خطبة الجمعة الموافق 17 ديسمبر2021…لغة القرآن والحفاظ على الهوية
كتب\هاني حسبو.
يعرف أهل اللغة لغتنا العربية بأنها ما نطق به العرب وقال قتادة :كانت قريش تختار أفضل لغات العرب حتى صار أفضل لغاتها لغتها فنزل القرآن بها .
وللسان العربي فضل عظيم على سائر لغات العالم وذلك مما أخبرنا به القرآن وأخبرنا به نبينا العدنان صلى الله عليه وسلم.
قال الله تعالى:
“وَإِنَّهُ لَتَنزيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [سورة الشعراء:192-195].
فوصفه سبحانه بأبلغ ما يوصف به الكلام وهو البيان.
وقد خص الله سبحانه وتعالى اللسان العربي بالبيان وقدمه على جميع من توحد بخلقه فقال سبحانه:
“الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ *
ومن عظيم وشرف فضل اللغة العربية أن نزل القرآن بلسانها المبين فقال سبحانه وتعالى:
“ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين” النحل 103.
فاصطفاها الله سبحانه وتعالى لوحيه من بين لغات البشر وهذا يدل دلالة واضحة على فضل وشرف اللغة العربية.
ووصف الله عز وجل القرآن بأنه نزل بلسان عربي لا اعوجاج فيه فقال سبحانه:
(قرآناً عربياً غير ذي عوج لعلهم يتقون).الزمر 28.
فهو قرآن عربي بلسان عربي لا اعوجاج ولا انحراف ولا لبس فيه فهو بيان ووضوح وبرهان.
واللغة العربية هي لغة القرآن التي وسعت كتاب لفظا ورعاية قال الله تعالى:
(إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾
الزخرف 3
ومن عظيم فضل اللغة العربية أن أحسن القصص في القرآن مروية بأحسن اللغات قال تعالى:
“نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين” يوسف 3
وكما دل القرآن على عظيم فضل العربية جاءت السنة لتؤكد على هذه الحقيقة:
ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن الناطق بالعربية يدخل في زمرة الماهرين بالقرآن فقال عليه الصلاة والسلام:
عن عائشة رضي اللَّه عنها قالَتْ: قالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ: الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ وَهُو ماهِرٌ بِهِ معَ السَّفَرةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ، وَالَّذِي يقرَأُ القُرْآنَ ويَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُو عليهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْران متفقٌ عَلَيْهِ.
ويثاب العبد على قراءة الحديث باللغة العربية فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:
عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا شَيْئًا فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَ، فَرُبَّ مُبَلِّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ) رواه أحمد وابن ماجه والترمذي.
ووجه الدلالة أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم بالعربية وبلغه كما سمعه بالعربية.
واللغة العربية هي لغة الإيجاز والإجاز قفد ثبت ثبت عنه عليه الصلاة والسلام:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ، فَوُضِعَتْ فِي يَدِي))، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقَدْ ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْتُمْ تَنْتَثِلُونَهَا”؛ رواه الشيخان، واللفظ لمسلم في كتاب الفضائل.
واللغة العربية بنيت على أصل سحري كما قال مصطفى صادق الرافعي رحمه الله:
“إن هذه العربية بنيت على أصل سحري، يجعل شبابها خالدا عليها، فلا تهرم ولا تموت؛ لأنها أعدت من الأزل فلكا دائرا للنيرين الأرضيين العظيمين: كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن ثَم كانت فيها قوة عجيبة من استهواء كأنها آخذة السحر، لا يملك معها البليغ أن يأخذ أو يدع”
ويؤكد ذلك ما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قد جاء رجلان من الشرق فخطبا فأعجب الناس بخطابهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
“إن من البيان لسحرًا ” رواه البخاري.
ولعل من أعظم فضائل العربية أن حب العرب دين وبغضهم نفاق.
فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لسلمان:
“يا سلمان لا تبغضني فتفارق دينك. قلت: يا رسول الله وكيف أبغضك وبك هداني الله؟ قال: تبغض العرب فتبغضني).
ومما يدل أيضا على عظيم شرف العربية أن كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أما بعد: فتفقهوا في السنة، وتفقهوا في العربية، وأعربوا القرآن فإنه عربي.
وأخرج ابن أبي شيبة في ( المُصنف ) عن يحي بن يَعْمُر عن أُبي بن كعب رضي الله عنه قال : (( تعلموا العربية كما تعلمون حِفْظَ القرآن ))
ومما يزيد العربية شرفا أنها لغة أهل الجنة :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:”خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ، طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ: اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنَ المَلاَئِكَةِ، جُلُوسٌ، فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ، فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، فَقَالُوا: السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَزَادُوهُ: وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ، فَلَمْ يَزَلِ الخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ حَتَّى الآنَ”
ويستحب لنا قبل الختام أن نذكر بعض الأسباب التي تعين العبد على عل تعلم العربية والمحافظة عليها ومنها:
حفظ القرآن الكريم والمحافظة على تلاوته لذا قال الكفار قديما وحديثا:
“وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون”
ومنها حفظ السنة النبوية فهي المعين الثاني لحفظ هذا الدين فقد تكفل الله بحفظها كما تكفل بحفظ القرآن.
ومنها التكلم بها دائما حتى تصبح سجية وسليقة.
ومن الأسباب أيضا مشاهدة البرامج والأفلام الوثائقية التي تعتني باللغة العربية.
وتعد مصاحبة البلغاء والفصحاء من أعظم الوسائل لتعلم والمحافظة على اللغة العربية.
ومن أعظم الوسائل لحفظ اللغة العربية الاهتمام بحصة اللغة العربية وجعلها في أوائل الحصص والاهتمام بمعلم اللغة العربية.