رمضانيات (1) كيف أفرح.. ممكن أفرح؟! بقلم: الدكتور أمين رمضان

رمضانيات (1) كيف أفرح.. ممكن أفرح؟! بقلم: الدكتور أمين رمضان 1

يحتفل الملايين من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بشهر رمضان المبارك كل عام، فتعم مظاهر الفرح البلاد والعباد، في محاولة لتجميل جوهر يختلف كثيراً عن المظهر، فتشعر أن أمواج الفرح في بلاد المسلمين، آتية من محيط أحزان ضخم، عاتي الأمواج، كيف لا؟ وأنت ترى اللون الأحمر القاني للفرحة، تفوح منه رائحة الدم، دم الإنسان، وخصوصاً الإنسان المسلم.

كيف أفرح والمفرمة العالمية الجهنمية، تدور رحاها، بأيدي شياطين البشر، لتفرم الأخضر واليابس، ومعها أي قيم إنسانية باقية في حظائر الأوطان.

كيف أفرح وميزان العدالة العالمي مختل، فصاحب الحق متهم ومطارد، وسارق الحق هو من يحاكمه.

كيف أفرح والأبرياء خلف القضبان، يسامون العذاب ألواناً، والمتهمون أحرار، يعيثون في الأرض فساداً.

كيف أفرح والإسلام موضوع في قفص الاتهام، والذئاب تنهش في جسده بلا رحمة، لتصنع إسلاماً آخر على هواها.

كيف أفرح والملايين مهجرون في العراء، ينامون على الثرى، ويلتحفون السماء، يتدثرون بالبرد والخوف والجوع، يصرخون في كل مكان، عل ضمير العالم يصحوا، لكن هيهات.

كيف أفرح وملايين الأسر لا تجد القوت ولا شربة الماء، وقلة ترفل في الترف والثراء الذي سرقته بغير وجه حق.

كيف أفرح والرصاص يتجه لصدور شعوب دفعت ثمنه ليحميها، فإذا بها تجده في صدورها وقلوبها وعيونها، وبأيدي أبنائها وحكامها.

كيف أفرح والجسد الإسلامي يمزق كل يوم، والبيت الواحد تشتعل فيه النيران، لتأكل أي مودة ورحمة باقية.

كيف أفرح والأوطان تتحول إلى سجون كبيرة، تنشر الخوف والقتل بلا رحمة ولا عدالة.

كيف أفرح وكل بارقة أمل تظهر، يتم اغتيالها، وكل طريق لمستقبل أفضل، يتم غلقه، وكل حلم بالأمل، يتم وأده.

كيف أفرح والفقر يزداد، والمرض يتفشى، والملايين تعاني الأمرَّين.

كيف أفرح وأعراض الحرائر تنتهك، والفساد يعشش في جسد الوطن.

كيف أفرح والمساجد مؤممة، والأفواه مكممه بالشمع الأحمر، والعيون معصوبة، والألسن مجمدة.

كيف أفرح وأغلب الإعلام خنجر يطعن في جسد الوطن، بدلاً من أن يكون دواء يشخص له العلل والعلاج

كيف أفرح وأصوات النفاق عالية وصوت الحق مكتوم ومصادر

كيف أفرح واليأس يتسرب للشباب، والأمل يذبل ويذبل، والوطن يطردهم ليموتوا في قوارب الموت، وشراسة أسماك القرش، بعد شراسة أسنان البشر.

ورغم الحزن والمرارة .. ممكن أفرح

لأن الله حي لا يموت، والظلم والقهر لا يمكن أن يستمرا للأبد، والشعوب لا يمكن قهرها بالحديد والنار.

هكذا يتحدث التاريخ، وتنطق سنن الكون الغلابة، لكن أكثر الناس لا يعلمون

رمضانيات (1) كيف أفرح.. ممكن أفرح؟! بقلم: الدكتور أمين رمضان 2
الدكتور أمين رمضان
aminghaleb@gmail.com
Exit mobile version