أخبار العالمأراء وقراءاتاحدث الاخبار

‏فلسطين الروهينجا الأويغور السودان ثم غزة…..أكَلة يتداعون بلا كلل

لو أن جملةً واحدة تُعبر عن هذه الدوامة، فلن تكون أدق ولا أبلغ من قول النبي صلى الله عليه وسلم: “كما تداعى الأكَلةُ إلى قَصعَتِها”!

 

اختيار النبي صلى الله عليه وسلم لهذا المشهد الحسي الذي يعرفه كل الناس “الأكل” لتقريب معنى عدواني معقد “التكالب”؛ ليس عبثًا.. فـ “تداعى” تنُم عن سرعة وتسابق وطمع جماعي، كأن كل واحد يدعو الآخر ويستعجله ليأخذ نصيبًا، كأن أكل الواحد يُغري الباقين ويستحثّهم، وقديمًا قيل: “الضعيف لحم”.

 

وهذا التعبير “الأكَلة”، ليس الآكلون، بل “الأكَلة” صيغة مبالغة تدل على النّهم، احتقارًا لطبيعتهم الحيوانية الشرهة المُقزِّزة.. فمع كل ما في معنى “القصعة” من ذُلّ؛ فإنه لا يوازي المعنى القبيح في تعبير “الأكَلة”، قطيع من الجياع يتزاحمون ويتدافعون طمعًا، لا تعُفُّهم آداب ولا يضبطهم نظام ولا دين ولا أخلاق، كأنها كناية عن كثرة الإفساد والقتل.

 

ثم “القصعة”، لا الطعام ولا المائدة، قصعة واحدة، مُغرية، غير محميةٍ ولا مملوكةٍ لأحد = وحدة واحدة مُستباحة، أُمة كبيرة فقدت مَنعتها وحُرمتها، فلا هي تملك أن تُدافع عن نفسها ولا تكاد تجد من يُدافع عنها.

 

على أن هذه النبوءة بقدر ما هي قدرية، إلا أنها تحذيرية كذلك لإثارة الغيرة في نفس المؤمن، وكأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ضعفكم يستوجب الطمع فيكم، فإياكم أن تصلوا لهذه الحال!

وما الذي يؤدى بنا إلى هذه الحال يا رسول الله؟

“الوهن.. حُب الدنيا وكراهية الموت”.

 

فما كان صلى الله عليه وسلم ليصف الداء إلا وقد دلّ على الدواء.. فالأمر ليس مجرد مصير نستسلم له، بل واقع نملك تغييره.. هذه النبوءة في حقيقتها دافع للعمل لا ذريعة للاستسلام، مُرادها أن آخر هذه الأمة لا يُصلح إلا بما أصلح أولها: إيمانٌ يُحيي القلوب، وعزمٌ يُذلّ الصِعاب.

مختارة من حساب “محمد وفيق زين العابدين”على منصة x

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى