غينيا بيساو: مرشح الرئاسة يطلب اللجوء داخل السفارة النيجيرية بعد تصاعد التوتر السياسي

كتبت – د.هيام الإبس
يشكّل الانقلاب العسكري في غينيا بيساو أخطر تحول تشهده المنطقة منذ سنوات، حيث أطاح الجيش بالرئيس المنتخب عمر سيسوكو إمبالو وعلّق العملية الانتخابية، ثم نصب اللواء هورتا نتام رئيساً انتقاليًا.
ما حدث ليس مجرد حركة عسكرية، بل انهيار كامل لمنطق الدولة المدنية، وعودة شرسة لمنطق القوة الصلبة.
هذا الحدث يعلن رسمياً دخول غرب إفريقيا مرحلة جديدة من الصراع على السلطة، حيث تتغذى الجيوش على الانقسامات الداخلية وتعيد تشكيل الحكم بعيداً عن الدستور وبعيداً عن الإرادة الشعبية.
وفى تطور يسلّط الضوء على هشاشة المشهد السياسى فى غينيا بيساو، لجأ المرشح الرئاسي فرناندو دياس إلى السفارة النيجيرية في العاصمة بيساو، حيث يقيم حالياً بعد أن التمس الحماية عقب ما وصفه بتهديد مباشر لحياته.
وتؤكد مصادر دبلوماسية أن طلبه حصل بالفعل على موافقة رسمية من وزير الخارجية النيجيري في خطاب وُجه الأحد إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس).
الخطاب الذي أقرّ الحماية لمرشح المعارضة طالب أيضاً إيكواس بالسماح لقواتها المنتشرة في بيساو بتأمين محيط السفارة النيجيرية، في خطوة تعكس حجم المخاوف المحيطة بالوضع الأمني. وجاء ذلك في وقت أفادت تقارير محلية بأن منزل دياس تعرّض لهجوم من قبل مجموعات موالية للرئيس السابق عمر سيسوكو إمبالو، ما وضع حياته في دائرة الخطر ودفعه إلى البحث عن ملاذ آمن.
دياس، المدعوم من حزب إفريقيا للاستقلال (PAIGC)، كان أبرز منافسي إمبالو في الانتخابات الأخيرة، حيث أعلن كل من الطرفين فوزه قبل أن ينقلب المشهد بعد ثلاثة أيام فقط، عندما سيطر الجيش على الوضع ومنع اللجنة الانتخابية من إعلان النتائج النهائية.
هذا التدخل العسكري أدخل البلاد في مرحلة فراغ دستوري وأعاد طرح الأسئلة حول مستقبل العملية الديمقراطية في الدولة الصغيرة الواقعة على الساحل الغربي لإفريقيا.
في الأثناء، غادرت بعثة من إيكواس بيساو يوم الإثنين بعدما طالبت بعودة كاملة للنظام الدستوري واستكمال العملية الانتخابية دون تأخير.
ويأتي ذلك بينما يستعد وزير الخارجية الجديد في غينيا بيساو لمواصلة النقاشات مع الجيش وإيكواس في الرابع عشر من ديسمبر الجارى، في محاولة لتفكيك الأزمة السياسية التي تتصاعد حدتها يوماً بعد يوم.
بهذه التطورات، تدخل غينيا بيساو مرحلة جديدة من عدم اليقين، حيث تتقاطع التدخلات الإقليمية مع تنازع السلطة في الداخل، بينما يبقى المصير السياسي للبلاد رهن الاتفاقات المقبلة والقدرة على إعادة العملية الانتخابية إلى مسارها الطبيعي.



