرين على صيام رمضان و تعظيما لرمضان ولرفع الأعمال فيه

التكفير بصيامه مشروطا بالتحفظ مما ينبغي أن يتحفظ منه

قِيَامُ شعبان، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا :لقِيَام رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا

الصدقة في شعبان للتمرين على الجود والكرم والصدقة في رمضان

مَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ خَيْرًا، فَنَفَحَ فِيهِ يَمِينَهُ وَشِمَالَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ وَوَرَاءَهُ، وَعَمِلَ فِيهِ خَيْرًا

ثالثاً: الأسباب المعينة على تحقيق هذا الهدف أو الأهداف.

الإتيان بالأمور الميسرة للصيام:

و الاستعانة على التهجد بالنوم اول الليل

التدريب في شعبان على الاعتكاف والخلوة:

الأجتهاد بدفع مكائد الشيطان، فاز بالنفحات الربانية:

التدريب على صرف زمان الكلام في الفكر والذكر:

رابعاً: الأسباب المعوقة والمعيقة لتحقيق هذا الهدف أو الأهداف:

ترك الكسل والتسويف والاستعاذة من ذلك .:

ترك السهر والسمر بعد العشاء إلا في ما يحي به الليل:

أكل الحرام :

الصحبة السيئة:

 

 

 

وهذا آوان الشروع في الموضوع:

أولاً:ببيان الهدف وهو الفوز بالجنة والنجاة من النار:

قال تعالى: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} [آل عمران: 185]

و عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِرَجُلٍ: «كَيْفَ تَقُولُ فِي الصَّلَاةِ»، قَالَ: أَتَشَهَّدُ وَأَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ أَمَا إِنِّي لَا أُحْسِنُ دَنْدَنَتَكَ وَلَا دَنْدَنَةَ مُعَاذٍ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «حَوْلَهَا نُدَنْدِنُ»() .

وهذا الفوز هو محصلة التقوى التى هى فعل المأمور وترك المحظور وطاعة الله والرسول ﷺ:قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70، 71]

وهذه التقوى التى بها تصلح الأعمال وتغفر الذنوب هى الهدف الرئيس من الصيام قال تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة: 183].

لذا كثرت أسباب المغفرة في رمضان:

قال ابن رجب: فلما كثرت أسباب المغفرة في رمضان كان الذي تفوته المغفرة فيه محروما غاية الحرمان وفي صحيح ابن حبان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: «آمِينَ آمِينَ آمِينَ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ حِينَ صَعِدْتَ الْمِنْبَرَ قُلْتَ: آمِينَ آمِينَ آمِينَ، قَالَ: «إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي، فَقَالَ: مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، وَمَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يَبَرَّهُمَا، فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، وَمَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ»().

وخرجه الإمام أحمد والترمذي وابن حبان أيضا من وجه آخر عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا بلفظ: ” «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الجَنَّةَ»().” وحسنه الترمذي وقال سعيد عن قتادة: كان يقال: من لم يغفر له في رمضان فلن يغفر له فيما سواه وفي حديث آخر: إذا لم يغفر له في رمضان فمتى يغفر لمن لا يغفر له في هذا الشهر من يقبل من رد في ليلة القدر متى يصلح من لا يصلح في رمضان حتى يصلح من كان به فيه من داء الجهالة والغفلة مرضان كل مالا يثمر من الأشجار في أوان الثمار فإنه يقطع ثم يوقد في النار من فرط في الزرع في وقت البدار لم يحصد يوم الحصاد غير الندم والخسارة().

ومن الأهداف المراده بالصيام تحصيل حسن الخلق ومكارمها والبعد عن سيئها لا سيما مع الزوجة والأهل :

لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ، قَالَ: ” الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ “() .

قَوْلُهُ : ( الصِّيَامُ جُنَّةٌ ) زَادَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ : ( جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ ) وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ مِثْلُهُ وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ: ( الصِّيَامُ جُنَّةٌ كَجُنَّةِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْقِتَالِ ) وَلِأَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي يُونُسَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : ( جُنَّةٌ وَحِصْنٌ حَصِينٌ مِنَ النَّارِ ) وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ : ( الصِّيَامُ جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهَا) زَادَ الدَّارِمِيُّ : ( بِالْغِيبَةِ ) وَبِذَلِكَ تَرْجَمَ لَهُ هُوَ وَأَبُو دَاوُدَ.

الخطوة الثانية: – الاستغفار و التوبة النصوح مما تقدم و من الذنوب حتى لا نحرم بسببها التوفيق :

أول ما نستعد له تجديد التوبة لله عزوجل قال تعالي : {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [النور: 31] وكان من هدي النبي ﷺ أن يستغفر ويتوب إلي الله في اليوم أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً فعن أبى هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي اليَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً»

الخطوة الثالثة:- العلم قبل القول والعمل:

قَالَ البخارى : بَابٌ: العِلْمُ قَبْلَ القَوْلِ وَالعَمَلِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19] فَبَدَأَ بِالعِلْمِ ().

قَالَ ابن حجر : (قَوْلُهُ بَابُ الْعِلْمِ قَبْلَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ)

قَالَ بن الْمُنِيرِ : أَرَادَ بِهِ أَنَّ الْعِلْمَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ فَلَا يُعْتَبَرَانِ إِلَّا بِهِ فَهُوَ مُتَقَدِّمٌ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ مُصَحِّحٌ لِلنِّيَّةِ الْمُصَحِّحَةِ لِلْعَمَلِ فَنَبَّهَ الْمُصَنِّفٌ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى لَا يَسْبِقُ إِلَى الذِّهْنِ مِنْ قَوْلِهِمْ إِنَّ الْعِلْمَ لَا يَنْفَعُ إِلَّا بِالْعَمَلِ تَهْوِينُ أَمْرِ الْعِلْمِ وَالتَّسَاهُلُ فِي طَلَبِهِ قَوْلُهُ فَبَدَأَ بِالْعِلْمِ أَيْ حَيْثُ قَالَ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الله ثمَّ قَالَ واستغفر لذنبك وَالْخِطَابُ وَإِنْ كَانَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَهُوَ مُتَنَاوِلٌ لِأُمَّتِهِ وَاسْتَدَلَّ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى فَضْلِ الْعِلْمِ كَمَا أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ فِي تَرْجَمَتِهِ مِنْ طَرِيقِ الرَّبِيعِ بْنِ نَافِعٍ عَنْهُ أَنَّهُ تَلَاهَا فَقَالَ أَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّهُ بَدَأَ بِهِ فَقَالَ اعْلَمْ ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْعَمَلِ().

الاستعداد لرمضان بتعلم أحكامه:

قال ابن العربي: مَا ثَبَتَ وُجُوبُهُ – أي: من الوظائف الشرعية كالصلاة والصيام ونحوهما – ثَبَتَ وُجُوبُ الْعِلْمِ بِهِ لِاسْتِحَالَةِ أَدَائِهَا إلَّا بِعِلْمٍ.

وذلك بمعرفة مبطلاته وواجباته وأركانه ومكروهاته إجمالاً و على النحو التالى:

أركانه:

1- النية قبل الفجر:في صوم الفريضة:

عن حفْصةَ زوجِ النبي ﷺ، أن رسولَ الله ﷺ قال: “من لم يُجْمّعِ الصِّيامَ قبلَ الفجرِ فلا صِيامَ له”().

من لم يجمع: أي من لم يحكم النية والعزيمة.

أما النية في صوم التطوع، فإنها تصح قبل الزوال:

فعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: «هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟» فَقُلْنَا: لَا، قَالَ: «فَإِنِّي إِذَنْ صَائِمٌ» ثُمَّ أَتَانَا يَوْمًا آخَرَ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ فَقَالَ: «أَرِينِيهِ، فَلَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا» فَأَكَلَ().

2- وَتَرْكُ مُفْطِرٍ….:

رُكْنُ الصَّوْمِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ هُوَ: الإْمْسَاكُ عَنِ الْمُفْطِرَاتِ ()وَذَلِكَ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ، حَتَّى غُرُوبِ الشَّمْسِ.

وَدَلِيلُهُ قَوْله تَعَالَى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187].

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ ، قَالَ: ” يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِي، وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ حِينَ يُفْطِرُ، وَفَرْحَةٌ حِينَ يَلْقَى رَبَّهُ، وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ “().

مبطلات الصوم:

ويبطل بالأكل، والشرب عمدًا،:

لا خلاف في ذلك. أما النسيان فلا؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ ، قَالَ: «إِذَا نَسِيَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ»().

الجماع عمدًا:لا خلاف في ذلك. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَالَ: «مَا لَكَ؟» قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟» قَالَ: لاَ، قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ»، قَالَ: لاَ، فَقَالَ: «فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قَالَ: لاَ، قَالَ: فَمَكَثَ النَّبِيُّ ﷺ ، فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ – وَالعَرَقُ المِكْتَلُ – قَالَ: «أَيْنَ السَّائِلُ؟» فَقَالَ: أَنَا، قَالَ: «خُذْهَا، فَتَصَدَّقْ بِهِ» فَقَالَ الرَّجُلُ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا – يُرِيدُ الحَرَّتَيْنِ – أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، فَضَحِكَ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: «أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ»().

والقيء عمدًا:عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله – ﷺ -: “مَنْ ذَرَعَهُ قيءٌ وهو صَائِمٌ، فليسَ عليهِ قَضَاءٌ، وإن استقاء فَلْيَقْضِ”().

ويحرم الوصال:فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ الوِصَالِ رَحْمَةً لَهُمْ»، فَقَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ: «إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ»().

وعلى من أفطر عمدًا كفارة ككفارة الظهار:

ليس للقائلين بوجوب الكفارة على المفطر بغير الجماع دليل صحيح، والأصل عدم الوجوب إلا بدليل. فالحق أن الكفارة لا تجب إلا على من أفطر بالجماع فقط، كما ذهب إليه الشافعي وغيره من أهل العلم. ().

ومن العلم والتعلم مُدَارِسُة القُرْآنِ في شعبان لرياضة النفس عليها قبل رمضان:

قرآءة القرآن في شعبان :

قال الحافظ بن رجب رحمه الله :روينا بإسناد ضعيف عن أنس قال: (كان المسلمون إذا دخل شعبان انكبوا على المصاحف فقرؤها وأخرجوا زكاة أموالهم تقوية للضعيف والمسكين على صيام رمضان). وقال سلمة بن كهيل: كان يقال شهر شعبان شهر القراء .

وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال: هذا شهر القراء .

وكان عمرو بن قيس الملائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن .

قال الحسن بن سهل: قال شعبان: يا رب جعلتني بين شهرين عظيمين فما لي؟ قال: جعلت فيك قراءة القرآن().

وهذا كله ليسهل عليه تطبيق سنة مدارسة القرآن في رمضان:

فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ»() .

صيام شعبان للتمرين على صيام رمضان و تعظيما لرمضان ولرفع الأعمال فيه:

أما لأن الأعمال ترفع فيه إلي الله ؛ فهذا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ»() .

و تعظيما لرمضان وذلك لما خرجه الترمذي من حديث أنس سئل النبي ﷺ: أي الصيام أفضل بعد رمضان؟ قال: “شعبان” تعظيما لرمضان وفي إسناده مقال().

وقال الحافظ بن رجب رحمه الله :وقد قيل: في صوم شعبان معنى آخر: أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة بل قد تمرن على الصيام واعتاده ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذته فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط.

ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شرع فيه ما يشرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن ليحصل التأهب لتلقي رمضان وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن().

ولصِيَام رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا :

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»().

وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: (احْتِسَابًا) أَيْ عَزِيمَةً وَهُوَ أَنْ يَصُومَهُ عَلَى مَعْنَى الرَّغْبَةِ فِي ثَوَابِهِ طَيِّبَةً نَفْسُهُ بِذَلِكَ غَيْرَ مُسْتَثْقِلٍ لِصِيَامِهِ وَلَا مُسْتَطِيلٍ لِأَيَّامِهِ().

قال ابن رجب: “من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه” وللنسائي في رواية: “من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر”.

التكفير بصيامه مشروطا بالتحفظ مما ينبغي أن يتحفظ منه:

والتكفير بصيامه قد ورد مشروطا بالتحفظ مما ينبغي أن يتحفظ منه ففي المسند وصحيح ابن حبان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، وَعَرَفَ حُدُودَهُ، وَتَحَفَّظَ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَحَفَّظَ، كَفَّرَ مَا قَبْلَهُ» “().

قِيَامُ شعبان، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا :لقِيَام رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا :

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»().

الصدقة في شعبان للتمرين على الجود والكرم والصدقة في رمضان:

تقدم ما قاله الحافظ بن رجب:روينا بإسناد ضعيف عن أنس قال: (كان المسلمون إذا دخل شعبان انكبوا على المصاحف فقرؤها وأخرجوا زكاة أموالهم تقوية للضعيف والمسكين على صيام رمضان).().

مَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ خَيْرًا، فَنَفَحَ فِيهِ يَمِينَهُ وَشِمَالَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ وَوَرَاءَهُ، وَعَمِلَ فِيهِ خَيْرًا:

أَبُو ذَرّ، قَالَ النَّبِىّ ﷺ: (إِنَّ الْمُكْثِرِينَ هُمُ الْمُقِلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلا مَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ خَيْرًا، فَنَفَحَ فِيهِ يَمِينَهُ وَشِمَالَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ وَوَرَاءَهُ، وَعَمِلَ فِيهِ خَيْرًا) () .

وقوله: (نفح فيه) قال صاحب الأفعال: نفح بالعطاء: أعطى، والله نفاح بالخيرات، قال صاحبُ العين: نفح بالمال، والسيف، ونفحات المعروف: دفعه، ونفحت الدابة: رمحت بحافرها الأرض().

ثالثاً: الأسباب المعينة على تحقيق هذا الهدف أو الأهداف.

الإتيان بالأمور الميسرة للصيام:

وهى على سبيل المثال :

1- السحور وتأخيره:

عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ، قَالَ: «لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ»().

قَالَ الْمُهَلَّبُ :وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ لَا يُزَادَ فِي النَّهَارِ مِنَ اللَّيْلِ وَلِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِالصَّائِمِ وَأَقْوَى لَهُ عَلَى الْعِبَادَةِ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إِذَا تَحَقَّقَ غُرُوبُ الشَّمْسِ بِالرُّؤْيَةِ أَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلَيْنِ وَكَذَا عدل وَاحِد فِي الارجح().

بَرَكَةُ السَّحُورِ: عن أَنَس بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً»().

فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً هُوَ بِفَتْحِ السِّينِ وَبِضَمِّهَا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَرَكَةِ الْأَجْرُ وَالثَّوَابُ فَيُنَاسِبُ الضَّمُّ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى التَّسَحُّرِ أَوِ الْبَرَكَةُ لِكَوْنِهِ يُقَوِّي عَلَى الصَّوْمِ وَيُنَشِّطُ لَهُ وَيُخَفِّفُ الْمَشَقَّةَ فِيهِ فَيُنَاسِبُ الْفَتْحَ لِأَنَّهُ مَا يُتَسَحَّرُ بِهِ وَقِيلَ الْبَرَكَةُ مَا يُتَضَمَّنُ مِنَ الِاسْتِيقَاظِ وَالدُّعَاءِ فِي السَّحَرِ وَالْأَوْلَى أَنَّ الْبَرَكَةَ فِي السُّحُورِ تَحْصُلُ بِجِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَهِيَ اتِّبَاعُ السُّنَّةِ وَمُخَالَفَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالتَّقَوِّي بِهِ عَلَى الْعِبَادَةِ وَالزِّيَادَةُ فِي النَّشَاطِ وَمُدَافَعَةُ سُوءِ الْخُلُقِ الَّذِي يُثِيرُهُ الْجُوعُ وَالتَّسَبُّبُ بِالصَّدَقَةِ عَلَى مَنْ يَسْأَلُ إِذْ ذَاكَ أَوْ يَجْتَمِعُ مَعَهُ عَلَى الْأَكْلِ وَالتَّسَبُّبُ لِلذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَقْتَ مَظِنَّةِ الْإِجَابَةِ وَتَدَارُكُ نِيَّةِ الصَّوْمِ لِمَنْ أَغْفَلَهَا قَبْلَ أَنْ يَنَامَ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ: هَذِهِ الْبَرَكَةُ يَجُوزُ أَنْ تَعُودَ إِلَى الْأُمُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ فَإِنَّ إِقَامَةَ السُّنَّةِ يُوجِبُ الْأَجْرَ وَزِيَادَتَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَعُودَ إِلَى الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ كَقُوَّةِ الْبَدَنِ عَلَى الصَّوْمِ وَتَيْسِيرِهِ مِنْ غَيْرِ إِضْرَارٍ بِالصَّائِمِ().

تلاوة القرآن وإقامة الصلاة تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ:

{ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت: 45]

ابن كثير ().: ثُمَّ قَالَ تَعَالَى آمِرًا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَهُوَ قِرَاءَتُهُ وَإِبْلَاغُهُ لِلنَّاسِ: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} يَعْنِي: أَنَّ الصَّلَاةَ تَشْتَمِلُ عَلَى شَيْئَيْنِ: عَلَى تَرْكِ الْفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرَاتِ، أَيْ: إِنَّ مُوَاظَبَتَهَا تَحْمِلُ عَلَى تَرْكِ ذَلِكَ. وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ عِمْرَانَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: “مَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلَاتُهُ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، لَمْ تَزِدْهُ مِنَ اللَّهِ إِلَّا بُعْدًا” () .

وعَنْ جَابِرٍ -شَكَّ الْأَعْمَشُ -قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ: إِنَّ فُلَانًا يُصَلِّي فَإِذَا أصبح سرق، قال: “سينهاه (10) ما يقول” () .

الاستعانة على قيام الليل بالقيلولة:

و الاستعانة على التهجد بالنوم اول الليل:

يَا عَبْدَ اللَّهِ، كَيْفَ تَقْرَأُ القُرْآنَ؟ قَالَ: أَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا، قَالَ: فَكَيْفَ تَقْرَأُ أَنْتَ يَا مُعَاذُ؟ قَالَ: أَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ، فَأَقُومُ وَقَدْ قَضَيْتُ جُزْئِي مِنَ النَّوْمِ، فَأَقْرَأُ مَا كَتَبَ اللَّهُ لِي، فَأَحْتَسِبُ نَوْمَتِي كَمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي().

التدريب في شعبان على الاعتكاف والخلوة:

وقوله: (جاورت بحراء) أي: أقمت فيه.

وفيه دليل على أن حب الخلاء تعرضا لنفحات الخير من الله تعالى مظنة الإقبال، وأن الله جعل إنزال الوحي على رسول اللهﷺعقيب تحنثه وانفرادته().

الأجتهاد بدفع مكائد الشيطان، فاز بالنفحات الربانية:

اعلم أن من اجتهد، ودافع عن نفسه مكائد الشيطان، فاز بالنفحات الربانية، فأصبح طيّب النفس، نشيطًا، ومن تقاعس عن ذلك، ولم يجتهد، فقد وافق مراد الشيطان، وابتعد عن تلك النفحات، فأصبح خبيث النفس، كسلان. ().

التدريب على صرف زمان الكلام في الفكر والذكر:

قال الشيخ أبو حامد: وحد ما لا يعنيك في الكلام أن تتكلم بكل ما لو سكت عنه لم تأثم ولم تتضرر في حال ولا مال؛ فإنك به مضيع زمانك ومحاسب على عمل لسانك، إذ تستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؛ لأنك لو صرفت زمان الكلام في الفكر والذكر، ربما ينفتح لك من نفحات رحمة الله تعالى ما يعظم جدواه. ولو سبحت الله تعالى بنى لك بها قصرا في الجنة. ومن قدر على أن يأخذ كنزا من الكنوز فأخذ بدله مدرة لا ينتفع بها، كان خاسرا خسرانا مبينا().

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ»() .

رابعاً: الأسباب المعوقة والمعيقة لتحقيق هذا الهدف أو الأهداف:

ترك الكسل والتسويف والاستعاذة من ذلك .:

أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ وَالهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ»() .

ترك السهر والسمر بعد العشاء إلا في ما يحي به الليل:

أكل الحرام :

قال تعالى: { وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [البقرة: 188].

ابن عاشور: تَحْذِيرٌ مِنَ الْجُرْأَةِ على مُخَالفَة حكم الصِّيَامِ بِالْإِفْطَارِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الْأَكْلِ الْحَرَامِ فَعَطَفَ عَلَيْهِ أَكْلٌ آخَرُ مُحَرَّمٌ وَهُوَ أَكْلُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ، وَالْمُشَاكَلَةُ زَادَتِ الْمُنَاسَبَةَ قُوَّةً، وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ عِدَادِ الْأَحْكَامِ الْمَشْرُوعَةِ لِإِصْلَاحِ مَا اخْتَلَّ مِنْ أَحْوَالِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَلِذَلِكَ عُطِفَ عَلَى نَظَائِرِهِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ أَصْلُ تَشْرِيعٍ عَظِيمٌ لِلْأَمْوَالِ فِي الْإِسْلَامِ().

الألوسي : ولما ذكر سبحانه الصيام وما فيه عقبه بالنهي عن الأكل الحرام المفضي إلى عدم قبول عبادته من صيامه واعتكافه فقال:وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ والمراد من- الأكل- ما يعم الأخذ والاستيلاء، وعبر به لأنه أهم الحوائج- وبه يحصل إتلاف المال غالبا- والمعنى لا يأكل بعضكم مال بعض، فهو على حد وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ [الحجرات: 11] ().

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ” أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا، إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51] وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172] ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟”().

الصحبة السيئة:

قال تعالى: {يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَاوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ

جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} [الفرقان: 27 – 29].

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.