صوت النذير لعقلاء العالم
في عام 1911 شرع الأدميرال البحري الأمريكي “وليام غاي كار” في البحث عن السر الخفي الذي يمنع الجنس البشري من أن يعيش بسلام ، ويتمتع بالخيرات الوفيرة التي منحها الله لخلقه . وبعد متابعة دقيقة لتطورات الأحداث لمدة 39 عاما كشف سر تعاسة البشرية وانه نتاج مؤامرة شيطانية، وشرح تفاصيلها في كتابة القيم ( أحجار على رقعة الشطرنج) الذي أصدره عام 1950 ، واعتبره المفكرون صوت النذير لعقلاء العالم لكي يتحدوا في مسيرة الخير لدحر قوى الشر.
وتوصل غاي كار الى رؤيته في ضوء متابعته الميدانية للأحداث الجسام التي شهدتها هذه السنوات وأهمها : تدمير أربع امبراطوريات كبرى هي الالمانية والروسية والعثمانية واليابانية، وتحول الامبراطوريتان الانجليزية والفرنسية الى قوى من الدرجة الثانية والثالثة ، واشعال نيران حربين عالميتين حصدت عشرات الملايين من البشر ، واعلان قيام دولة لليهود على أرض فلسطين المغتصبة، ثم تقسيم العالم الى معسكرين متصارعين شرقي شيوعي بزعامة الاتحاد السوفيتي وغربي رأسمالي بزعامة أمريكا.
وفي فصل بعنوان ( المؤامرة العالمية) تحدث غاي كار عن مخططات الصهيونية ، التي تهدف إلى تدمير جميع الحكومات والأديان القائمة ، من خلال تقسيم شعوب العالم التي اسماها الجوييم ( وهو الأسم الذي يُطلق على الجنس البشري من غير اليهود وهو لفظ بمعني القطعان البشرية) إلى معسكرات متنابذة تتصارع الى الابد حول عدد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والعنصرية والسياسية التي تتولد دونما توقف . ويقتضي المخطط تسليح هذه المعسكرات ، ثم تدبير حادث في كل فترة كي تنقض على بعضها البعض وتتحطم الحكومات الوطنية والمؤسسات الدينية.
ولتنفيذ هذه المؤامرة استأجر المرابون اليهود أصحاب مؤسسة روتشيلد المالية عام 1770 آدم وايزهابت استاذ القانون اليسوعي بجامعة أنجولدشتات بعد أن ارتد عن المسيحية ليعتنق المذهب الشيطاني وكلفوه بمهمة اعادة تنظيم بروتوكولات حكماء صهيون القديمة على أسس حديثة . وبعد استكمال وضعه للمخطط الصهيوني عام 1776 قام بتأسيس جماعة النورانيين أي ” حملة النور” لايهام العالم بأنهم أصحاب رسالة تنويرية لتشرف على تنفيذه ، وادعى أن هدفه هو الوصول إلى حكومة عالمية تتكون من ذوي القدرات الفكرية واستطاع أن يضم اليه حوالى الفي شخص من أبرزالمتفوقين في الفنون والاداب والعلوم والسياسة والاقتصاد والمال والصناعة، ليؤسسوا (محفل الشرق الأكبر) السري والذي يعد المركز الرئيس للماسونية العالمية ، والذي يروج للأممية مدّعين أن من حقهم قيادة جحافل الشعوب (الجوييم ) الذين يجهلون ما هو صالح لهم جسديا وعقليا وروحياً . وهو ما يُطلق عليه اليوم مصطلح العولمة ، بحسب تفسير الباحث مازن مريزة اثناء عرضه للكتاب .
وكشف كتاب ( احجار على رقة الشطرنج) عن مجموعة من الوثائق التي وقعت بيد الحكومة البافارية عام 1784، فضحت تعليمات وضعها آدم وايزهابت لأعضاء الماسونية العالمية للتوصل إلى إنشاء الحكومة العالمية ، أولها استخدام الرشوة بالمال والجنس للسيطرة على نخبة من الأشخاص الذين يشغلون أماكن حساسة في مختلف مجالات النشاط الإنساني ، ومن لا يمكن شراؤه يجب أن يتعرض للاستنزاف او الخراب المالي ، والتهديد بالإيذاء الجسدي والقتل. وثانيا الزام ( النورانيين) الذين يعملون في الجامعات والمعاهد العلمية ، الاهتمام بالطلبة المتميزين علمياً والمنتمين إلى أسر ذي مكانة مالية أو اجتماعية مرموقة ، لتربيتهم على الأممية وترسيخ مبدأ أن حكم الشعوب يجب أن يكون بيد هؤلاء المختارين المدربين في المعاهد الماسونية. وثالثا :استخدام الطلبة الذين اجتازوا التدريبات الخاصة والشخصيات ذوي النفوذ التي تقع تحت سيطرة (النورانيين) كعملاء خلف الستار ، بعد ايصالهم إلى الأماكن الحساسة في الحكومات والمنظمات العالمية بصفة خبراء او اختصاصيين ، بحيث يكون في امكانهم تقديم النصح لقيادات الدول كي يتبنوا سياسات يكون من شانها على الأمد الطويل أن تخدم أهداف منظمة العالم الواحد. وأخيرا السيطرة على جميع أجهزة الصحافة والإعلام والمؤسسات الفكرية والثقافية ، لاقناع شعوب العالم بان تكوين حكومة اممية واحدة هو الطريق لحل مشاكل العالم .
ونحن هنا لا نروج لنظرية المؤامرة ، ولكننا نسعى لمعرفة أسباب القتل والدمار والتشرد التي يعصف بمنطقتنا وبشعوبها ، ولماذا تكالبت الدول الكبرى باحدث أسلحة الدمار على المنطقة . وعلى الذين يتشككون في المؤامرة ان يتطلعوا حولهم ليتأكدو أن الطرف الوحيد المستفيد مما يجرى هو اسرائيل وبني صهيون . كما ننبه هؤلاء المتشككين إلى أن الترويج لنظرية رفض المؤامرة هي جزء من المؤامرة العالمية.
وأوكد أننا لا نروج لنظرية المؤامرة لتكون بمثابة شماعة تعلق عليها الحكومات العربية والاسلامية فشلها لكن بهدف فضح مخططات الاعداء للعمل على احباطها . وقد أحسن الفيلسوف والمفكر الايرلندي أدمون بورك ( 1729 – 1797 ) في قوله :” “كل ما تحتاج إليه قوي الشر لتنتصر هو أن يمكث أنصار الخير بدون عمل ما”.