أراء وقراءاتاقتصادالمجتمعمصر

رئيس التحرير يكتب : التلوث يهدد أمن مصر القومي

لحوم ملوثة ( الارشيف)

“لكل مواطن الحق فى غذاء صحى وكاف، وماء نظيف، وتلتزم الدولة بتأمين الموارد الغذائية للمواطنين كافة. كما تكفل السيادة الغذائية بشكل مستدام، وتضمن الحفاظ على التنوع البيولوجى الزراعى وأصناف النباتات المحلية للحفاظ على حقوق الأجيال”.
ما سبق نص المادة 79 من الدستور المصري ، ومثلها مثل مواد كثيرة من الدستور لا نرى ولا نحس لها وجودا على أرض الواقع ، فالغذاء غير صحي وغير كاف ، وأما عن تلوث المياه فحدث ولا حرج . وجاء في موسوعة ” وكيبيديا” أن مصطلح تلوث الغذاء يعني احتواء الطعام أو الماء على ما يجعله غير صالح للاستهلاك الآدمي أو الحيواني، سواء كانت كائنات دقيقة ضارة، أو مواد كيماوية سامة أو غذاء ملوث بالمواد المشعة القاتلة، مما قد يترتب على تناول الغذاء إصابة المستهلك بالأمراض”.
والاحصائيات الرسمية حول الامراض الناجمة عن تلوث الغذاء في مصر تثير الرعب والفزع . حيث تفيد الارقام الموثقة أن إحصائيات أن 30 مليون مصرى ( ثلث المصريين ) مصابون بالأمراض المزمنة والخطرة وفى مقدمتها السكر والقلب وفيروس الكبد الوبائى والكلى من جراء تلوث الماء و الغذاء والبيئة والذى جعل مصر من أكثر دول العالم إصابة بهذه الأمراض.
وتكشفت إحصائيات وزارة الصحة أن 83% من الوفيات فى مصر بسبب أمراض السكر والقلب والسرطان، والتى يعد تلوث الغذاء أهم أسبابها.

وقالت الدكتورة آمال سامى الخبير فى مجال الأورام السرطانية بالمعهد القومى للأورام أن تناول الأغذية المحفوظة والمجمدة وخاصة اللحوم يتسبب فى تهيئة الإنسان للإصابة بالسرطان خاصة الأطفال.وأوضحت أن أجسام الأطفال تحتضن الأورام السرطانية لأكثر من 20 عامًا ثم تبدأ فى الظهور. وكشفت أن معدلات الإصابة بالأورام السرطانية تصل إلى 92 ألف حالة سنويًا ،أن معدل الإصابة بسرطان الثدى لدى السيدات حالة كل 5 دقائق.
أما تلوث غذاء المصريين فالاعتراف به رسميا وعلى أعلى مستوى وأحدثها تصريح الدكتور الدكتور حسين منصور، رئيس جهاز سلامة الغذاء بوزارة الصناعة بأن 90% من الأغذية المتداولة في الأسواق غير خاضعة للرقابة ، قائلا في برنامج لاحدى الفضائيات أن: “90% من الأغذية في مصر مانعرفش عنها حاجة”. وجاء في مشروع قانون حول سلامة الغذاء ناقشه مجلس النواب الاثنين الماضي أن 70 % من الغذاء المتداول من انتاج وحدات عشوائية غير مراقبة وان 97 % من السلع الغذائية تعاني عشوائية اعرض والتداول .
وقد لمس تقرير رسمي صادر عن المجالس القومية المتخصصة شعبة الخدمات الصحية والسكان جانبا خطيرا للأزمة ينبغى عى صناع القرار أخذه في الاعتبار وهو :أن تلوث الغذاء في مصر أصبح من العوامل المؤثرة بالسلب علي قطاع السياحة بشكل كبير ولفت إلي امتناع الكثير من السائحين عن تناول الطعام والشراب في بعض الأماكن طبقا للتوصيات الواردة إليهم من بلادهم‏,‏ بسبب إصابة بعض الأفواج السياحية بالتسمم الغذائي أو بأمراض منقولة عن طريق الطعام‏.‏
ورغم أن التلوث الغذائي يعد أشهر أنواع التلوث المنتشرة بمصر الا ان هناك أنواعا أخطر ومنها التلوث الأخلاقي والذي أصاب المجتمع في مقتل وينخر في جسده مثل السوس مما يهدد بانهياره ، ومن أبرز مظاهر هذا التلوث اضمحلال القيم الدينية القويمة وضعف العادات السليمة وتراجع الأعراف والتقاليد الصحيحة ، وضعف منظومة التعليم وانحراف المسار الثقافي. فتفككت الروابط الاسرية ، وتطاول الصغير على الكبير ، وأسند الأمر لغير أهله فانتشر الفساد والجهل .
وهناك أيضا التلوث السمعي بالألفاظ البذيئة والأغاني الهابطة وكلاكسات السيارات التي نسمعها في الشوارع على مدار الـ24 ساعة. وهناك التلوث البصري بسبب انتشار الزبالة في كل مكان بجميع أنحاء مصر ولم تنج منها حتى دور العبادة والمؤسسات التعليمية والعلمية ، وبسبب مافيا قطع الاشجار وتبوير الحدائق وتحويلها الى غابات من المباني الاسمنتية ، وبسبب الأزياء الغربية التي يرتديها بعض الشباب والفتيات دون رادع من قانون أو أخلاق . بل أن التلوث البصري اقتحم المنازل بمشاهد الفجور المصحوب بالاشارات والالفاظ الماجنة التي تبثها الفضائيات بالساعات الطويلة
وهناك أيضا تلوث الهواء حيث تشير دراسة للدكتور ياسين السيد زيدان أن درجة التلوث فى أغلب مدن مصر بلغت أربعة أضعاف المسموح به عالمياً. وأنه يرتفع كثيرا في القاهرة على سبيل المثال نسبة الأتربة العالقة في منطقة حلوان تبلغ 1888 ميكروجرام/م2
بينما تبلغ النسبة المسموح بها عالميا 75 ميكروجرام/م2.
وأفاد الدكتور محمد عبدالفتاح الباحث الجيولوجى ان الوفيات الناجمة عن التلوث الهوائي في مصر تفوق الوفيات الناجمة عن حوادث السير بنسبة 30 %
فالتلوث ليست قضية بسيطة أو هامشية، ويجب على صناع القرار أن يتعامل معها بصفتها قضية أمن قومي والاهتمام بها يجب أن يفوق اهتمامنا بتسليح واعداد الجيوش وقوات الأمن . ولعل موافقة مجلس النواب يوم الثلاثاء الماضي على قانون إنشاء الهيئة القومية لسلامة الغذاء ، وتفعيل اللجنة المصرية لدستور الأغذية صدر قرار تأسيسها عام 1973 يكون البداية الصحيحة للعلاج.

بقلم : مدبولي عتمان
Aboalaa_n@yahoo.com

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.