بقلم / المستشار الدكتور خالد السلامي
في كل عام، يحتفل العالم باليوم الدولي للسلام في 21 سبتمبر، وهو يوم مخصص لتكريس الجهود الإنسانية نحو تعزيز السلام في كل بقعة من هذا الكوكب. وتأتي أهمية هذا اليوم في ظل التحولات الكبيرة التي يشهدها العالم، سواء من حيث النزاعات المتعددة أو التحديات البيئية والاجتماعية. إنه يوم لا يتعلق فقط بوقف الصراعات المسلحة، بل يدعو إلى بناء بيئة مستدامة يعمها التفاهم والحوار.
السلام في قلب الإمارات:
لطالما كانت دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً عالمياً يحتذى به في مجال تعزيز التسامح والتعايش السلمي بين مختلف الثقافات والأديان. فمنذ تأسيسها، كانت الإمارات واحة سلام، حيث يعيش أكثر من 200 جنسية بتناغم واحترام متبادل. ويأتي اليوم الدولي للسلام كتأكيد على هذا الإرث المتجذر في قيم الإمارات، حيث تسعى الدولة دائماً لتعزيز الحوار والتسامح بين جميع الشعوب.
لقد حرصت القيادة الرشيدة لدولة الإمارات، بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، على أن تكون الإمارات صوتاً عالمياً يدعو إلى نبذ العنف والصراعات، ليس فقط من خلال الجهود الدبلوماسية، بل أيضاً من خلال المبادرات الإنسانية والبرامج التنموية التي تسهم في تحسين حياة الشعوب التي تعاني من ويلات الحروب.
كيف يمكن للسلام أن يغير مستقبل العالم؟
إن السلام ليس مجرد غياب للحرب. فهو حالة من الرخاء والازدهار التي تنبع من الشعور بالأمان والاستقرار. فعندما يكون هناك سلام، تفتح أمام المجتمعات أبواب التنمية والازدهار الاقتصادي والاجتماعي. المدارس والمستشفيات تبنى، الاقتصادات تزدهر، والفرص تتاح للجميع.
في المقابل، تعاني البلدان التي تعيش في نزاعات دائمة من تدهور في كل القطاعات. البنية التحتية تنهار، والموارد تُستنزف في الصراعات بدلًا من استثمارها في بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة. ومن هنا، يمكننا القول أن السلام هو المفتاح الذي يفتح أبواب التنمية المستدامة.
اليوم الدولي للسلام: فرصة للتفكير والعمل:
يأتي هذا اليوم كل عام كتذكير عالمي بمدى أهمية بناء جسور الحوار بين الشعوب. إنه يوم للتأمل في دور كل فرد ومجتمع وحكومة في المساهمة في تحقيق السلام. في عالم مليء بالتحديات، من المهم أن ندرك أن السلام ليس مسؤولية الحكومات وحدها، بل هو مسؤولية جماعية يجب أن يشارك فيها الجميع.
يمكن للشباب، على وجه الخصوص، أن يلعبوا دوراً محورياً في نشر ثقافة السلام. فالشباب هم المستقبل، وبإمكانهم استخدام قدراتهم وطاقاتهم في تعزيز قيم التسامح والاحترام المتبادل. وفي الإمارات، نجد العديد من المبادرات التي تهدف إلى تمكين الشباب ليكونوا سفراء للسلام، من خلال برامج تعليمية وتدريبية تُعنى بتطوير مهارات الحوار وحل النزاعات.
السلام والتنمية المستدامة: شراكة لا تنفصل
من خلال ميثاق الأمم المتحدة، يتم ربط مفهوم السلام بتحقيق التنمية المستدامة. فلا يمكن تحقيق أحدهما دون الآخر. التنمية المستدامة تعني تلبية احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها، وهذا لا يمكن تحقيقه في ظل النزاعات التي تستنزف الموارد وتدمر البيئات الطبيعية.
دولة الإمارات تدرك هذه الحقيقة جيداً، ولهذا نجدها من الدول الرائدة في إطلاق مبادرات تنموية تعزز الاستدامة وتدعم السلام. إن بناء مدن مستدامة وتعزيز الطاقة النظيفة وتنمية الاقتصادات المتنوعة جميعها خطوات تسهم في خلق بيئة داعمة للسلام الدائم.
رسالة اليوم الدولي للسلام:
في اليوم الدولي للسلام، يجب علينا أن نتذكر أن تحقيق السلام يتطلب جهودًا جماعية. إنه ليس مجرد كلمة ترددها الشعوب، بل هو أفعال تتحقق على أرض الواقع. كل خطوة نحو الحوار بدلاً من العنف، وكل مبادرة تعزز التفاهم بين الثقافات والأديان، تسهم في بناء عالم أكثر سلامًا.
العالم بحاجة إلى نماذج ملهمة من الحكومات والشعوب، والإمارات تُعد واحدة من أبرز هذه النماذج. من خلال التزامها الثابت بنشر التسامح والعمل الإنساني، تبقى دولة الإمارات منارة للأمل والسلام في منطقة تعاني من توترات متعددة.
خاتمة:
اليوم الدولي للسلام هو دعوة لنا جميعاً للتفكير والعمل. إنه فرصة لكل فرد في هذا العالم لإعادة النظر في أفعاله ومساهماته في تعزيز السلام في محيطه. سواء كنت قائدًا سياسيًا أو فردًا عاديًا، يمكنك أن تكون جزءًا من هذا الجهد العالمي. فلنكن جميعًا سفراء للسلام، ولنساهم معًا