كتبت : د.هيام الإبس
ترتب قوى سياسية وحركات مسلحة لإعلان حكومة في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع فى السودان، لتشكل نقطة تحول كبيرة فى مسار الحرب المستمرة فى البلاد لأكثر من عام ونصف، وتضرب موعداً مع انسداد جديد لأفق التسوية السلمية للصراع.
وبعدما كانت فكرة ومقترحاً طُرح داخل أروقة تحالف القوى المدنية الديمقراطية “تقدم”، أصبح واقعاً ومن المنتظر إعلانها فى أى وقت، عقب اكتمال المشاورات وسط التنظيمات المؤيدة لقيامها، والتى قطعت شوطاً بعيداً وصل حد تحديد هياكل السلطة، والتى ستكون من مستوى سيادى أعلى، وفيدرالى مركزى- وولائى وتشريعى، وفق ما أكده قياديان فى الحراك .
وبحسب المتحدث الرسمى لتحالف القوى المدنية المتحدة “قمم” نجم الدين دريسة، فإن الحكومة التى هم بصدد تكوينها ستعمل من الأرض فى السودان، وستكون بكامل الصلاحيات والسلطات السيادية والتنفيذية بما فى ذلك استخراج الوثائق الثبوتية للمواطنين، وإصدار العملة، وامتلاك طيران، كما سيكون لها ترتيبات دستورية وقانونية مستقلة بعيداً عن الوثيقة الدستورية التى قال إنها “انتهت مع انقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان فى 25 أكتوبر 2021م”. وفقاً لموقع “عاين”
ومع تأكيده بأن السلطة ستكون مدنية كاملة، لا يستبعد إسناد الوزارات ذات الطابع العسكرى إلى ضباط فى قوات الدعم السريع؛ لأن الحكومة ستكون فى مناطق سيطرتهم، وذلك فى إطار التنسيق الذى سيكون عالياً بين الجانبين، وبغرض الاطلاع بالجانب الأمنى.
وبدأت الفكرة بتكوين حكومة فى المنفى بعد انهيار مشاورات جنيف التى كان يعول عليها أن تضع حداً للحرب المدمرة فى السودان، وكان الهدف ما أسموه نزع الشرعية عن الحكومة التى يقودها الجيش من بورتسودان، لكن فى نهاية الأمر رفض تحالف القوى المدنية الديمقراطية “تقدم” المقترح خلال اجتماعات الهيئة القيادية التى أقيمت مطلع ديسمبر الجارى فى مدينة عنتيبى الأوغندية، وعدته مدخلاً لتقسيم البلاد.
من يقف وراء الحكومة المرتقبة؟
لكن الأطراف صاحبة الفكرة مضت بخطوتها بمفردها بعيداً عن “تقدم” بل قررت أن تعمل الحكومة من الأرض بدلاً عن المنفى، لتحدث تمايز واسعاً فى صفوف التحالف السياسى الذى يقوده رئيس الوزراء السودانى السابق د. عبد الله حمدوك، مع حالة من ارتباك كبيرة بعد أن استطاع قادة المقترح استمالة عناصر مؤثرة.
ويقف خلف فكرة الحكومة الموازية عضو مجلس السيادة السابق محمد الحسن التعايشى، ووزير العدل سابقاً نصر الدين عبد البارى، إذ طرح المقترح منذ وقت مبكر على “تقدم” بحسب مصدر من التحالف تحدث لـ(عاين) ووجد تأييداً من قبل مكونات فى الجبهة الثورية بما فى ذلك رئيسها الهادى إدريس، ورئيس تجمع قوى تحرير السودان الطاهر حجر، ورئيس مؤتمر البجا أسامة سعيد، ورئيس حركة العدل والمساواة سليمان صندل.
وإلى جانبهم قيادات فى أحزاب مدنية مثل إبراهيم الميرغنى ومحمد عصمت، بينما يجد المقترح معارضة من حزبى المؤتمر السودانى والتجمع الاتحادى، والحركة الشعبية التيار الثورى التى يقودها ياسر عرمان، بالإضافة إلى كيانات نقابية ومهنية، مما أدى إلى سقوط مقترح تشكيل حكومة المنفى خلال اجتماعات عنتيبى.
وبدا واضحاً أن قادة المشروع يملكون أكثر من خطة لتنفيذه، وبالتزامن مع التحركات داخل “تقدم” مضت فى تشكيل تحالف سياسى آخر تحت مسمى القوى المدنية المتحدة “قمم” والذى عقد أول ملتقى له فى مناطق سيطرة قوات الدعم السريع فى مدينة الخرطوم فى فبراير الماضى، وأُعْلِن تأسيسه رسمياً خلال اجتماع جرى فى العاصمة الأوغندية كمبالا فى شهر سبتمبر الماضى، وأسندت رئاسته إلى القيادى فى مجلس الصحوة الثورى هارون مديخير، والأمانة العامة إلى كبير مفاوضى حركة العدل والمساواة فى محادثات جوبا الماضية، إبراهيم زريبة.
ويشكل تحالف قمم الذى جرى الإعلان عنه أنه يضم أكثر من 60 كياناً سياسياً ومهنياً ومدنياً، سند أساسى لدعاة تشكيل حكومة فى مناطق الدعم السريع، وفور تلقيهم نتيجة اجتماعات “تقدم” الأخيرة فى عنتيبى انخرطت مكونات الجبهة الثورية، والتحالف الذى يقوده هارون مديخير فى مشاورات واسعة بدولة كينيا وفق تنسيق مسبق بينها، وخلص إلى تكوين حكومة تعمل من الأرض فى السودان، بعدما تعهد الدعم السريع بتوفير الدعم والحماية لها.
تنسيق عال
وبحسب المصدر، فإن سلطان عموم الفور، أحمد حسين أيوب على دينار، قام بأدوار رفيعة فى تنسيق اجتماعات كينيا الخاصة بترتيبات الحكومة المرتقبة، وهو يدعم بقوة تكوين السلطة الجديدة.
ومع احتمالية أن يكون مقر الحكومة المرتقبة دارفور غرب البلاد، تبرز تساؤلات بشأن الموقف الذى ستتخذه منها حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور، والتى تسيطر على مناطق واسعة فى الإقليم.