احدث الاخبارالصومال

خطبة الجمعة الموافق 20 اكتوبر 2023.. ….الدفاع عن الأوطان

إعداد الدكتور عبد المنعم ابراهيم عامر.

الأسباب الدافعة لهذا الموضوع :-

أولاً: – التذكير بالأسباب المعينة على الدفاع عن الأوطان والبلاد إذا لم يكن جهاد .

ثانيًا: – التذكير بأن الدفاع عن الأوطان مطلب شرعى :عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ»() .

عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ، أَوْ دُونَ دَمِهِ، أَوْ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ»()

وعنه سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:«مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» () .

قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ جَوَازُ قَتْلِ مَنْ قَصَدَ أَخْذَ الْمَالِ بِغَيْرِ حَقٍّ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَشَذَّ مَنْ أَوْجَبَهُ .

وَقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ: لَا يَجُوزُ إِذَا طَلَبَ الشَّيْءَ الْخَفِيفَ .

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: سَبَبُ الْخِلَافِ عِنْدَنَا هَلِ الْإِذْنُ فِي ذَلِكَ مِنْ بَابِ تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ فَلَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ أَوْ مِنْ بَابِ دَفْعِ الضَّرَر فيختلف الْحَال .

وَحكى بن الْمُنْذِرِ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ مَنْ أُرِيدَ مَالُهُ أَوْ نَفْسُهُ أَوْ حَرِيمُهُ فَلَهُ الِاخْتِيَارُ أَنْ يُكَلِّمَهُ أَوْ يَسْتَغِيثَ فَإِنْ مُنِعَ أَوِ امْتَنَعَ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِتَالُهُ وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ عَنْ ذَلِكَ وَلَوْ أَتَى عَلَى نَفْسِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ عَقْلٌ وَلَا دِيَةٌ وَلَا كَفَّارَةٌ لَكِن لَيْسَ لَهُ عمد قَتله .

قَالَ بن الْمُنْذِرِ : وَالَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَدْفَعَ عَمَّا ذُكِرَ إِذَا أُرِيدَ ظُلْمًا بِغَيْرِ تَفْصِيلٍ إِلَّا أَنَّ كُلَّ مَنْ يُحْفَظُ عَنهُ من عُلَمَاء الحَدِيث كالمجمعين عَلَى اسْتِثْنَاءِ السُّلْطَانِ لِلْآثَارِ الْوَارِدَةِ بِالْأَمْرِ بِالصَّبْرِ عَلَى جَوْرِهِ وَتَرْكِ الْقِيَامِ عَلَيْهِ

حكم الدفاع عن الأوطان:

إذا داهمه عدو وجب على كل أهل البلد الدفاع عنه:

ومن الأدلة على أن الوطن المسلم إذا داهمه عدو وجب على كل أهله الدفاع عنه وصار الجهاد فرض عين عليهم، لا يجوز لأحد ترك الدفاع عن وطنه المسلم، كما هو نص الفقهاء في جميع المذاهب، وأن هذا كان في شرع من كان قبلنا حيث قال الله تعالى عن بني إسرائيل: {وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا} [البقرة: 246].

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ»().

وروى الترمذي وبقية أصحاب السنن من حديث سعيد بن زيد نحوه وفيه : (ذكر الأهل والدم والدين ) ().

فعَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ، أَوْ دُونَ دَمِهِ، أَوْ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» ().

الأسباب الأخرى للدفاع عن الأوطان بخلاف الجهاد بالسيف:

دفعه سبحانه عن أهل العصيان بأهل الطاعة بوجه عام وبهذا ونحوه ندافع عن الأوطان:

قَالَ ابْنُ رجب: وقد قيل في تأويل قوله تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [البقرة: 251] أنه يدخل فيها دفعه عن العصاة بأهل الطاعة .

وجاء في الأثر: (أن الله يدفع بالرجل الصالح عن أهله وولده وذريته ومن حوله) .

وفي بعض الآثار يقول الله عز وجل: “أحب العباد إلي المتحابون بجلالي المشاؤن في الأرض بالنصيحة الماشون على أقدامهم إلى الجمعات”

وفي روايــة: “المتعلقة قلوبهم بالمساجد والمستغفرون بالأسحار فإذا أردت إنزال عذاب بأهل الأرض فنظرت إليهم صرفت العذاب عن الناس”().

ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ مُجَاهَدَةِ الشَّيَاطِينِ، عِنْدَ تَزْيِينِهِمْ لَهُ الْمَعَاصِي كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مُجَاهَدَةُ أَعْدَاءِ اللَّهِ الْكَفَرَةِ:

فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي اللَّهِ»().

أثر المداومة على ذكر الله بوجه عام في الدفاع عن الأوطان

الذكر الرافـــــع والدافـــــــع :

قال تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (36) وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ} [الزمر: 36، 37]

وقال تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173]

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ أُلْقي فِي النَّارِ وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ ﷺ حِينَ قَالُوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}().

الاستغفـــــــــــــــــــــــار:

وقال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: 33].

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ فِيهِمْ أَمَانَانَ: النَّبِيُّ ﷺ ، وَالِاسْتِغْفَارُ، فَذَهَبَ النَّبِيُّ ﷺ وبقي الاستغفار()..

وقال مكحول: ما دام في الناس خمسة عشر يستغفر كل منهم كل يوم خمسا وعشرين مرة لم يهلكوا بعذاب عامة والآثار في هذا المعنى كثيرة جدا ().

اللَّهَ تَعَالَى مَعَ الذَّاكِرِينَ بِالْقُرْبِ وَالْوِلاَيَةِ وَالنَّصْرِ وَالْمَحَبَّةِ وَالتَّوْفِيقِ:

قَال اللَّهُ تَعَالَى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [البقرة: 152]. وَقَال: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: 67]

وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: ( يَقُول اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإَ ذَكَرْتُهُ فِي مَلأَ خَيْرٍ مِنْهُمْ ) () .

قَال صَاحِبُ نُزُل الأْبْرَارِ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَعَ الذَّاكِرِينَ بِالْقُرْبِ وَالْوِلاَيَةِ وَالنَّصْرِ وَالْمَحَبَّةِ وَالتَّوْفِيقِ، وَأَنَّهُ يَذْكُرُ مَنْ ذَكَرَهُ، وَمَنْ نَسِيَ اللَّهَ نَسِيَهُ وَأَنْسَاهُ نَفْسَهُ. ().

جهاد الأعداء بالنفس والمال واللسان:

عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ»().

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ أُنْزِلَ فِي الشِّعْرِ مَا قَدْ أُنْزِلَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ يُجَاهِدُ بِسَيْفِهِ وَلِسَانِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَكَأَنَّمَا تَرْمُونَهُمْ نَضْحَ النَّبْلِ»().

أثر تعاهد الصدقات وإخراج الزكوات في الدفاع على الأوطان:

الصدقة تدفع ميتة السوء

عَنْ رَافِعِ بْنِ مَكِيثٍ – وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ – أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «حُسْنُ الْخُلُقِ نَمَاءٌ، وَسُوءُ الْخُلُقِ شُؤْمٌ، وَالْبِرُّ زِيَادَةٌ فِي الْعُمُرِ، وَالصَّدَقَةُ تَمْنَعُ مِيتَةَ السَّوْءِ»().

الصَّدَقَةَ لَتُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ الصَّدَقَةَ لَتُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ وَتَدْفَعُ مِيتَةَ السُّوءِ»().

بصلاح المعاملات والحفاظ على عهد الله:

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ، فَقَالَ: ” يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ، وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ، وَعَهْدَ رَسُولِهِ، إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ، إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ “().

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أسباب الدفاع عن الأوطان:

ومن أسباب العافية والسلامة من كل سوء , مبادرة ولاة الأمور بالأخذ على أيدي السفهاء , وإلزامهم بالحق، وتحكيم شرع الله فيهم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال عز وجل: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ‌يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 71] وقال عز وجل: ﴿‌وَلَيَنْصُرَنَّ ‌اللَّهُ ‌مَنْ ‌يَنْصُرُهُ ‌إِنَّ ‌اللَّهَ ‌لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٤٠) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (٤١)﴾ [الحج: 40-41] ، والآيات في هذا المعنى كثيرة ” انتهى. ().

عن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: ” مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا “().

قَالَ الْمُهَلَّبُ: وَغَيْرُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَعْذِيبُ الْعَامَّةِ بِذَنْبِ الْخَاصَّةِ .

وَفِيهِ اسْتِحْقَاقُ الْعُقُوبَةِ بِتَرْكِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَتبيين الْعَالِمِ الْحُكْمَ بِضَرْبِ الْمَثَلِ ().

الأعمال الصالحة تفرج الكروب:

عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما-: عن رسول الله ﷺ أنّه قال: «بينما ثلاثة نفر يتمشّون أخذهم المطر. فأووا إلى غار في جبل.فانحطّت على فم غارهم صخرة من الجبل. فانطبقت عليهم. فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمالا عملتموها صالحة لله، فادعوا الله تعالى بها، لعلّ الله يفرجها عنكم … الحديث) () .

وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ؛لأنه: ( إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ ):

وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ؛لأنه إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ ﷺ فِي مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ القَوْمَ، جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُحَدِّثُ، فَقَالَ بَعْضُ القَوْمِ: سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قَالَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ لَمْ يَسْمَعْ، حَتَّى إِذَا قَضَى حَدِيثَهُ قَالَ: «أَيْنَ – أُرَاهُ – السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ» قَالَ: هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَإِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ»، قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا؟ قَالَ: «إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ»().

وفي لفظ: «إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ»().

قَالَ بن حجر: وَالْمُرَادُ مِنَ الْأَمْرِ جِنْسُ الْأُمُورِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ كَالْخِلَافَةِ وَالْإِمَارَةِ وَالْقَضَاءِ وَالْإِفْتَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

قَالَ بن بَطَّالٍ: مَعْنَى أُسْنِدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ أَنَّ الْأَئِمَّةَ قَدِ ائْتَمَنَهُمُ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ وَفَرَضَ عَلَيْهِمُ النَّصِيحَةَ لَهُمْ فَيَنْبَغِي لَهُمْ تَوْلِيَةُ أَهْلِ الدِّينِ فَإِذَا قَلَّدُوا غَيْرَ أَهْلِ الدِّينِ فَقَدْ ضَيَّعُوا الْأَمَانَةَ الَّتِي قَلَّدَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى إِيَّاهَا().

قَالَ بن حجر ():وَمُنَاسَبَةُ هَذَا الْمَتْنِ لِكِتَابِ الْعِلْمِ أَنَّ إِسْنَادَ الْأَمْرِ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ إِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ غَلَبَةِ الْجَهْلِ وَرَفْعِ الْعِلْمِ وَذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَشْرَاطِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْعِلْمَ مَا دَامَ قَائِمًا فَفِي الْأَمْرِ فُسْحَةٌ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ إِلَى أَنَّ الْعِلْمَ إِنَّمَا يُؤْخَذُ عَنِ الْأَكَابِرِ تَلْمِيحًا لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الْجُمَحِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ : (مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُلْتَمَسَ الْعِلْمُ عِنْدَ الْأَصَاغِرِ ) ().

3- اختيارُ الأتقن والأمهر في كل شئ من أمور الدين والدنيا:

للصلاة :اختيارُ الأقرأ:

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ، وَأَحَقُّهُمْ بِالْإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ»().

عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ…»().

قَالَ النووي : فِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ يَقُولُ بِتَقْدِيمِ الْأَقْرَأِ عَلَى الْأَفْقَهِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ وَبَعْضِ أَصْحَابِنَا .

وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا : الْأَفْقَهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَقْرَأِ لِأَنَّ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْقِرَاءَةِ مَضْبُوطٌ وَالَّذِي يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْفِقْهِ غَيْرُ مَضْبُوطٍ وَقَدْ يَعْرِضُ فِي الصَّلَاةِ أَمْرٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى مُرَاعَاةِ الصَّوَابِ فِيهِ إِلَّا كَامِلُ الْفِقْهِ قَالُوا وَلِهَذَا قَدَّمَ النَّبِيُّ ﷺ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْبَاقِينَ مَعَ أَنَّهُ ﷺ نَصَّ عَلَى أَنَّ غَيْرَهُ أَقْرَأُ مِنْهُ وَأَجَابُوا عَنِ الْحَدِيثِ بِأَنَّ الْأَقْرَأَ مِنَ الصَّحَابَةِ كَانَ هُوَ الْأَفْقَهُ لَكِنَّ فِي قَوْلِهِ: ( فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ) دَلِيلٌ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَقْرَأِ مُطْلَقًا().

الأسباب الأخرى المضيعة للأوطان بخلاف ترك الجهاد بالسيف:

اولا:- ضياع الأوطان داخلياً وخارجيًا بالعصيان:

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ َ، فَقَالَ: ” يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ، وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ، وَعَهْدَ رَسُولِهِ، إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ، إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ ” () .

قَوْلُهُ: (إِذَا ابْتُلِيتُمْ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَالْجَزَاءُ مَحْذُوفٌ، أَيْ: فَلَا خَبَرَ (لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ) أَيِ: الزِّنَا (بِالسِّنِينَ) أَيْ: بِالْقَحْطِ (مُنِعُوا الْقَطْرَ) مُنِعُوا عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَالْقَطْرُ بِالسُّكُونِ الْمَطَرُ وَهُوَ بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ ثَانٍ (لَمْ يُمْطَرُوا) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (عَهْدُ اللَّهِ) هُوَ مَا جَرَى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَهْلِ الْحَرْبِ، ().

ثانيا:- التحلي بصفات و أوصاف الهمج الرعاع الفوضويون الغثاء :

1: – ليسوا علماء،ولا طلاب علم:

أ- قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ، وَهُوَ يَقُولُ: «الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا، إِلَّا ذِكْرَ اللَّهِ، وَمَا وَالَاهُ، أَوْ عَالِمًا، أَوْ مُتَعَلِّمًا»().

ب- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا مَا كَانَ فِيهَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وَالْعَالِمُ وَالْمُتَعَلِّمُ شَرِيكَانِ فِي الْأَجْرِ، وَسَائِرُ النَّاسِ هَمَجٌ لَا خَيْرَ فِيهِ» ().

ج- قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: «الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ وَمَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا ذِكْرَ اللَّهِ وَمَا آوَى إِلَيْهِ، وَالْعَالِمُ وَالْمُتَعَلِّمُ فِي الْخَيْرِ شَرِيكَانِ وَسَائِرُ النَّاسِ هَمَجٌ لَا خَيْرَ فِيهِمْ» ().

د- عَنْ كَعْبٍ قَالَ: «الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا مُتَعَلِّمَ خَيْرٍ أَوْ مُعَلِّمَهُ»().

قَوْلُهُ: ( إِنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ) أَيْ مَبْغُوضَةٌ مِنَ اللَّهِ لِكَوْنِهَا مُبْعَدَةً عَنِ اللَّهِ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا أَيْ مِمَّا يُشْغِلُ عَنِ اللَّهِ إِلَّا ذِكْرُ اللَّهِ بِالرَّفْعِ وَمَا وَالَاهُ أَيْ أَحَبَّهُ اللَّهُ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَأَفْعَالِ الْقُرْبِ أَوْ مَعْنَاهُ مَا وَالَى ذِكْرَ اللَّهِ أَيْ قَارَبَهُ مِنْ ذِكْرِ خَيْرٍ أَوْ تَابَعَهُ مِنِ اتِّبَاعِ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ لِأَنَّ ذِكْرَهُ يُوجِبُ ذَلِكَ.

قَالَ الْمُنَاوِيُّ : قَوْلُهُ: ( مَلْعُونَةٌ ) أَيْ مَتْرُوكَةٌ مُبْعَدَةٌ مَتْرُوكٌ مَا فِيهَا أَوْ مَتْرُوكَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَصْفِيَاءِ كَمَا فِي خَبَرِ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الْآخِرَةُ

وَقَالَ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ لِأَنَّهَا غَرَّتِ النُّفُوسَ بِزَهْرَتِهَا وَلَذَّتِهَا فَأَمَالَتْهَا عَنِ الْعُبُودِيَّةِ إِلَى الْهَوَى وَقَالَ بَعْدَ ذِكْرِ قَوْلِهِ : (وَعَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا) أَيْ هِيَ وَمَا فِيهَا مُبْعَدٌ عَنِ اللَّهِ إِلَّا الْعِلْمُ النَّافِعُ الدَّالُّ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا فَاللَّعْنُ وَقَعَ عَلَى مَا غَرَّ مِنَ الدُّنْيَا لَا عَلَى نَعِيمِهَا وَلَذَّتِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ تَنَاوَلَهُ الرُّسُلُ وَالْأَنْبِيَاءُ انْتَهَى().

2- إمعــــه:

أ- عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ” لَا تَكُونُوا إِمَّعَةً، تَقُولُونَ: إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا، وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ، إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَا تَظْلِمُوا “().

ب- عَنْ زِرٍّ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «اغْدُ عَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا وَلَا تَغْدُ إِمَّعَةً بَيْنَ ذَلِكَ» قَالَ أَبُو يُوسُفَ، قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ: «الْإِمَّعَةُ أَهْلُ الرَّأْيِ»().

وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَا يَكُونَنَّ أَحَدُكُمْ إِمَّعَةً، قَالُوا: وَمَا الْإِمَّعَةُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: تَقُولُ: إِنَّمَا أَنَا مَعَ النَّاسِ، إِنِ اهْتَدَوُا اهْتَدَيْتُ، وَإِنْ ضَلُّوا ضَلَلْتُ، أَلَا لَيُوَطِّنَنَّ أَحَدُكُمْ نَفْسَهُ، عَلَى أَنْ كَفَرَ النَّاسُ أَنْ لَا يَكْفُرَ. ().

ج-أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ، قَالَ: «كُنْ عَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا، أَوْ مُحِبًّا أَوْ مُتَّبِعًا، وَلَا تَكُنِ الْخَامِسَ فَتَهْلِكَ» قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ: وَمَا الْخَامِسُ؟ قَالَ: الْمُبْتَدِعُ “().

وَقَالَ صَاحِبُ الْفَائِقِ في معنى الإمعة: هُوَ الَّذِي يُتَابِعُ كُلَّ نَاعِقٍ وَيَقُولُ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنَا مَعَكَ لِأَنَّهُ لَا رَأْيَ لَهُ يَرْجِعُ إِلَيْهِ

وَمَعْنَاهُ الْمُقَلِّدُ الَّذِي يَجْعَلُ دِينَهُ تَابِعًا لِدِينِ غَيْرِهِ بِلَا رُؤْيَةٍ وَلَا تَحْصِيلِ بُرْهَانٍ انتهى كلامه وَقِيلَ الْمُرَادُ هُنَا الَّذِي يَقُولُ أَنَا مَعَ النَّاسِ كَمَا يَكُونُونَ مَعِي إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ وَإِنْ شَرًّا فشر

قال القارىء : وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْمُتَعَيَّنُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (تَقُولُونَ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ) أَيْ إِلَيْنَا أَوْ إِلَى غَيْرِنَا (أَحْسَنَّا) أَيْ جَزَاءً أَوْ تَبَعًا لَهُمْ (وَإِنْ ظَلَمُوا) أَيْ ظَلَمُونَا أَوْ ظَلَمُوا غَيْرَنَا فَكَذَلِكَ نَحْنُ (ظَلَمْنَا) عَلَى وَفْقِ أَعْمَالِهِمْ.

قَالَ الطِّيبِيُّ: قَوْلُهُ: ( تَقُولُونَ إِلَخْ) بَيَانٌ وَتَفْسِيرٌ لِلْإِمَّعَةِ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ إِنْ أَحْسَنَ الناس وإن ظلموا أنا مقلد الناس في إحسانهم وظلمهم ومقتفي أَثَرَهُمْ (وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَخْ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: تَوْطِينُ النَّفْسِ تَمْهِيدُهَا وَتَوَطُّنُهَا تَمَهُّدُهَا انْتَهَى

وَفِي “الْمُنْجِدِ”: وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى الْأَمْرِ وَلِلْأَمْرِ هَيَّأَهَا لِفِعْلِهِ وَحَمَلَهَا عَلَيْهِ انْتَهَى ().

حُبُّ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ:

يصدق فيهم قوله ﷺ (غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ(بِالضَّمِّ وَالْمَدِّ وَبِالتَّشْدِيدِ أَيْضًا مَا يَحْمِلُهُ السَّيْلُ مِنْ زَبَدٍ وَوَسَخٍ شَبَّهَهُمْ بِهِ لِقِلَّةِ شَجَاعَتِهِمْ وَدَنَاءَةِ قَدْرِهِمْ().

فعَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا»، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: «بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ»، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: «حُبُّ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ»().

من الأسباب المعينة على الدفاع عن الأوطان:

1- التخلق بخلق النبي ﷺ ولاسيما الشجاعة وكان ﷺ في الحرب أشجع الناس:

عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ المَدِينَةِ لَيْلَةً، فَخَرَجُوا نَحْوَ الصَّوْتِ، فَاسْتَقْبَلَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ وَقَدْ اسْتَبْرَأَ الخَبَرَ، وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ، وَفِي عُنُقِهِ السَّيْفُ، وَهُوَ يَقُولُ: «لَمْ تُرَاعُوا، لَمْ تُرَاعُوا» ثُمَّ قَالَ: «وَجَدْنَاهُ بَحْرًا» أَوْ قَالَ: «إِنَّهُ لَبَحْرٌ»() .

2- الصحبة الطيبة:

عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: ” مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ، كَحَامِلِ المِسْكِ وَنَافِخِ الكِيرِ، فَحَامِلُ المِسْكِ: إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ: إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً “() .

3- إياك وصحبة البطالين فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ»() .

4-النظر الى ما عند الله من أجر من محبة الله لمن حافظ على وطنه كما تقدم أن قتل في سبيل الدفاع عن ماله فهو شهيد .

5- قراءة سيرة الذين أعطو العمل والوطن حقه من النبيين والسلف الصالحين والتابعين وغيرهم.

6- التدريب المستمر على الدفاع عن الوطن:

عَنْ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ، قَالَ: «الْخَيْرُ عَادَةٌ، وَالشَّرُّ لَجَاجَةٌ، مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» ().

7- الدعاء للوطن:

أ- عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: ذَكَرَ النَّبِيُّ ﷺ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَأْمِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَفِي نَجْدِنَا؟ قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَأْمِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَفِي نَجْدِنَا؟ فَأَظُنُّهُ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: «هُنَاكَ الزَّلاَزِلُ وَالفِتَنُ، وَبِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ»() .

ب- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ، قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مِكْيَالِهِمْ، وَبَارِكْ لَهُمْ فِي صَاعِهِمْ، وَمُدِّهِمْ» يَعْنِي أَهْلَ المَدِينَةِ»() .

الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعُ عِنْدَ نُزُولِ الْفِتْنَةِ لِتُكْشَفَ أَوْ يَسْلَمَ الدَّاعِي وَمَنْ دَعَا لَهُ:

1- عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ ﷺ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ، مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الفِتَنِ، وَمَاذَا فُتِحَ مِنَ الخَزَائِنِ، أَيْقِظُوا صَوَاحِبَاتِ الحُجَرِ، فَرُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ»().

وَفِي الْحَدِيثِ النَّدْبُ إِلَى الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعُ عِنْدَ نُزُولِ الْفِتْنَةِ وَلَا سِيَّمَا فِي اللَّيْلِ لِرَجَاءِ وَقْتِ الْإِجَابَةِ لِتُكْشَفَ أَوْ يَسْلَمَ الدَّاعِي وَمَنْ دَعَا لَهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق().

2- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ – ﷺ – قَالَ: «مَهْلًا ; فَإِنَّ اللَّهَ – تَبَارَكَ وَتَعَالَى – شَدِيدُ الْعِقَابِ، فَلَوْلَا صِبْيَانٌ رُضَّعٌ، وَرِجَالٌ رُكَّعٌ، وَبَهَائِمُ رُتَّعٌ، صُبَّ عَلَيْكُمُ الْعَذَابُ صَبًّا – أَوْ أُنْزِلَ عَلَيْكُمُ الْعَذَابُ -»

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «لَوْلَا شَبَابٌ خُشَّعٌ، وَشُيُوخٌ رُكَّعٌ، وَأَطْفَالٌ رُضَّعٌ، وَبَهَائِمُ رُتَّعٌ، لَصُبَّ عَلَيْكُمُ الْعَذَابُ صَبًّا، ثُمَّ لَرَضَّ رَضًّا “. وَقَالَ: ” مَهْلًا عَنِ اللَّهِ مَهْلًا»

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.