أراء وقراءات

رمضان شهر صناعة الفرح

بقلم / الدكتور محمد النجار

لماذا يفرح المسلمون بشهر رمضان؟ ﷺ

ينتظر المسلمون ببالغ الإشتياق والفرح قدوم شهر رمضان المبارك  من كل عام لأنهم يدركون القدرالعظيم من الحسنات والبركات والعفو والغفران من السيئات .

وكان السلف الصالح يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم شهر رمضان ، ثم ستة أشهر في الدعاء بعد رمضان بأن يتقبل الله منهم صيامهم وقيامهم وأعمالهم الصالحة التي فعلوها في شهر رمضان .

وكان جمع من السلف يدعون في استقبال رمضان((اللَّهُمَّ سَلِّمْنِي لِرَمَضَانَ، وَسَلِّمْ رَمَضَانَ لِي، وَتَسَلَّمْهُ مِنِّي مُتَقَبَّلًا)).

والسؤال : ولماذا لايفرح المسلمون بشهر رمضان : وقد جعل الله فيه هذا الكم الكبير من الفضائل وأسباب الخير .. نذكر منها  ما يلي  :

أولا : شهر رمضان شهر صناعة الفرح للمسلمين

للصائم فرحتان كل يوم : وذلك بما ورد عن حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:  (((لِلصَّائمِ فَرحتانِ: فَرحةٌ عِندَ فِطرِهِ، وفَرحةٌ عند لقاء ربه، ولَخُلوفُ فَمِ الصَّائمِ أطيَبُ عِندَ اللهِ مِن ريحِ المِسكِ))).

ويفرح المسلمون بفتح أبواب الجنة وإغلاق أبواب النار.

ويفرح المسلمون لهذا النداء الإلهي ((يا باغي الخير أقبل  وياباغي الشر أقصر)).

إن شهر رمضان هو شهر صناعة الفرح بالرحمة والعطف والعطاء الذي يُضفي الفرح على وجوه الفقراء واليتامى والمساكين..

ثانياً :جزاء من أدرك شهر رمضان:

إن كل يوم وليلة في شهر رمضان يكتسب فيها  المسلم كماً هائلا من الحسنات والأجور لايعلم مداها  إلا الله ، ويدل على ذلك الحديث الذي رواه ابن ماجه ، وصححه الالباني ، فعن طلحة بن عبيد الله  رضي الله عنه : أنَّ رَجُلَينِ قَدِما على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكان إسلامُهما جَميعًا (أي أسلما معاً في توقيت واحد)، وكان أحَدُهما أشَدَّ اجتِهادًا مِن صاحِبِه، فغَزا المُجتَهِدُ منهما، فاستُشهِدَ، ثم مَكَثَ الآخَرُ بَعدَه سَنةً، ثم تُوُفِّيَ، قال طَلحةُ: فرأيتُ فيما يَرى النَّائِمُ كأنِّي عِندَ بابِ الجَنَّةِ إذا أنا بهما وقد خرَجَ خارِجٌ مِنَ الجَنَّةِ، فأذِنَ للذي تُوُفِّيَ الآخِرَ منهما(أي إذن بدخول الجنة أولاً للذي عاش سنة بعد صاحبه)، ثم خَرَجَ فأذِنَ للذي استُشهِدَ  ، ثم رَجَعا إليَّ فقالا لي: إرجِعْ ؛ فإنَّه لم يَأْنِ لكَ بَعدُ. فأصبَحَ طَلحةُ يُحدِّثُ به الناسَ، فعَجِبوا لذلك، فبلَغَ ذلك رَسولَ ، قالوا: يا رَسولَ اللهِ : هذا كان أشَدَّ إجتِهادًا، ثم استُشهِدَ في سَبيلِ اللهِ، ودخَلَ هذا الجَنَّةَ قَبلَه.

فقال النبي: مِن أيِّ ذلك تَعجَبونَ؟ قالوا: يا رَسولَ اللهِ، هذا كان أشَدَّ اجتِهادًا، ثم استُشهِدَ في سَبيلِ اللهِ، ودخَلَ هذا الجَنَّةَ قَبلَه.  فقال النبي: (((أليس قد مَكَثَ هذا بَعدَه سَنةً؟)) قالوا: بلى. وأدرَكَ رَمَضانَ فصامَه؟ قالوا: بلى. وصلَّى كذا وكذا سَجدةً في السَّنةِ؟ قالوا: بلى. فقال رَسولُ اللهِ ﷺ: ((فمَا بَينَهما أبعَدُ ما بَينَ السَّماءِ والأرضِ)).  (الحديث رواه ابن ماجه، وصححه الألباني).

ثالثا : فضائل الصوم:

– الصوم هو العبادة الوحيدة التي لايعلم جزاءها إلا الله وحده ،وذلك لحديث النبي ﷺ الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه، أنه قال: (((كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وأنا أجْزِي به، ولَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ.))) (متفق عليه).

– الصوم جُنة ووقاية من النار: فإذا أمسك الإنسان المسلم عن شهواته ، فإنه ينجو من النار المحفوفة بالشهوات ، قال النبي ﷺ:

(((من صام يومًا في سبيلِ الله، باعَدَ اللهُ وَجهَه عن النَّارِ سَبعينَ خريفًا))) (متفق عليه)..

والفوز العظيم هو بدخول الإنسان الجنة والبعد عن النار ، قال الله تعالى :

(((فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُور)))آل عمران185.

– الله وملائكته يصلون على الصائمين : فعن عبدالله ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله ﷺ: ((( إنَّ اللهَ وملائكتَه يُصَلُّونَ على المتسحِّرينَ))(رواه أحمد، وحسنه الألباني).

صلاة اللّه المتسحرين إنما هي الرحمة به ، وصلاة الملائكة هي استغفارهم لهؤلاء المتسحرين ، والسحور في جملته بركة وزيادة في النعمة ، ودفعاً للنقمة فتدبر.

– الصوم لا مثل له : وقد أعد النبي ﷺ جيشًا، فجاءه أبو أمامة فقال: يا رسول الله ﷺ ادع الله لي بالشهادة، فدعا النبي ثلاث مرات له وللجيش قائلا : (((اللهم سلمهم وغنمهم))) ، وعندما رجع أبو أمامة من الغزو قال للنبي : يارسول الله مرني بعمل أدخل به الجنة، فقال: (((عليك بالصوم فإنه لا مثل له)))، فكان أبو أمامة لا يُرى في بيته الدخان نهارا إلا إذا نزل به ضيف. وهذا من كثرة صيامه  (رواه أحمد، وصححه الألباني).

– الصوم سبب في استجابة الدعاء وذلك لقول النبي ﷺ :

(((ثلاث دعوات مستجابات لاشك فيهن: دعوة الصائم، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر))) (رواه أحمد وأبو داود  والبيهقي والترمذي وابن ماجه وابن حبان، وقال الترمذي:  هذا حديث حسن ـ وصححه الألباني).

-الصوم تحصين للإنسان من الفواحش: وذلك لقول النبي قال النبي ﷺ : (((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء))) متفق عليه.

– أخيراً وليس آخراً فإن الصوم يحافظ على الصحة بشكل عام ، حيث يقلل معدلات السكر في الدم خاصة لمرضى السكر،كما أنه يخفض معدلات الكلسترول ، وإزالة السموم من الجسم ويفيد الجهاز الهضمي والقولون العصبي ، ولا نستطيع احصاء فوائد الصيام الصحية لكثرة فوائدها.

اللهم لك الحمد أن جعلتنا من المسلمين ، ولك الحمد أن بلغتنا شهر رمضان ، ونسألك أن تتقبل منا الصيام والقيام والركوع والسجود وسائر صالح العمل ، وأن ترزقنا ليلة القدر والعفو والغفران ياكريم

والله الموفق لما فيه الخير

د.محمد النجار

25-03-2023 السبت 3رمضان1444هـ

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.