الصراط المستقيم

شعراء مسيحيون نظموا أروع القصائد في مدح نبي الإسلام

إعداد / الدكتور وجيه جرجس 

 لقد اعتاد المسلمون فى كل بقاع الأرض أن يحتفلوا بذكرى مولد النبى الكريم ولأن الشعر هو أبلغ استخدام للغة العربية، فكان لزاما على الشعراء أن يسهموا فى تلك الذكرى بأجود ما لديهم من قصائد للإحياء، والاحتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف..ونجد أن  الشعراء المسيحيون تفيض أشعارهم سماحة وتوقير وإجلال  لنبى الإسلام عليه افضل الصلاه والسلام. 

على سبيل المثال لا الحصر نجد ان الشاعر السوري عبدالله يوركى مؤسس مجلة (الضاد) في حلب، وكانت مجلته وما زالت تفيض بآلاء المحبة والتقدير والفخر بالعروبة والإسلام، والاخوة نلمس ذلك.

ويقول في قصيدته (قيس من الصحراء) :

بعث الشريعة من غياهب رمسها

فرعى الحقوق وفتح الأذهانا

أمحمد والمجد نسج… يمينه

مجدّت في تعليمك… الأديانا

ولأنه داس الجهالة وانتضى

سيف الجهاد، وحطّم الأوثانا

فلقد ربينا في ظلال عروبة

عرباء تشرق عزة وأمانا

ما نحن إلا أخوة نسعى إلى

إسعاد أمتنا وصون حمانا

والشاعر المصري بطرس ابراهيم عوض (1901-1980) كتب في ذكرى المولد النبوي قصيدة قال في مطلعها:

ذكرى تحل بروضة ورحاب

في أنفس الشعراء والكتّاب

ذكرى الهداية والتقى، بل والنهى

وافت تبدد ظلمة المرتاب

فانثر لها تلك الزهور محييا

عيد الرسول بنفحة الإعجاب

دين لأحمد قد تعاظم شأنه

بين الأنام برفعة الأنساب

ذهب الشاعر اللبناني يوسف أبي رزق (1912-1997) في قصيدته «تحية المولد النبوي الشريف» إلى طلب  المعونه والشفاعة من الرسول العربي:

نبيّ العُرب! عفوك من شعوب

أضاعت في جهالتها حجاها

رسول الحق أشرف من سماء

الخلود على بلادي في أساها

على لبنان تسحقه الرزايا

وأرض جنوبه فقدت رجاها(…)

أغثنا يا نبي الله! واسأل

إلهك أن يعيد لها هناها

الشاعر  الجنوبي الشاعر (جورج صيدح)  من شعراء المهجر  الذي يمدح النبي  محمدويشيد بمواقفه السامية ومنجزاته النبيلة الشامخة كما يلى:

يا من سريت على البرا

ق وجزت أشواط العنان

عرّج على القدس الشريـ

ف ففيه أقداس تهان

ماذا دهاهم هل عصو

ك فأصبح الغازي جبان

ونذرت للشهداء جنا

ت، وخيرات حسان

أما الشاعر الشهير إيليا أبو ماضي فكتب قصيدة «الحرب العظمى» في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وفيها يشكو الحرب عموماً وما خلفته من قتلى.. يدعو إخوانه المسيحيين، والمسلمين، إلى التآخي بدلاً من التنابذ والخصام:

ما بال قومي نائمين عن العُلى

ولقد تنبّه للعُلى الثقلان

تُبّاع أحمد والمسيح هوادة

ما العهد أن يتنكرّ الأخوان

الله ربّ الشرعتين وربكم

فإلى متى في الدين تختصمان

مهما يكن من فارق فكلامكما

يُنمى إلى قحطان أو غسان

فخذوا بأسباب الوفاق وطهّروا

أكبادكم من لوثة الإضغان

في ما يحيق بأرضكم ونفوسكم

شغل لمشتغل عن الأديان

نمتم وقد سهر الأعادي حولكم

وسكنتم والأرض في جيشان

والشاعر (الياس فرحات) شاعر المهجر الجنوبي يفتخر بشمائل الرسول الكريم وبفضله في نشر الديانة الإسلامية

غمر الأرض بأنوار النبوه

كوكب لم تدرك الشمس علوهْ

لم يكد يلمع حتى أصبحت

ترقب الدنيا ومن فيها دنوهْ

والناقد الشاعر اللبناني (مارون عبود)  قد عرض بعض  الصور المشرفة للقرآن الكريم، ومكانته الطاهرة عند الشعوب، وانتقال العربية وأنصارها في بوتقة إسلامية، متسربل بالهدى والنور والرحمه

لولا كتابك ما رأينا معجزات

في أمة مرصوصة البنيان

حملت إلى الأقطار من صحرائها

قبس الهدى ومطارف العمران

هاد يصور لي كأن قوامه

متجسد من عنصر الإيمان

والشاعر (محبوب الخوري الشرتوني) صاحب قصيدة (قالوا تحبُّ العرب)  تتجلى فيهاعشقه للعروبة، والإشادة بإمام البشرية والرحمه للانسانية

قالوا: تحبّ العرب قلت: أحببتهم:

يقضي الجوار علي والأرحام

قالوا: لقد بخلوا عليك أجبتهم:

أهلي وإن بخلوا علي كرام

ومحمد بطل البرية كلها

هو للأعارب أجمعين إمام

والشاعر الكبير (خليل مطران) يقول في قصيدته (رأس السنة الهجرية):

عانى محمد ما عانى بهجرته

لمأرب في سبيل الله محمود

وكم غزاة وكم حرب تجشّمها

حتى يعود بتمكين وتأييد

صعبان راضهما: توحيد معشرهم

وأخذهم بعد إشراك بتوحيد

وبدؤه الحكم بالشورى يتم به

ما شاءه الله من عدل ومن جود

والشاعر اللبناني المهجري (رشيد سليم الخوري) يبرز بالأخوة الصادقه  ويتغنى بالعروبة، ويعتز بالرسول على النحو التالى:

يا فاتح الأرض ميداناً لقوته

صارت بلادك ميداناً لكل قوي

يا قوم هذا مسيحيٌّ… يذكركم

لا ينهض الشرق إلا حبنا الأخوي

فإن ذكرتم رسول الله تكرمة

فبلغوه سلام الشاعر القروى .

فى حين نرى أن الشاعر (جاك صبري شماس) الذي تشهد معظم دواوينه الشعرية، ومقالاته على محبته وولائه للعروبة وإشادته بالدين الإسلامي وافتخاره بالقائد والرسول وذلك في قصيدته (أوراق اعتمادى)  على النحو التالى:

إني مسيحيٌّ أجلُّ (محمدا)

وأجلّ ضاداً مهده الإسلام

وأجلّ أصحاب الرسول وأهله

حيث الصحابة صفوة ومقام

كحّلت شعري بالعروبة والهوى

ولأجل (طه) تفخر الأقلام

أودعت روحي في هيام (محمد)

دانت له الأعراب والأعجام.

ويقول الدكتور وجيه جرجس  فى قصيدته ميلاد الرسول (عليه الصَّلاة والسَّلام) :

وَلد الهدى  رحمةً وسلام

نور للقلوب والأكوان

نهر يفيض بالحق والإيمان

فجر متوضئ بالنور

والضياء ليمحو الأحزان

أسس أركان الأمة

على الإخلاص والإيمان

فيه تلثمت الرحمة

والعدل كالبنيان.

 كما يؤكد الشاعر غضبه ورفضه للإساءة أو تطاول الغرب بالرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد) وذلك  فى قصيدته  (تطاوُل  الأقزام ) التي يقول فيها :

جند الحقد والمكر

تطاوُلوا عليه بكل لسان

وقالوا شاعرا أو ساحرا

وهو لم يقتر

شيئا من البهتان

تطاول عليه الاقزام

والحق عمرُو ضلال ثوان

يزرعون أشواك الفتن

فى صلف  وعدوان

لم يعرفوا أنه كان

بالسائل الفقير رحيما عان

فوجد اليتيم المعدوم

عند الحبيب العطف وواحة الأمان

كما عانى من ظلم وجهل

من أَعجام وعربان

أيسب الحبيب الرمز

والراعى بكل خسة وبهتان

أيسب صاحب الخُلق الكريم

من عصبة الغرب بكل عنفوان

تنال مقامه أفلام وأقلام بوقاحة

ونحن في استسلام وإذعان

هذه ليست يد الفنان

بل يد الغادر الخوان

فلماذا تشعلون الجمر والخلاف والأضغان ؟

أيسب ينبوع المحبة

الذى يسقى الجذور وينعش الأغصان

أيسب نجم في السماء

يا من تدعى إنك فنان!

بالأمس كان ابن بتول

واليوم الرسول يهان

أصبحنا أمة تترنح حائرة

عند نعل السلطان!

صمت مريب

فلم يعد لديه عينان

ولا قلب يدان

فلم يعد لديه

كتاب مقدس أو قرآن

مفوها بالصمت

وكأن الصمت أبلغ بيان.

اليوم نعبر عن غضبنا ورفضنا

أم نحتاج إلى استئذان ؟

سنخرج معا ليرى الغرب

حب الإنسان لأخيه الإنسان

كما  تتجلى تلك المحبه والتقدير والتوقير في حب ال بيت رسول الله  وتعظيمهم وتوقيرهم واحترامهم والاعتراف بمناقبهم ، فيقول الدكتور وجيه فى قصيدته ( أُم المؤمنين):

أُم المؤمنين أُنشودة المحبة والوئام

كلمات تبعث في القلوب الطهر يصحبه السلام

عائشةَ طريق النور و الهدى

و درب النقاء ورمز التقى

أُم المؤمنين بلغت في الدنيا الكمال

للصبر والتقوى مثال.

زوجة الحبيب لها كل الحب والتوقير

فقد رويت من عذبه النمير

كفاك فخر يا بنت أبى بكر حب الرسول الواضح الكَبير

أُم تستضاء بقولها فى حفظ الأحاديث للمصطفى والصحب الكريم

عنوان الطهر والنور ومن ينكر النور سوي الأعمى الأَثيم.

ويقول الأديب الشاعر / جورج سلستي من شعراء المهجر في قصيدة له بعنوان ” نجوى الرسول الأعظم “:

أقبلت كالحق وضاح الأسارير

يفيض وجهك بالنعماء والنور

فرحت فينا وليل الكفر معتكر

تفري بهديك اسداف الدياجير

أبيت إلا سمو الحق حين أبى

سواك إلا سمو البُطْل والزور

يا سيدي يا رسول الله معذرة

إذا كبا فيك تبياني وتعبيري

ماذا أوفيك من حق وتكرمة

وأنت تعلو على ظني وتقديري

على لسانك ما حن البيان به

فذلك الشعر يرنو شبه مسحور

آي من الله … ما ينفك معجزها

يعيى  على الدهر أعلام التحارير

تلوتها فسرت كالنور مؤتلقا

يطوي الدنا بين مأهول ومهجور.

يسعدني أن أهنئكم بهذه المناسبة السعيدة . أعاده الله عليكم بالخير واليمن والبركة والنعمه

  د / وجيه جرجس                     

  كاتب وأديب وعضو اتحاد كتاب مصر

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.