المجتمع

صعب يكون ليه منافس أو شبيه جوا قلبى .. أبي يرحمه الله

بقلم / آلاء يسري جوهر

زى انهردة من ٥ سنين .. كان اول يوم حياة بدون بابا .. الله يرحمه و يعف عنه و يحسن اليه ..

بابا كان ليه معايا علاقة مختلفة عن اى علاقة اتعاملت فيها مع اى حد .. صعب يكون ليه منافس او شبيه جوا قلبى ..

و البوست كل هدفه بعد الدعاء ليه .. انى الفت النظر ازاى يكونلك اثر جميل ف نفوس اولادك بعد وفاتك ..

بابا .. معايا .. كان اول و اكتر انسان ع الارض تجاوز عن اخطائى ( و اللى يعرفونى ويعرفوا عفويتى فى الكلام و الحركة يعرفوا انها كتير جدا )

و اى طفلة كثيرة الاخطاء طبعا بتقابل من المجتمع سواء العائلى او المدرسى .. او .. او .. مشاكل كتير .. فكان لبابا رصيد كبير اوى عندى بتجاوز اخطاء من وجهة نظرى وقت ما عملتها انها ضخمة جدا ..

فاكرة مرة ف التسعينات (كنت ف ابتدائى ) و كان بابا شغال شغل مهم ع الكمبيوتر ( مكنش لسة الناس عندهم كمبيوترات ف البيت اصلا .. قبل ما ينزل الويندوز) و كان الشغل اللى بابا بيعمله صعب يتعمله save لسبب ما فكان لازم يخلصه من غير ما يطفى الجهاز .. فاخد الكمبيوتر ف اوضتى و كان شغال عليه ليل نهار .. و فى حالة استنفار ف البيت عشان التوتر عشان بابا بيخلض الشغل ..

و طبعا كان ممنوع حد يدخل ..

كان بابا ف تانى او تالت يوم من الشغل المتواصل ( اللى مش معموله save على حد فهمى وقتها)

خبطت و اترجيته اقعد معاه ف الاوضة و هاعد على مكتبى و مش هاتكلم خالص .. فقالى ادخل بس ما اكلموش ..

قعدت ع المكتب .. و بمنتهى العفوية و بدون اى تفكير شلت فيشة المشترك اللى جنبى و حطيت فيشة الاباجورة .. و بعدها بثوانى ادركت الكارثة اللى انا عملتها ..

انا شلت فيشة الكمبيوتر

لفيت و انا فاتحة بقى ابصله .. فبمنتهى الهدوء قالى .. اطلعى دلوقتى ..

انا : بس كدة .. طب اشتم .. طب عاقب .. طب زعق .. طب هزأ .. طب اتحسر .. طب اى حاجة ..

سابنى لضميرى و ما اصعب دة .. طلعت من الاوضة و بس خلص الموقف على كدة ..

مرة تانية كان مروح حران جدا (قبل المكيفات و المراوح اللى ف كل حتة ) و مكنش فى غيرنا ف البيت .. عمل كباية شاى و حطها على ايد الكرسى و لسة هيعد يستجم قمت بحركة بهلوانية ثلاثية الابعاد لاطشاها .. فوقعت على صدره كلها و هى مغلييييية ..

فقال نفس الكلمة : ادخلى اوضتك دلوقتى ..

و انا هاموت و يزعقلى و اللى يعاقبنى و اللا اىىىى حاجة . . خااااالص ..

مرة تالتة .. كان جايب شفشق ازاز شيك اوى م السعودية فحطيته على تربيزة جنب البلكونة قالى بلاش هنا عشان ممكن ييجى هوا يوقعه .. قلتله هوا ايه مفيش هوا .. سكت و مقاليش يا عندية و لا اسمعى الكلام ..

اقل من ٥ دقائق كان الشفشق متدشدش ع الارض عشان هوا زق الستارة فزقته ..

قالى ايه .. ان لها اعمارا كما لكم اعمار .. قدر الله و ماشاء فعل .. و لم هو الازاز من غير كلمة لوم و لا نظرة عتاب حتى ..

لانه فعلا من جواه مكانش بيلومنى ..

التجاوز عن الاخطاء كان من اكبر و اوسع ابواب قرب بابا الروحى منى ..

انا فاكرة ان مرة عمل حاجة ضايقتنى فقلتله يا غلس (كانت ايامها شتيمة ) فقالى ما يصحش تقولى لباباكى كدة (بصوت هادى جدا .. رحت لوحدى بعدها اتاسفله قالى على ايه !!!

احنا بشر ما اتخلقناش نكون كاملين .. و هنعيش نغلط و نموت و احنا بنغلط .. التعامل مع الاخطاء برفق و لين و احترام و مودة من اكبر طرق دخول قلب الاطفال ..

النقطة التانية اللى خلت بابا له مكان عالى جدا ف قلبى ..

انه حبنى بدون شروط . ..

مستوى حبه .. احترامه .. معاملته ليا ..

مكانتش بتتاثر ابدا ابدا .. بمستوى دراسى و لا بعطاء و لا بكلام الناس عنى (اصلا هو اللى كان بيعد يكلمهم عنى و يعد يقول كلام حلو لدرجة ابقى عايزة اقوله هو حضرتك بتتكلم عن مين )

بابا حبنى زى ما انا .. حب عفويتى و اخطائى و سخافتى و تقل دمى .. حبنى و شكلى حلو او وحش .. حبنى و انا باكرمه( و ما اقل ذلك ) و و انا مقصرة معاه ..

ما احتجتش ابذل مجهود عشان اخد حبه او احترامه

ما حتجتش اطلع الاولى او ابقى افضل واحدة ف اخواتى او اقوم بكل مسئولياتى او يبقى ليا شكل معين او اداء معين عشان اخد حبه ..

حبنى حب one way .. مكنش مستنيله مقابل

حبنى و انا باتغابى و كان بيقولى انى ذكية .. كان اكتر حد قالى عنى كلام حلو .. كان اول واحد يقولى انى جميلة او شاطرة او ذكية..

حتى الصفات المتعبة كان يديها اسم جميل و يهزر .. بدل ما يقولى يا مجادلة او متعبة كان يقولى يا غلباوية و يضحكلى

بابا كان ليه لحظات وحشة اكيد و اخطاء كبيرة زى اى اب لكن النجاح ف الابوة او الامومة مش اننا ما نغلطش .. بل ان كمية الحلو اللى بيننا و بين اولادنا تكون اكبر من الوحش بفرق كبير ..

مفيش حاجة بتعوض وجود بابا الا انى اعمل نفس اللى عمله مع اولادى و احس بالحب بدون شروط ناحيتهم و ناحية حبايبى ..

ادعوله بالعفو و المغفرة و ان ربنا يديله معمل ميكرو يعمل فيه كل اللى كان نفسه يعمله ف الدنيا و معملوش (كان بيقول انه هيطلب دة لما يروح الجنة بامر الله)

ادعوله يحشره فى زمرة المساكين (كان بيدعى بيها)

و يجمعه باحبابه و يجعل قبره روضه من رياض الجنة

المدربة آلاء يسري جوهر

 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. بارك الله لكي و فيكي .. الله يرحم الدكتور و الوالد/ يسري جوهر رحمة واسعة – لم ينقطع عمله حتى بعد وفاته؛ فترك العلم النافع و الولد الصالح الذي يدعو له قولاً و عملاً و ترك ما هو اكثر ترك القدوة الحسنه على المستوى العلمي و الانساني ترك ما هو ظاهر و اكثر
    و لا نزكي على الله احداً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.