لحساب من يظل سوق الدواء في مصر تتفاقم أزماته من حلقة لأخري دون التفات من الحكومة الرشيدة التي منحها البرلمان الثقة في غياب نحو 140 عضوا.
أزمة الدواء في مصر أطلت برأسها علينا منذ العام 2003 ولأن حكوماتنا تفتقد إلي الرشد ويغيب عنها الإبداع ظلت تتواصل حلقات الأزمة حتي بلغت ذروتها واختفي نحو 1471 دواء من السوق منها نحو 366 بدون بدائل. خاصة أدوية القلب والسرطان والضغط وقرحة المعدة والكبد وحقن الولادة والملينات.
مصر تعتمد في صناعة دوائها علي 90% من الخامات المستوردة ولا نستطيع إنتاج المادة الخام لظروف كثيرة.. ناهيك عن مشكلة ألبان الأطفال وأدوية الحضانات.
المعنيون بالدواء في مصر يصرخون ولا أحد يسمعهم وحاولوا طوال هذه الفترة تحريك سعر الدواء خاصة الأصناف التي تخسر فيها الشركات المحلية وذلك من جنيه إلي 20 جنيها حتي يمكن الوصول إلي تكلفة صناعة هذه الأصناف ومن ثم يستمر الإنتاج حرصا علي مصلحة المرضي وحتي لا يعزف المصنعون عن إنتاج بعض الأصناف أمام خسائرهم.
حجم المبيعات للدواء في مصر يبلغ نحو 40 مليار جنيه وقابل للانخفاض إلي 30 مليار جنيه. ومصر أقدم من الأردن في صناعة الدواء التي تبلغ مبيعاتها نحو 8 مليارات دولار وتستحوذ علي السوق السعودي بالكامل. وكذا الهند التي تصدر بنحو 18 مليار دولار وبها مصانع للمواد الخام.. فهل نتعلم الدرس من الأردن والهند ونغير من سياساتنا التي أوصلتنا من أزمة لأخري لغياب الشفافية وإبعاد الكفاءات والاحتفاظ بأهل الثقة وذوي القربي حتي ضاقت علي المصريين حلقات عديدة في حياتهم شملت طعامهم وتعليمهم حتي بلغت صحتهم ودواءهم. ولسوف تزداد حلقات الضغط علي المواطن إذا لم يجد من يحنو عليه وأن تكون هناك حكومة مسئولة تحاسب علي برامجها وتنفيذها ميقاتا ونوعية.
في مصر شركات استثمارية لصناعة الدواء هذه الشركات يصفونها المعنيون بسوق الدواء – بما فيها الصناعة – حيث لا تكتفي هذه الشركات بربح مناسبك فمثلا دواء عندها يباع بسعر 45 جنيها بينما تكلفته الحقيقية 70 قرشا فقط ودواء آخر يباع بخمسة جنيهات في حين تكلفته 3 جنيهات فقط.. هذه الشركات بلغت أرباحها نحو 2.5 مليار جنيه. بينما تخسر شركات قطاع الأعمال والمحلية بسبب التسعيرة الزهيدة التي لا تواكب متطلبات الإنتاج.
ولا نفعل في هذا المقام السلاسل الصيدلانية وهي التي تستحوذ علي 50% من حجم السوق وهى مصدر الأدوية المستوردة ومصلحتهم تحفيز المريض علي شراء البديل المستورد بدعوي أفضليته.
لا حل لمشكلة الدواء في مصر إلا بهيئة للدواء من شأنها حماية الصناعة المحلية غير غافلة عن حق المواطن في الدواء بعيدا عن غرفة صناعة الدواء وأصحاب الولاءات لمصالحهم في المقام الأول حتي نواجه الاحتكارات في السوق وتوجيه بوصلته وفق مصالح المنتفعين فقط بعيدا عن تنمية هذه الصناعة خدمة للاقتصاد الكلي والمواطن معا.