احدث الاخبارالصراط المستقيم

خطبة الجمعة الموافق 3مارس2023…….من صور الإستجابة لله وَللرَّسُول ﷺ

إعداد الدكتور عبد المنعم ابراهيم عامر.

الدافع للحديث عن هذا الموضوع عدة أمور منها:

للقيام بواجب الاستجابة لله والرسول وإفراغ العهدة والذمة منه.

الوقوف على فضائل وفوائد الإستجابة لله وللرسول سواء كانت هذه الفائدة هي حياة القلوب بل والأبدان أو الهداية الى الرشد قولاً وعملاً.

الوقوف على أضرار الإعراض وعدم الاستجابة لله وللرسول والتي منها:

دليل نقص الإيمان وسفاهة الأحلام

يحمل وزرًا يوصّله إلى النّار.

قسوة القلب المبعده عن الله وعن النّاس .

من أسباب غضب الله.

دليل الكبر والحسد وهما الدّافعان إليه في العادة.

ومن أَعْرَضَ أَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ.

قيّض له شيطان.

الوقوف على نماذج سلفية في سرعة الإستجابة لله وللرسول حتى يتسنى لنا الامتثال والتدريب على هذه النماذج وهذا المثال.

وللوقوف على الأسباب المعينة على الإستجابة لله وللرسول.

الإستجابة في القرآن الكريم:

الأمر بالاستجابة لله وللرسول ﷺ و وجوب إجابته:

وعلى ذلك أدلة منها:

قال تعالى:{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [الأنفال: 24

 

قال تعالى:{ اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ (47) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا } [الشورى: 47، 48]

استجيبوا – أيها الناس – لربكم بالمسارعة إلى امتثال أوامره واجتناب نواهيه، وترك التسويف، من قبل أن يأتي يوم القيامة الذي إذا جاء لا دافع له، ما لكم من ملجأ تلجؤون إليه، وما لكم من إنكار تنكرون به ذنوبكم التي اكتسبتموها في الدنيا.().

﴿يَاقَوْمَنَا ‌أَجِيبُوا ‌دَاعِيَ ‌اللَّهِ ‌وَآمِنُوا ‌بِهِ ‌يَغْفِرْ ‌لَكُمْ ‌مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الأحقاف: 31] يا قومنا، أجيبوا محمدًا إلى ما دعاكم إليه من الحق، وآمنوا أنه رسول من ربه، يغفر لكم الله ذنوبكم، ويسلّمكم من عذاب موجع ينتظركم إذا لم تجيبوه إلى ما دعاكم إليه من الحق، ولم تؤمنوا أنه رسول من ربه

جزاء المستجيبين وفضلهم:

﴿‌يَسْتَبْشِرُونَ ‌بِنِعْمَةٍ ‌مِنَ ‌اللَّهِ ‌وَفَضْلٍ ‌وَأَنَّ ‌اللَّهَ ‌لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (١٧١) الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٢)﴾ [آل عمران: 171-172] ويفرحون مع هذا بثواب كبير ينتظرهم من الله، وزيادة على الثواب عظيمة، وأنه تعالى لا يُبْطل أجر المؤمنين به، بل يوفيهم أجورهم كاملة، ويزيدهم عليها. ().

﴿لِلَّذِينَ ‌اسْتَجَابُوا ‌لِرَبِّهِمُ ‌الْحُسْنَى ‌وَالَّذِينَ ‌لَمْ ‌يَسْتَجِيبُوا ‌لَهُ ‌لَوْ ‌أَنَّ ‌لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ [الرعد: 18] للمؤمنين الذين أجابوا ربهم لما دعاهم لتوحيده وطاعته المثوبة الحسنى وهي الجنة، والكفار الذين لم يجيبوا دعوته إلى توحيده وطاعته لو اتفق أن لهم ما في الأرض من أنواع المال، ولهم مثله مضافًا إليه؛ لبذلوا كل ذلك فداءً لأنفسهم من العذاب، أولئك الذين لم يجيبوا دعوته يحاسبون على سيئاتهم كلها، ومسكنهم الذي يأوون إليه جهنم، وساء فراشهم ومستقرهم الذي هو النار.

﴿وَالَّذِينَ ‌يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (٣٧) وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣٨)﴾ [الشورى: 37-38] والذين يبتعدون عن كبائر الذنوب وقبائحها، وإذا غضبوا ممن أساء إليهم بالقول أو الفعل يغفرون له زلته، ولا يعاقبونه عليها، وهذا العفو تفضل منهم إذا كان فيه خير ومصلحة.

استجابة الله سبحانه لدعاء عباده

﴿وَإِذَا سَأَلَكَ ‌عِبَادِي ‌عَنِّي ‌فَإِنِّي ‌قَرِيبٌ ‌أُجِيبُ ‌دَعْوَةَ ‌الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ.

﴿فَاسْتَجَابَ ‌لَهُمْ ‌رَبُّهُمْ ‌أَنِّي ‌لَا ‌أُضِيعُ ‌عَمَلَ ‌عَامِلٍ ‌مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ﴾ [آل عمران: 195] فأجاب ربهم دعاءهم: بأني لا أضيع ثواب أعمالكم قَلّت أو كثرت، سواء كان العامل ذكرًا أو أنثى، فحكم بعضكم من بعض في الملة واحد، لا يُزاد لذَكَرٍ، ولا يُنقص لأنثى، فالذين هاجروا في سبيل الله، وأخرجهم الكفار من ديارهم، وأصابهم الأذى بسبب طاعتهم لربهم، وقاتلوا في سبيل الله وقُتِلُوا لتكون كلمة الله هي العليا – لأغفِرن لهم سيئاتهم يوم القيامة، ولأتجاوزن عنها، ولأدخلنهم جنات تجري الأنهار من تحت قصورها، ثوابًا من عند الله، والله عنده الجزاء الحسن الذي لا مثل له.

الحض على سرعة الإستجابة في السنة:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ ، لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا . ().

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ ، وَقَفَتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ ، يَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ ، وَمَثَلُ الْمُهَجِّرِ كَمَثَلِ الَّذِي يُهْدِي بَدَنَةً ، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً ، ثُمَّ كَبْشًا ، ثُمَّ دَجَاجَةً ، ثُمَّ بَيْضَةً ، فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ طَوَوْا صُحُفَهُمْ وَيَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ .

عن حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: تَصَدَّقُوا ، فَإِنَّهُ يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ ، يَمْشِي الرَّجُلُ بِصَدَقَتِهِ فَلَا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا ، يَقُولُ الرَّجُلُ: لَوْ جِئْتَ بِهَا بِالْأَمْسِ لَقَبِلْتُهَا ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلَا حَاجَةَ لِي بِهَا . ().

عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ قَالَ: أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ ، تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمُلُ الْغِنَى ، وَلَا تُمْهِلْ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ، قُلْتَ: لِفُلَانٍ كَذَا ، وَلِفُلَانٍ كَذَا ، وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ .

أقسام الناس في الإستجابة:

المؤمنين الطائعين:

المؤمنون متميزون بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ فالقول الذي يدعون إليه هو كتاب الله والإمام الذي يوجبون اتباعه هو رسول الله ﷺ

كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا ‌كَانَ ‌قَوْلَ ‌الْمُؤْمِنِينَ ‌إِذَا ‌دُعُوا ‌إِلَى ‌اللَّهِ ‌وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [النور: 51] وقال: ﴿فَلَا ‌وَرَبِّكَ ‌لَا ‌يُؤْمِنُونَ ‌حَتَّى ‌يُحَكِّمُوكَ ‌فِيمَا ‌شَجَرَ ‌بَيْنَهُمْ ‌ثُمَّ ‌لَا ‌يَجِدُوا ‌فِي ‌أَنْفُسِهِمْ ‌حَرَجًا ‌مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: 65] وبذلك أمرهم حيث قال: ﴿‌يَاأَيُّهَا ‌الَّذِينَ ‌آمَنُوا ‌أَطِيعُوا ‌اللَّهَ ‌وَأَطِيعُوا ‌الرَّسُولَ ‌وَأُولِي ‌الْأَمْرِ ‌مِنْكُمْ ‌فَإِنْ ‌تَنَازَعْتُمْ ‌فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 59] وبذلك حكم بين أهل الأرض كما قال تعالى: ﴿كَانَ ‌النَّاسُ ‌أُمَّةً ‌وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [البقرة: 213]

المنافقين:

وعن المنافقين قال:

﴿أَلَمْ ‌تَرَ ‌إِلَى ‌الَّذِينَ ‌يَزْعُمُونَ ‌أَنَّهُمْ ‌آمَنُوا ‌بِمَا ‌أُنْزِلَ ‌إِلَيْكَ ‌وَمَا ‌أُنْزِلَ ‌مِنْ ‌قَبْلِكَ ‌يُرِيدُونَ ‌أَنْ ‌يَتَحَاكَمُوا ‌إِلَى ‌الطَّاغُوتِ ‌وَقَدْ ‌أُمِرُوا ‌أَنْ ‌يَكْفُرُوا ‌بِهِ ‌وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ [النساء: 60]

الكافرين:

قال تعالى: ﴿وَإِذَا ‌قِيلَ ‌لَهُمْ ‌تَعَالَوْا ‌إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ﴾ [المائدة: 104] وكذلك ذكر ذلك في البقرة والمائدة ولقمان فذكر أن الكفار لا يستجيبون لذلك فأخبر عن الكافرين والمنافقين أنهم يعرضون عن الاستجابة للكتاب والرسول.صور من المستجبين لله ولرسوله ﷺ تؤكد صحة هذا العموم:

سرعة استجابة الصِدِّيقُ والصِدِّيقَةُ:

وَلَمَّا دَعَا ﷺ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ اسْتَجَابَ لَهُ عِبَادُ اللَّهِ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ، فَكَانَ حَائِزَ قَصَبِ سَبْقِهِمْ صِدِّيقُ الْأُمَّةِ وَأَسْبَقَهَا إِلَى الْإِسْلَامِ أبو بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَآزَرَهُ فِي دِينِ اللَّهِ، وَدَعَا مَعَهُ إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ، فَاسْتَجَابَ لِأَبِي بَكْرٍ: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ.

وَبَادَرَ إِلَى الِاسْتِجَابَةِ لَهُ ﷺ صِدِّيقَةُ النِّسَاءِ: خديجة بنت خويلد، وَقَامَتْ بِأَعْبَاءِ الصِّدِّيقِيِّةِ وَقَالَ لَهَا: ( «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي، فَقَالَتْ لَهُ: أَبْشِرْ فَوَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا» ) ثُمَّ اسْتَدَلَّتْ بِمَا فِيهِ مِنَ الصِّفَاتِ الْفَاضِلَةِ وَالْأَخْلَاقِ وَالشِّيَمِ عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ لَا يُخْزَى أَبَدًا، فَعَلِمَتْ بِكَمَالِ عَقْلِهَا وَفِطْرَتِهَا أَنَّ الْأَعْمَالَ الصِّالِحَةَ وَالْأَخْلَاقَ الْفَاضِلَةَ وَالشِّيَمَ الشِّرِيفَةَ تُنَاسِبُ أَشْكَالَهَا مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ وَتَأْيِيدِهِ وَإِحْسَانِهِ، وَلَا تُنَاسِبُ الْخِزْيَ وَالْخِذْلَانَ، وَإِنَّمَا يُنَاسِبُهُ أَضْدَادُهَا، فَمَنْ رَكَّبَهُ اللَّهُ عَلَى أَحْسَنِ الصِّفَاتِ، وَأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ وَالْأَعْمَالِ إِنَّمَا يَلِيقُ بِهِ كَرَامَتُهُ وَإِتْمَامُ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِ، وَمَنْ رَكَّبَهُ عَلَى أَقْبَحِ الصِّفَاتِ وَأَسْوَأِ الْأَخْلَاقِ وَالْأَعْمَالِ إِنَّمَا يَلِيقُ بِهِ مَا يُنَاسِبُهَا، وَبِهَذَا الْعَقْلِ وَالصِّدِّيقِيِّة اسْتَحَقَّتْ أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْهَا رَبُّهَا بِالسَّلَامِ مِنْهُ مَعَ رَسُولَيْهِ جِبْرِيلَ وَمُحَمَّدٍ ﷺ. ().

مسابقة الخليفتين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في الإستجابة لله ولرسوله ﷺ

عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ – رَضِيَ اللهُ عَنْهُ – يَقُولُ : أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ – ﷺ – أَنْ نَتَصَدَّقَ ، وَوَافَقَ ذَلِكَ مَالٌ عِنْدِي ، فَقُلْتُ : الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا ، قَالَ : فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي ، قَالَ : فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ – ﷺ – : مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ ؟ قُلْتُ : مِثْلَهُ ، وَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ – ﷺ – : مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ ؟ قَالَ : أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقُلْتُ : لَا أُسَابِقُكَ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا . ().

سرعةُ استجابة عُمَرُ للَّهِ ورسوله ﷺ وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ:

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الحُرِّ بْنِ قَيْسٍ، وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ، وَكَانَ القُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجَالِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ، كُهُولًا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا»، فَقَالَ عُيَيْنَةُ لِابْنِ أَخِيهِ: يَا ابْنَ أَخِي، هَلْ لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الأَمِيرِ، فَاسْتَأْذِنْ لِي عَلَيْهِ، قَالَ: سَأَسْتَأْذِنُ لَكَ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «فَاسْتَأْذَنَ الحُرُّ لِعُيَيْنَةَ فَأَذِنَ لَهُ عُمَرُ»، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ: هِيْ يَا ابْنَ الخَطَّابِ، فَوَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الجَزْلَ وَلاَ تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالعَدْلِ، فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ أَنْ يُوقِعَ بِهِ، فَقَالَ لَهُ الحُرُّ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ ﷺ: {خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199]، وَإِنَّ هَذَا مِنَ الجَاهِلِينَ، «وَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلاَهَا عَلَيْهِ، وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ»().

: (وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ) أَيْ يَعْمَلُ بِمَا فِيهِ وَلَا يَتَجَاوَزُهُ.

سرعةُ استجابة الصحابة للَّهِ ورسوله ﷺ في تحويلهم إِلَى الكَعْبَةِ:

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: بَيْنَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ، إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ، فَقَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الكَعْبَةَ، فَاسْتَقْبِلُوهَا، وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّأْمِ، فَاسْتَدَارُوا إِلَى الكَعْبَةِ»().

سرعةُ استجابة أَبُو طَلْحَةَ وغيره من الصحابة للَّهِ ورسوله ﷺ في سكب الخمر :

1- عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كُنْتُ سَاقِيَ القَوْمِ فِي مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ، وَكَانَ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الفَضِيخَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُنَادِيًا يُنَادِي: «أَلاَ إِنَّ الخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ» قَالَ: فَقَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ: اخْرُجْ، فَأَهْرِقْهَا، فَخَرَجْتُ فَهَرَقْتُهَا، فَجَرَتْ فِي سِكَكِ المَدِينَةِ، فَقَالَ بَعْضُ القَوْمِ: قَدْ قُتِلَ قَوْمٌ وَهِيَ فِي بُطُونِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: 93] الآيَةَ().

2- عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ قَالَ عُمَرُ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ} [البقرة: 219] الْآيَةَ، قَالَ: فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، قَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي النِّسَاءِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43] فَكَانَ مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ يُنَادِي: «أَلَا لَا يَقْرَبَنَّ الصَّلَاةَ سَكْرَانُ»، فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 91] قَالَ عُمَرُ: انْتَهَيْنَا.

معاتبة من لم يبادر بالاستجابة لله ورسوله ﷺ:

عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ المُعَلَّى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي فَمَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَدَعَانِي، فَلَمْ آتِهِ حَتَّى صَلَّيْتُ ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ: ” مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِيَ؟ أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} [الأنفال: 24] ” ثُمَّ قَالَ: «لَأُعَلِّمَنَّكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي القُرْآنِ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ»، فَذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِيَخْرُجَ فَذَكَرْتُ لَهُ، وَقَالَ: ” هِيَ: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ السَّبْعُ المَثَانِي “().

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ الْفَرْضَ أَوِ الْقَوْلَ الْفَرْضَ إِذَا أُتِيَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ لَا تَبْطُلُ، لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالْإِجَابَةِ وَإِنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ. قُلْتُ: وَفِيهِ حُجَّةٌ لِقَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا يُصَلِّي فَأَبْصَرَ غُلَامًا يُرِيدُ أَنْ يَسْقُطَ فِي، بِئْرٍ فَصَاحَ بِهِ وَانْصَرَفَ إِلَيْهِ وَانْتَهَرَهُ لَمْ يكن بذلك بأس. والله أعلم.

التحذير من عدم الاستجابة لله وللرسول ﷺ:

قال السعدي :ثم حذر عن عدم الاستجابة لله وللرسول فقال: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} فإياكم أن تردوا أمر الله أول ما يأتيكم، فيحال بينكم وبينه إذا أردتموه بعد ذلك، وتختلف قلوبكم، فإن الله يحول بين المرء وقلبه، يقلب القلوب حيث شاء ويصرفها أنى شاء.

فليكثر العبد من قول: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، يا مصرف القلوب، اصرف قلبي إلى طاعتك.

{وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} أي: تجمعون ليوم لا ريب فيه، فيجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بعصيانه().

﴿فَإِلَّمْ ‌يَسْتَجِيبُوا ‌لَكُمْ ‌فَاعْلَمُوا ‌أَنَّمَا ‌أُنْزِلَ ‌بِعِلْمِ ‌اللَّهِ ‌وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [هود: 14] فإن لم يأتوا بما طلبتم منهم لعدم قدرتهم عليه فاعلموا – أيها المؤمنون – علم يقين أن القرآن إنما أنزله الله بعلمه على رسوله، وليس مُخْتَلقًا، واعلموا أن لا معبود بحق إلا الله، فهل أنتم منقادون له بعد هذه الحجج القاطعة؟ ().

﴿لِلَّذِينَ ‌اسْتَجَابُوا ‌لِرَبِّهِمُ ‌الْحُسْنَى ‌وَالَّذِينَ ‌لَمْ ‌يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ [الرعد: 18] للمؤمنين الذين أجابوا ربهم لما دعاهم لتوحيده وطاعته المثوبة الحسنى وهي الجنة، والكفار الذين لم يجيبوا دعوته إلى توحيده وطاعته لو اتفق أن لهم ما في الأرض من أنواع المال، ولهم مثله مضافًا إليه؛ لبذلوا كل ذلك فداءً لأنفسهم من العذاب، أولئك الذين لم يجيبوا دعوته يحاسبون على سيئاتهم كلها، ومسكنهم الذي يأوون إليه جهنم، وساء فراشهم ومستقرهم الذي هو النار. ().

﴿وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ ‌فَلَيْسَ ‌بِمُعْجِزٍ ‌فِي ‌الْأَرْضِ ‌وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الأحقاف: 32] ومن لا يجب محمدًا ﷺ إلى ما يدعوه إليه من الحق فلن يفوت الله بالهرب في الأرض، وليس له من دون الله من أولياء ينقذونه من العذاب، أولئك في ضلال عن الحق واضح. ().

صور من الإعراض وعدم الاستجابة لله وللرسول ﷺ عاقبة ذلك:

من أَوَى إِلَى اللَّهِ مستجيبًا له آوَاهُ اللَّهُ ومن أَعْرَضَ أَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ:

عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي المَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ إِذْ أَقْبَلَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَذَهَبَ وَاحِدٌ، قَالَ: فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا: فَرَأَى فُرْجَةً فِي الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا، وَأَمَّا الآخَرُ: فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، وَأَمَّا الثَّالِثُ: فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلاَثَةِ؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ».

(نفر) عدة رجال من الثلاثة إلى العشرة. (فرجة) فراغا بين شيءين. (الحلقة) كل مستدير خالي الوسط. (فأوى إلى الله) انضم والتجأ. (فآواه الله) ضمه إلى رحمته. (فاستحيا) من المزاحمة فتركها. (فاستحيا الله منه) قبله ورحمه. (فأعرض) ترك مجلس النبي ﷺ من غير عذر. (فأعرض الله عنه) سخط عليه.

عدم الاستجابة والتسليم لله ورسوله قدح في كمال الإيمان:

عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ حَدَّثَهُ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فِي شِرَاجِ الحَرَّةِ، الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: سَرِّحِ المَاءَ يَمُرُّ، فَأَبَى عَلَيْهِ؟ فَاخْتَصَمَا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِلزُّبَيْرِ: «أَسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلِ المَاءَ إِلَى جَارِكَ»، فَغَضِبَ الأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ، ثُمَّ قَالَ: «اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ احْبِسِ المَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الجَدْرِ»، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: ” وَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسِبُ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65] .

الأسباب المعينة على الاستجابه لله ورسوله ﷺ:

الوقوف على ما تقدم من فضائل وفضل الاستجابه لله ورسوله ﷺ والتى منها :

كمال الإيمان وحسن الإسلام والاستسلام: عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ حَدَّثَهُ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فِي شِرَاجِ الحَرَّةِ، الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: سَرِّحِ المَاءَ يَمُرُّ، فَأَبَى عَلَيْهِ؟ فَاخْتَصَمَا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِلزُّبَيْرِ: «أَسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلِ المَاءَ إِلَى جَارِكَ»، فَغَضِبَ الأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ، ثُمَّ قَالَ: «اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ احْبِسِ المَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الجَدْرِ»، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: ” وَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسِبُ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65] ”

من أَوَى إِلَى اللَّهِ مستجيبًا له آوَاهُ اللَّهُ .

«أَلاَ أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلاَثَةِ؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ،… الحديث»()

طريق موصّل إلى الجنّة:

رفع الذّكر في الاخرة وحسن السّيرة في النّاس:

الوقوف على ما تقدم من عواقب وتبعات الإعراض وعدم الاستجابة لله وللرسول ﷺ والتى منها:

دليل نقص الإيمان وسفاهة الأحلام:

يحمل وزرًا يوصّله إلى النّار: قال تعالى: {مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا} [طه: 100] كذّب به وأعرض عن اتّباعه أمرا وطلبا وابتغى الهدى من غيره فإنّ الله يضلّه ويهديه إلى سواء الجحيم) ()

قسوة القلب المبعده عن الله وعن النّاس :

قال الله تعالى: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 42، 43]

ومن الأسباب المعينة أيضا:

القراءة المستمرة لسيرة الرسول ﷺ حول باب الاستجابه لله ورسوله ﷺ وكذلك سيرة أصحابه وتابعيهم بإحسان؛فهم فرسان هذا الميدان.

الصحبة الطيبة:

قال تعالى: {فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى } [النجم: 29، 30]

قال: «أعرض عن الّذي أعرض عن الحقّ واهجره، وقوله: وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا أي وإنّما أكثر همّه ومبلغ علمه الدّنيا، فتلك غاية من لا خير فيه»

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ ، قَالَ: «الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ»

التدريب على الاستجابه لله ورسوله ﷺ:

عن مُعَاوِيَةَ بْن أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «الْخَيْرُ عَادَةٌ، وَالشَّرُّ لَجَاجَةٌ، وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ»

ومن أعظم الأسباب

الإقبال على القرآن الكريم علما وعملاً كما أقبل سلفنا عليه واعتبروه رسائل من محب رحيم سبحانه لمن يحبهم من عباده:{فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54].

عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْ كَانَ يُقْرِئُنَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ ، أَنَّهُمْ كَانُوا ” يَقْتَرِئُونَ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ عَشْرَ آيَاتٍ “، فَلَا يَأْخُذُونَ فِي الْعَشْرِ الْأُخْرَى حَتَّى يَعْلَمُوا مَا فِي هَذِهِ مِنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، قَالُوا: فَعَلِمْنَا الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ .

وعن ابن مسعود قال: “كان الرجلُ منا إذا تعلَّم عشرَ آياتٍ لم يجاوزهن حتى يعرف معانيَهُن والعمل بهن.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.