سعيد بن عامر رجل اشترى الاخرة بالدنيا

كتب – وليد على
لاشك ان حب الدنيا وزينتها يغلب على قلوب كثيرا من الناس . وقد رأينا اناس غلب عليهم حب الدنيا حتى قتل بعضهم اباه وامه او زوجته وابناءه. ولكن نحن اليوم امام نموذج فريد من نوعه ربما لا تراه او حتى تسمع عنه.
فقد أسلم سعيد بن عامر بعد ان رق قلبه حينما رأى قريش وهم يقطعون خبيب بن عدى انتقاما من محمد صلى الله عليه وسلم بعد غزوة بدر . وهاجر الى المدينه وقد شرح الله صدره للاسلام ويسلم بين يدى رسول الله ويحسن اسلامه ويجاهد فى سبيل الله مع النبى ومع ابى بكر وعمر بعد موت النبى صلى الله عليه وسلم.
وحينما تولى عمر بن الخطاب رضى الله عنه الخلافة دخل عليه سعيد كي يعظه ويشد على يديه وقال له: “اتقى الله يا عمر وأحسن الى الناس وحب لهم ما تحب لأهلك وولدك. ولا تخف فى الله لومة لائم”. فرد عليه عمر : ومن يقدر على ذلك؟. فقال سعيد : يقدر عليه رجل مثلك . وهنا قال له عمر : يا سعيد إنى موليك على حمص فقال :يا عمر انشدك الله الا تفتننى فى دينى . فغضب عمر وقال اتضعها فى عنقى ثم تتخلى عنى ، فرضى بها.
وأراد عمر ان يجعل له راتبا من بيت مال المسلمين فقال له مالى حاجه إليه. ويسافر الى حمص وبعد قليل يأتى وفد من حمص فيسألهم عمر ان يكتبوا له أسماء فقراء حمص ،فيكتبون اولهم سعيد بن عامر. فيتعجب عمر ويقول : الأمير .فيقولون نعم والله يبيت ليالى ولا يوقد فى بيته نار .فيبكى عمر حتى تبتل لحيته ويقول لهم اذا اتيتم حمص أقرؤوه منى السلام واعطوه هذه الصرة . وجعل فيها الف دينار فما ان دخلوا على سعيد وجعلوا المال بين يديه حتى صرخ وقال انا لله وانا اليه راجعون واخذ يوزع المال على فقراء حمص .
ويأتى عمر الى حمص ويسأل الناس عن أميرهم سعيدبن عامر. فقالوا نعيب عليه اربعا، فجمع بينهم وبين سعيد وقال ما تعيبون عليه فقالوا لا يخرج إلينا الا حتى يتعالى النهار .قال ما تقول يا سعيد قال ماكنت اريد ان اذكر هذا ،فقال انى ليس لدى خادم وانى اكون فى خدمة اهلى فاعجن العجين فأذا خمر خبزته لهم .فقال عمر وما غير ذلك قالوا لا يخرج الينا فى الليل ،فقال يا امير الامؤمنين جعلت النهار للناس وجعلت الليل لربى .فقال عمر وما تشكون منه ايضا قالوا لا يخرج الينا يوما فى الشهر ،فقال يا أمير المؤمنين ليس لدى خادم ،وليس عندى الا ثوبا واحد البسه طول الشهر واغسله يوما، وانتظر حتى يجف فألبسه واخرج اليهم .وقال وما غير ذلك قالوا يغشى عليه فى المجلس، فقال والله ما اردت ان اقول هذا ،فانى رايت خبيب يقتل وكنت على الكفر ولم انصره. فكلما ذكرت ذلك اخاف ان يسالنى ربى لما لم تنصره. فحمد الله عمر وامر له بألف دينار ففعل بها مثما فعل بالاخرى .فقالت له زوجته اشترى لنا بها مؤنة .قفال او خير من ذلك فقالت وما هو قال نجعلها فى سبيل الله ووزعها جميعا وهو احوج ما يكون اليها .
فرضى الله عن سيدنا سعيد بن عامر وعن جميع الصحابه الذين علموا الدنيا كيف يكون العدل والزهد فى الدنيا والشوق الى ما عند الله .