صاحبــك القــرآن ” الجـــزء الخامس”
‹صاحبــك القــرآن ›› الجـــزء الخامس›
نتكلم في هذا الجزء عن إقامة الخلافة الحقة بين المسلمين وبعضهم من أداء الحقوق ودفع المظالم، وإقامة دولة العدل، تلك الدولة التي تبدأ من الأسرة إلى العالم كله فتعدل مع نفسك وأسرتك ومالك ومال أوليائك فتعطي كل ذي حق حقه، ذلك الجزء يصنع منك مسلمًا لا يخشى في الله لومة لائم، قائم بحق ربه وحق عباد ربه!
▫️وقد ختمنا الجزء السابق بآية تنزع من المسلم صفة الجاهلية البهيمية، فتعلمه من هم المحرمون عليه من النساء ليعلم كيف تبنى الأسر على مراد الله ونستأنف في بداية هذا الجزء تحريم المحصنات حتى يطلقن أو يُسْبين، إحلال زواج الإماء بتوفر شروط ذلك!
▫️وبعد هذه السلسلة من التحريم والأوامر فينزل الله تعالى: ‹يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ★وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا★يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا›.
▫️ليثبت للمؤمنين أن كل ما سبق من الأوامر والنواهي إنما هي لهدايتكم ولستم ببدع ممن سبقكم من المسلمين الأول، وأن الله هو من يريد أن يتوب عليكم وأما من أراد الاستمرار على عادات الجاهلية فهم يريدوا الغواية ليس إلا، وإن كل هذه الأحكام ترى في ظاهرها الشدة ونزع ما ألفته النفوس في جاهليتها ولكنه التخفيف المحض والرحمة العظيمة لهذا المخلوق الضعيف.
▫️ومن بعد أن تكلم الله عن حق اليتيم وحق المرأة وبين للمسلمين ما حرم عليهم جاء الأمر للتعميم بعدم أكل أموال بعضنا بعض بالباطل مهما كان صاحب الحق ضعيف، ولأن أكل الحقوق يوصل للقهر ومن القهر ما تزهق به الأرواح فحرم علينا قتل بعضنا بعضًا أو قتل أنفسنا، رحمة من ربك، ومن بعد تحريم أكل الحقوق بالباطل جاء الأمر والتوضيح بعدم التمنى ما فضل الله به غيرك، فقد يتمنى ولى اليتيم حقًا غير مشروع في مال اليتيم، وقد يتمنى الرجل مهر المرأة أو ميراثها جورًا عليها، وأن لكل شخص ورثة يرثون ما ترك!
▫️وبعد أن بين الله -فيما سبق- للمسلم من يتزوج وكيف يتزوج وما يترتب عليها من حقوق عامة فيشرع في توضيح حقوق الرجل والمرأة داخل الأسرة الواحدة فيبين لكل طرف ما له وما عليه!
▫️وبعد التحدث عن حقوق الزوج والزوجة والإحسان فيها فجاء أمر الله بـالإحسان في كل شئ ومع كل أحد.
▫️وبعد أن بين الله حال أهل الكتاب من خيانتهم للأمانة ونقضهم عهود الله، فأمر الله المؤمنين بمجموعة من الأحكام منها؛ أداء الأمانة إلى أهلها سواء كانت أمانة مادية أو معنوية، الحكم بالعدل، طاعة الله وطاعة الرسول، طاعة ولي الأمر مادام يأمر بما أمر الله، ترد الأمور إلى حكم الله ورسوله في حال التنازع.
▫️ولما كانت الأحكام تشمل المجتمع المسلم بما فيه ومن فيه فتظهر شر ذمة المنافقين، الذين ينظرون إلى الأحكام نظرة الهوى فإن وافقت هواهم فعلوا وإن لم توافقها تركوا.
▫️وبعد هذا الظلم الكبير للنفس أشار الله إلى كيفية التخلص من هذا الظلم لكي ينجو منه المجتمع المسلم.
▫️ولك أن تدرك جزيل الفضل من الله على هذا، حتى أنه جل جلاله قال: ‹وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا›.
▫️ولما أشير للشهداء، فأتى الأمر بالجهاد: أداء لحق الله، نصرة لكل مظلوم ومستضعف، قتال أولياء الشيطان.
▫️فلما كانت عبادة الجهاد من أشق العبادات على النفس البشرية أخذ القرآن شوط كبير في معالجتها والحث عليها والتحذير من المنافقين وأعمالهم. ولما كان الجهاد هو قتال العدو، أتى تبيان الأحكام في قتال المؤمنين بعضهم بعضا، وبعد أن بين الله أحوال المنافقين في الأمة وأحوالهم في وقت الجهاد بين أن مخالفة أمر الرسول ما هي إلا سبيل النار وإنما هي شرك بالله وما هذا إلا بسوء النفس وغواية الشيطان، وأما من يعمل من الصالحات وهو مؤمن فهو على ملة الخليل إبراهيم عليه السلام.
▫️وتعود بنا السورة إلى أحكام النكاح والأسرة مرة أخرى فتبين كيف يكون العدل فيها: حكم زواج ولي مال اليتيمة بها دون القسط لها في مهرها، حكم نشوز الرجل، حكم العدل في التعدد.
▫️ومن العدل في الأسرة والزوجة إلى العدل على الأولياء كلهم فقد يتخيل للمرء أنه إذا أمر بالإحسان إلى الأقارب فإنه يعاونه على باطله، فأمر الله بشهادة القسط على كل أحد وبدأ بالأقرب فالأقرب وأن هذا من أصول الإيمان.
وفي ختام الجزء تحذير من الأعداء سواء كانوا منافقين ومشركين فكل يسعى إلى هدم المجتمع بطريقته!