احدث الاخبار

رئيس التحرير يكتب : سيناء و ” القرصنة البيولوجية “

 

“وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِين ” أشارت هذه الآية الكريمة رقم 20 من سورة المؤمنون إلى شجرة الزيتون التي تعد إحدى الثروات النباتية التي تزخر بها سيناء . ووصف الدكتور إسماعيل عبدالجليل رئيس مركز بحوث الصحراء الأسبق، وممثل الأمم المتحدة في مصر لمكافحة التصحر ثروات سيناء النباتية بأنها أهم من كل الثروات المعدنية واستثمارها يحقق عائدا أكثر من البترول والغاز. وقال في دراسة منشوره حديثا : ” سيناء عامرة بنصف كنوز الثروة النباتية الطبيعية فى مصر ، وترجع أهميتها إلى أنها تمثل ثلاث مناطق جغرافية نباتية أساسية، وهى : الصحارى السندية، الإيرانية التورانية ،البحر المتوسط، ويبلغ عدد النباتات المسجلة لشبه الجزيرة 1274 نوعاً تنتسب إلى 94 فصيلة”.

ويعزز الأهمية النباتية لارض الفيروز  الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية بوزارة الآثار بقولة أن منطقة سانت كاترين وحدها فيها 472 نوعاً من الأعشاب والنباتات الطبية، منها 42 نوعاً من النباتات النادرة ، وتتهافت عليها شركات الأدوية العالمية .

ويؤكد الدكتور عبد الفتاح بدر أستاذ علوم الوراثة وتصنيف النبات بكلية العلوم جامعة حلوان، أن أن 46 % من النباتات الطبية المصرية التى سجلت لها معارف تراثية تنمو فى سيناء.

هناك إجماع من الخبراء والمختصين على أهمية النباتات الطبية والعطرية في سيناء وأن الحفاظ عليها وإستثمارها بالشكل الصحيح يعتبر “ممر يسير ” لتنميتها بل والمساهمة في تنمية بقية الاقاليم المصرية. ولكن الواقع يشير الى أن هذه الثروة مهددة بالانقراض لسببين : أولها النهب الخارجي وخاصة أثناء احتلال إسرائيل لسيناء ، فقد نهبوا ثروتنا النباتية واحتفظوا ببذورها فى بنوك الجينات لديهم دون مقابل، فى عملية أطلق عليها الدكتور اسماعيل عبد الجليل “قرصنة بيولوجية “. واتهم إسرائيل أيضا بمعاودة تلك القرصنة مرة اخرى عام 2011 حيث استغلت الفوضى التي سادت مصر، وأرسلت مجموعة من الارهابيين لتخريب (بنك الجينات النباتية ) بالشيخ زويد ، وسرقة جهاز الكومبيوتر الحافظ للمعلومات الخاصة بالبصمة الوراثية والتحاليل المعملية لأكثر من ألف نوع من النباتات البرية النادرة خلال فترة زمنية تصل إلى ١٠٠ عام.

وتتضح خيوط المؤامرة الاسرائيلية في تصريحات صحفيه للمهندس محمد حسن مبارك، المدرس المساعد بكلية الزراعة بالعريش، نشرت بصحيفة المصري اليوم في فبراير عام 2013 قال فيها : ” إنه شاهد عيان على حادث السرقة، حيث توجه إلى محطة بحوث الشيخ زويد، التى تضم بنك الجينات بداخلها، بمجرد معرفته بسرقة محتويات البنك، فوجد أن معمل الهندسة الوراثية بالبنك تم تدميره، حيث سرقت الأجهزة، واختفت العينات المحفوظة بالثلاجات”. وأكد أنه عندما توجه إلى مركز بحوث الصحراء بالقاهرة، والذى يتبعه بنك الجينات بالشيخ زويد، اكتشف عدم وجود البيانات الخاصة بالجينات المحفوظة بالبنك، وسرت شائعة أنه فى الوقت الذى سرقت فيه الأجهزة بالعريش، تم محو آثارها على أجهزة المركز بالقاهرة.

وتبدو حجم الخسارة المصرية من تخريب هذا البنك من تصريحات الدكتورة إيمان السراج، الأستاذ المساعد بكلية الزراعة بالعريش، ورئيسة إحدى الفرق البحثية التى تعاملت مع المركز، نشرتها نفس الصحيفة، أكدت أنها كانت تعمل على بحث مهم يتعلق بمركب دوائى يعالج السرطان وعملت عليه لمدة عشر سنوات بالتعاون مع كلية الصيدلة وجهة مانحة أجنبية وأنها كانت تحتفظ بـ٦ عينات فى المركز اختفت كلها عام ٢٠١١ بدون أى مقدمات.

أما النهب من جانب الشركات العالمية العملاقة لإنتاج الأدوية ومواد التجميل فله اشكال متعددة ، منها أنها تستورد نباتات سيناء بأسعار زهيدة ثم تعيدها إلينا في شكل أدوية ومواد حيوية ندفعها فيها مليارات الدولارات سنويا . ويقول الدكتور علي إسماعيل، أستاذ العقاقير والطب البديل بجامعة قناة السويس، أن أمريكا وحدها تستورد من مصر ما يقرب من 150 نوعًا من الأعشاب، يليها الصين ثم باقي دول أوربا، ويقدر حجم استيرادها جميعا  من 2 إلى 5 أطنان شهريًّا، وهو رقم كبير بالنسبة للأعشاب البرية والطبيعية، ويهدد بقاءها. وايضا ارسال المئات من البعثات الأجنبية لتبحث وتستولي علي خيرات مصر من النباتات والأعشاب البرية تحت زعم انها بعثات علمية أو أثرية .  ومنها ارسال افواج علمية لنهب النباتات النادرة تحت مسمى رحلات السفاري التي يستمر بعضها عدة اسابيع .

والخطر الثاني الذي يهد نباتات سيناء وهو خطر داخلي يتمثل في الاحتطاب والرعي والحصاد الجائر والتلوث.

وأتفق مع د.عبد الجليل بان الحل إنشاء مجمع متكامل لاستثمار ثروتنا النباتية فى سيناء بالتكنولوجيا الحيوية، بالمشاركة مع إحدى الشركات العالمية التى سترحب بتمويل استثمارات ضخمة نظرا للعائدات الكبرى المتوقعة.وأؤيد دعوتة عبد الجليل بتنشيط مركز بحوث الصحراء الذي يعد من أهم المراكز البحثية في الشرق الأوسط والعالم، لانه يضم علماء وباحثين لديهم مشاريع وأفكار كثيرة لحل أزمة الغذاء واستصلاح الأراضي الصحراوية ، لكن الإرادة السياسية لم تسع نهائيا للاستفادة من تلك المشاريع التي قد تغير الخريطة المصرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.