خطبة الجمعة الموافق 25 مارس2022….عناية الدين بالمسنين وبر الوالدين بركة الدارين
إعداد\الدكتور عبد المنعم إبراهيم عامر.
يُطْلَقُ مصطلح العمر الثالث للإنسان أو المرحلة الثالثة في حياة الإنسان في هذا الكتاب على مرحلة “الضعف الثاني” بعد مرحلة الرشد أو القوة، كما يحددها القرآن الكريم بقوله تعالى: { ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً} [الروم: 54]
هذه المرحلة من النموِّ تتسم بالتدهور والهبوط والضعف الذي يحدث في جميع جوانب حياة الإنسان, وهي مرحلة يشترك فيها الإنسان مع الحيوان؛ فالتغيرات التي تطرأ على جلد الإنسان وشعره وقامته وقوة عضلاته ونشاطه وكفاءته في الاستجابة, نكاد نَجِدُ ما يناظرها عند الحيوان عندما يدخل في طور الشيخوخة, ومع ذلك فإن هذا المرحلة في حياة الإنسان تتسم بالدينامية والتفاعل كغيرها من مراحل حياته، وتمر بتحديات التكيُّف ومشكلات التوافق التي تحتاج إلى المعالجة, حتى يمكن للمرء أن يستمر في حياته
ومما ثبت في فضل هذه المرحلة لمن كان عمله صالحا:
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ خَيْرُ النَّاسِ؟ قَالَ: «مَنْ طَالَ عُمُرُهُ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ رواه الترمذي وصححه الألباني.
و عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “أَعْذَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى امْرِئٍ أخَّر عُمْرَهُ حَتَّى بَلَّغَه سِتِّينَ سَنَةً“رواه البخاري.
وقد حث الشرع على تكبير الكبير وإكرامه
عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَسَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ أَتَيَا خَيْبَرَ، فَتَفَرَّقَا فِي النَّخْلِ، فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ، فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وَحُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَكَلَّمُوا فِي أَمْرِ صَاحِبِهِمْ، فَبَدَأَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَكَانَ أَصْغَرَ القَوْمِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَبِّرِ الكُبْرَ».رواه البخاري ومسلم.
وقد طبق سلفنا الصالح هذا الأدب تطبيقا عمليا:
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَخْبِرُونِي بِشَجَرَةٍ مَثَلُهَا مَثَلُ المُسْلِمِ، تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا، وَلاَ تَحُتُّ وَرَقَهَا» فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ، وَثَمَّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَلَمَّا لَمْ يَتَكَلَّمَا، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هِيَ النَّخْلَةُ»، فَلَمَّا خَرَجْتُ مَعَ أَبِي قُلْتُ: يَا أَبَتَاهُ، وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، قَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُولَهَا، لَوْ كُنْتَ قُلْتَهَا كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: مَا مَنَعَنِي إِلَّا أَنِّي لَمْ أَرَكَ وَلاَ أَبَا بَكْرٍ تَكَلَّمْتُمَا فَكَرِهْتُ .رواه البخاري ومسلم.
وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِإِيرَادِهِ إِلَى أَنَّ تَقْدِيمَ الْكَبِيرِ حَيْثُ يَقَعُ التَّسَاوِي أَمَّا لَوْ كَانَ عِنْدَ الصَّغِيرِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْكَبِيرِ فَلَا يُمْنَعُ مِنَ الْكَلَامِ بِحَضْرَةِ الْكَبِيرِ لِأَنَّ عُمَرَ تَأَسَّفَ حَيْثُ لَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَدُهُ مَعَ أَنَّهُ اعْتَذَرَ لَهُ بِكَوْنِهِ بِحُضُورِهِ وَحُضُورِ أَبِي بَكْرٍ وَمَعَ ذَلِكَ تأسف على كَونه لم يتَكَلَّم.
وعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ».رواه أبو داوود.
عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: رَأَى سَعْدٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ لَهُ فَضْلًا عَلَى مَنْ دُونَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ.رواه البخاري.
بل إن معرفةُ حقِ الكبيرِ مِنَ التَّعْظِيمِ وَالتَّبْجِيلِ من أصل أخلاقنا
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، – يَرْوِيهِ قَالَ: ابْنُ السَّرْحِ – عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا فَلَيْسَ مِنَّا.رواه أبو داوود وصححه الألباني.
وقد أرشدنا الشرع إلى أهمية اغتنام الشباب لينفع المرء ذلك في كبره :
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ: ” اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاءَكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ. رواه الحاكم.
رعاية المسنين من أخلاق النبيين :وقول الله تعالى :{ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90]
ومنها
– رعاية إسماعيل لإبراهيم – عليه السلام- الشيخ الكبير:
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمَّا كَانَ بَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَبَيْنَ أَهْلِهِ مَا كَانَ، خَرَجَ بِإِسْمَاعِيلَ وَأُمِّ إِسْمَاعِيلَ ….وفيه قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ بَدَا لِإِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ لِأَهْلِهِ: إِنِّي مُطَّلِعٌ تَرِكَتِي، فَجَاءَ فَوَافَقَ إِسْمَاعِيلَ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ يُصْلِحُ نَبْلًا لَهُ، فَقَالَ: يَا إِسْمَاعِيلُ، إِنَّ رَبَّكَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ لَهُ بَيْتًا، قَالَ: أَطِعْ رَبَّكَ، قَالَ: إِنَّهُ قَدْ أَمَرَنِي أَنْ تُعِينَنِي عَلَيْهِ، قَالَ: إِذَنْ أَفْعَلَ، أَوْ كَمَا قَالَ: قَالَ فَقَامَا فَجَعَلَ إِبْرَاهِيمُ يَبْنِي، وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الحِجَارَةَ وَيَقُولاَنِ: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ} [البقرة: 127]. قَالَ: حَتَّى ارْتَفَعَ البِنَاءُ، وَضَعُفَ الشَّيْخُ عَنْ نَقْلِ الحِجَارَةِ، فَقَامَ عَلَى حَجَرِ المَقَامِ، فَجَعَلَ يُنَاوِلُهُ الحِجَارَةَ وَيَقُولاَنِ: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ} [البقرة: 127].رواه البخاري.
ومنها:
– استعطاف واستشفاع إخوة يوسف له بكبر سن أبيهم
قَالُوا يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 78]
و من حثيات سقيا موسى للمرأتين أن أبوهما شيخ كبير :
{وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} [القصص: 23]
ومن عناية الدين بالمسنين أن الشرع قد يسر عليهم في باب العبادات ومنها أنهم يصلون عل حسب حالهم :
عن عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْب” رواه البخاري.
وأمر الإمام أن يخفف من الصلاة من أجله :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ، فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ مِنْهُمُ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالكَبِيرَ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شاء. رواه البخاري ومسلم.
ولَقَدْ خَفَّفَ الشَّارِعُ عَنِ الشَّيْخِ الْهَرَمِ، فَخَصَّهُ بِجَوَازِ إِخْرَاجِ الْفِدْيَةِ بَدَلاً عَنِ الصِّيَامِ الَّذِي عَجَزَ عَنْ أَدَائِهِ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنَ الْمَشَقَّةِ، وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لاَ يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ، وَنَقَل ابْنُ الْمُنْذِرِ الإْجْمَاعَ عَلَيْهِ وَأَنَّ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ إِذَا كَانَ الصَّوْمُ يُجْهِدُهُ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ مَشَقَّةً شَدِيدَةً .
وقد أباح الشرع الحج عن الشيخ الكبير:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ الفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمٍ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبِي أَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللَّهِ فِي الحَجِّ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى ظَهْرِ البَعِيرِ، قَالَ: «حُجِّي عَنْهُ.رواه مسلم وغيره.
وقد كان النبي يتعوذ من أرذل العمر:
فعَن عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ الأَوْدِيَّ، قَالَ: كَانَ سَعْدٌ يُعَلِّمُ بَنِيهِ هَؤُلاَءِ الكَلِمَاتِ كَمَا يُعَلِّمُ المُعَلِّمُ الغِلْمَانَ الكِتَابَةَ وَيَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْهُنَّ دُبُرَ الصَّلاَةِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ»([1]) .، فَحَدَّثْتُ بِهِ مُصْعَبًا فَصَدَّقَهُ
رواه البخاري.
وبر الوالدين له ثمار طيبة حسنة في الدنيا والآخرة؛ فالبر بالوالدين يكون سببًا في إجابة الدعوة كما ورد في الحديث الصحيح في قصة الثلاثة؛ أما قصة الثلاثة الذين كانوا في الغار فمشهورة محفوظة عند الجميع، وقوله فى حديث الغار بعضهم لبعض: ” انظروا أعمالاً عملتموها صالحة لله فادعوا الله بها “: فيه جواز القرب إلى الله تعالى بما علم العبد أنه أخلصه من عمل صالح ومناجاته تعالى بذلك. وفيه فضل بر الوالدين.
فإليكم قصة أويس القرني:
عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ، أَنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ وَفَدُوا إِلَى عُمَرَ، وَفِيهِمْ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ يَسْخَرُ بِأُوَيْسٍ، فَقَالَ عُمَرُ: هَلْ هَاهُنَا أَحَدٌ مِنَ الْقَرَنِيِّينَ؟ فَجَاءَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ: «إِنَّ رَجُلًا يَأْتِيكُمْ مِنَ الْيَمَنِ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ، لَا يَدَعُ بِالْيَمَنِ غَيْرَ أُمٍّ لَهُ، قَدْ كَانَ بِهِ بَيَاضٌ، فَدَعَا اللهَ فَأَذْهَبَهُ عَنْهُ، إِلَّا مَوْضِعَ الدِّينَارِ أَوِ الدِّرْهَمِ، فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُمْ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ».
وقول النبى – عليه الصلاة والسلام – فيه: ” له والدة، هو بها بر، لو أقسم على الله لأبره “: إشارة إلى إجابة دعوته وعظيم مكانته عند ربه، وأنه لا يخيب أمله فيه، ولا يكذب ظنه به، ولا يرد دعوته ورغبته وعزيمته وقسمه فى سؤاله بصدق توكله عليه وتفويضه إليه، وقيل: معنى ” أقسم على الله “: وعى، و” أبره ”
وبر الوالدين يزيد العمر:
عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُمِدَّ اللَّهُ فِي عُمْرِهِ، وَيَزِيدَ فِي رِزْقِهِ، فَلْيَبَرَّ وَالِدَيْهِ، وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ رواه أحمد.
ومن بركة بر الوالدين أنها سبب في بر الأبناء:
وَعَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بروا آبَاءَكُم تبركم أبناؤكم وعفوا تعف نِسَاؤُكُمْ رواه الطبراني.
ومن بركةُ بِرِ الْوَالِدَيْنِ أنه يَجعل لصاحبه نورا ولا يطفأ الله نوره:
عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «احفظ ودّ أبيك لا تقطعه فيطفأ الله نورك»رواه البخاري في الأدب المفرد.
بركةُ بِرِ الْوَالِدَيْنِ وأنه يكفرُ الذنوبَ العظيمةَ:
عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنّ رجلا أتى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، إنّي أصبت ذنبا عظيما فهل لي توبة؟
قال: «هل لك من أمّ؟» قال:لا.
قال: «هل لك من خالة؟» قال: نعم.
قال: «فبرّها» رواه الترمذي.
وقال الإمام أحمد- رحمه الله-: «برّ الوالدين كفّارة الكبائر»
مَا جَاءَ فِي دَعْوَةِ الوَالِدَيْنِ من بركات :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْوَالِدِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ . رواه أبو داوود والترمذي وغيرهما.
ومن عظيم فضل برالوالدين:
أَنَّ بِرَّ الْوَالِدِ قَدْ يَكُونُ أَفْضَلَ مِنَ الْجِهَادِ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُجَاهِدُ؟ قَالَ: «لَكَ أَبَوَانِ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ»” رواه البخاري ومسلم.
بِرُّ الْوَالِدَيْنِ كما كان بركة الدار الدنيا وعمارتها وسعة رزقها كان بركة الدار الأخرة وهو سبب أيما سبب في دخول الجنة من أخير الأبواب
فعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ، أَنَّ جَاهِمَةَ، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَغْزُوَ وَجِئْتُ أَسْتَشِيرُكَ فَقَالَ: «أَلَكَ وَالِدَةٌ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «اذْهَبْ فَالْزَمْهَا فَإِنَّ الْجَنَّةَ عِنْدَ رِجْلَيْهَا».