أراء وقراءات

سلسلة الحقيقة المرة للدول الحرة..(5) ليتوانيا ما بين القرن ال14 وخدعة مولوتوف

الحقيقة الخامسة

بقلم / إيمان أبو الليل 

مرت القارة الأوروبية ب تسلم عصور ازدهار، وكما الورد يؤلمك شوكه، كان القرن ال ١٤ هو الشوكة في حلق ذكريات وتاريخ القارة الأوروبية.

كانت ليتوانيا من أكبر بلاد أوروبا، حيث كانت تضم إليها بيلاروسيا وأوكرانيا، وبولندا وأجزاء من روسيا، وعاشت عصورا من الإزدهار حتى أصيبت أوروبا كلها بلعنة الطاعون الأسود.

انتشر الطاعون عن طريق مخالطة البحارة بالدول التي ينتقلون منها وإليها، فكانت عدوى وبائية شرسة، قضت على معظم سكان أوروبا، لدرجة أن الحكايات التي كانت تنتشر من بلد إلى آخر، كانت كأنها فيلم رعب كأفلام هوليود، انتشرت الجثث في الشوارع، وأصبح الحل الوحيد هو حرقها.

تفكيك ليتوانيا 

وتمر الأحداث على صفحات التاريخ حتى عام ١٧٩٥ حيث تم تفكيك تلك الدول التابعة لدولة ليتوانيا، وفي عام ١٩١٨ تم الإعلان عن انضمام ليتوانيا للامبراطورية الروسية (الاتحاد السوفيتي)، ولكن سرعان ما أعلنت ليتوانيا عن إستقلالها التام عن الإمبراطورية الروسية قبيل الحرب العالمية الأولى.

ثم عاد الاتحاد السوفيتي لاحتلال ليتوانيا مرة أخرة أثناء الحرب العالمية الثانية، ثم احتلتها ألمانيا قرب إنتهاء الحرب العالمية الثانية، حتى عام ١٩٩٠ عادت ليتوانيا تحت حكم الإتحاد السوفيتي مرة أخرى، وكأنها حرب المنافسة بين روسيا وألمانيا.

ميثاق (مولوتوف_ريبنتروب)

وكانت فرصة إنهيار الإتحاد السوفيتي طوق النجاة لليتوانيا، فأصبحت ليتوانيا بهذا أول جمهورية سوفيتية تعلن عن إستقلالها الكامل عن الإتحاد السوفيتي ، وكان هذا الإستقلال بمثابة توثيق الحرية ورفع الإضطهاد عن دول البلطيق.

ولكن دائما المستعمر كالثعلب لا يكل ولا يمل من رسم الخطط ووضع فخاخ الخديعة بضحيته، لقد وقع جوزيف ستالين وأدلف هتلر ميثاق (مولوتوف_ريبنتروب)

نصت الإتفاقية على تقسيم الدول التي حازت على استقلالها في أوروبا والواقعة بين الاتحاد السوفيتي وبين ألمانيا بشكل غير قانوني حتى يسود السلام بينهم.

وبعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، علا نجم الاتحاد السوفيتي وتم التوسعة بالأراضي التي حصل عليها نتيجة اتفاق( مولوتوف_ريبنتروب) بالإضافة إلى البلطيق.

الدم المسكوب

لكن مثل كل الشعوب الأبية الرافضة للاستعمار والقهر والذل، ثأر وقاتل الليتوان لمقاومة السوفيت في محاولة للحصول على الاستقلال من جديد.

وفي عام ١٩٤٤ اندلعت ثورة شرسة ودموية في ليتوانيا، وتم منع الاتحاد السوفيتي من السيطرة على ليتوانيا، واستمرت الثورة والإقتتال بينهما حتى عام ١٩٥٣، وكان ثمن الحرية هو الدم المسكوب على طرقات ليتوانيا.

وبرغم كل هذه الأحداث والمقاومة الشرسة، ظل الاتحاد السوفيتي يعاند رغبة ليتوانيا في الحرية والاستقلال عنها، طمعا في تكوين أكبر إمبراطورية تحت مظلة الشيوعية.

 

ومع إصرار السوفيت، قام أدباء ومثقفو ليتوانيا بتأسيس (الحركة اللبنانية)، لإعمار البلاد، وأعلنوا أن الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية ما هي إلا محتل غاشم، وسيطر على ليتوانيا بشكل غير قانوني وأن (مولوتوف_ريبنتروب) هي خديعة يجب التخلص منها.

فقام المخادع مبخائيل جورباتشوف ليعلن تبريرات الاتحاد السوفيتي في استخدام القوة والعنف للحفاظ على الهوية الشيوعية في ليتوانيا والبلاد الأخرى.

استقلال ليتوانيا وعقوبات جورباتشوف

فكانت فرصة الإرتباك السياسي في الاتحاد السوفيتي، هو ثغرة لاستعادة استقلال ليتوانيا مرة أخرى، وبدأت تعمل على إصلاح بعض القوانين المفروضة من موسكو.

وجاءت الانتخابات لتعلم عن استبدال الحزب الشيوعي السوفيتي، بحزب شيوعي ليتواني مستقل، وفي ١٩٩٠ وأثناء انتخابات البرلمان قام الأعضاء بالتصويت لصالح استقلال ليتوانيا.

وعلى الفور أصدر جورباتشوف إنذار موجه لليتوانيا للتراجع عن محاولة الاستقلال، وبطبيعة الحال رفضت ليتوانيا وأصرت على استقلالها.

وتم فرض عقوبات اقتصادية صعبة على ليتوانيا، وأرسل السوفيت القوات العسكرية الخاصة بالاتحاد السوفيتي للسيطرة على العاصمة الليتوانية  فيلنيوس، ومع تطور وتصاعد الأحداث والتحركات العسكرية من الاتحاد السوفيتي ضد ليتوانيا، غضبت البلدان الأخرى حول العالم وأعلنت وقف المساعدات الاقتصادية المقدمة السوفيت.

استقلال 11 جمهورية 

وأعلنت إحدى عشرة جمهورية تابعة للحكم السوفيتي استقلالها نهائيا عن سيطرة الإتحاد السوفيتي، واستطاعت ليتوانيا أيضا بجهدها وإصرارها أن تحصل  في ظل هذه الظروف الشائكة على الاستقلال في مارس عام  ١٩٩٠ وكانت ضربة قوية هزت الاتحاد السوفيتي.

وكما نرى أحداث اليوم بين روسيا ودول أوروبا كنا لعبة القط والفأر، فهي حرب أكون أو لا أكون، وكأنه الثأر الأبدي المحفور على جبين الزمن.

روسيا تسعى لاستعادة الإمبراطورية السوفيتية، وأوروبا وبخاصة ألمانيا تقف ضدها، وشعوب دول البلطيق هي ضحية المؤامرات، والأطماع  الاستعمارية البغيضة.

سلسلة الحقيقة المرة للدول الحرة..(5) ليتوانيا ما بين القرن ال14 وخدعة مولوتوف 2

بقلم / إيمان أبو الليل 

كاتبة صحفية عضو إتحاد كتاب مصر 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.