في ذكرىٰ مولد النبي محمد…ما رأيكم في كل هذا الحُب ؟!

من اختيارات الكاتب الصحفي محمد يوسف رزين *
*يقول أبو بكر الصديق:
كنّا في الهجرة، وأنا عطشان جدًا، فجئتُ بمذقة لبنن فناولتها للرّسول وقلت له:
اشربْ يا “رسول الله”. فشرب “النّبي” حتى “ارتويتُ” (!!!)
يوم فتح مكة أسلم “أبو قحافة” [أبو سيدنا أبي بكر]، وكان إسلامه متأخرًا جدًا، وكان قد أُصيب بالعمى، فأخذه سيدنا “أبو بكر” وذهب به إلى “النّبي” ليعلن إسلامه ويبايعه.
فقال “النّبي”: يا “أبا بكر” هلا تركتَ الشّيخ في بيته، فذهبنا نحن إليه؟ فقال “أبو بكر”: لأنتَ أحق أن يؤتى إليك يا “رسول الله”.
وأسلم “أبو قحافة”، فبكى “أبو بكر الصّديق”، فقالوا له: هذا يوم فرحة، فأبوك أسلم ونجا من النّار فما الذي يبكيك ؟!
قال: لأنّي كنتُ أُحب أن الذي بايع “النّبي” الآن ليس “أبي” ولكن “أبو طالب”، لأنّ ذلك كان سيسعد النّبي أكثر (!!!)
* غاب “النّبي” طوال اليوم عن سيدنا “ثوبان” خادمه ، وحينما جاء قال له: أوحشتني يا “رسول الله”، وبكى.
فقال له “النّبي”: اهذا يبكيك ؟!
قال “ثوبان”: لا يا “رسول الله”، ولكن تذكرت مكانك في الجَنة ومكاني، فذكرت الوَحشة، فنزل قول الله تعالى: {وَمَن يُطِعِ الله وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}.
* كان “سواد بن عزيّة” يوم غزوة “أحد” واقفًا في وسط الجيش؛ فقال “النّبي” للجيش: استووا… استقيموا.
فينظر “النّبي” فيرى “سوادًا” لم ينضبط، فقال له: استو يا “سواد”.
فقال “سواد”: نعم يا “رسول الله” ووقف؛ ولكنّه لم ينضبط، فجاء “النّبي” بسواكه ونغز “سوادًا” في بطنه، قال: استو يا “سواد”، فقال “سواد”: أوجعتني يا “رسول الله”، وقد بعثك الله بالحق فأقدني (!!!)
فكشف “النّبي” عن بطنه الشّريفة، وقال: اقتص يا “سواد”… فانكبّ “سواد” على بطن “النّبي” يُقبّلها ويقول: هذا ما أردت.
وقال: يا “رسول الله” أظن أن هذا اليوم يوم شهادة، فأحببتُ أن يكون آخر العهد بك أن تمس جلدي جلدك (!!!)
* كان “النّبي” يخطب في مسجده -قبل أن يقام المنبر- بجوار جذع الشّجرة حتى يراه الصّحابة… فيقف “النّبي” يمسك الجذع، فلمّا بنوا له المنبر ترك الجذع وذهب إلي المنبر؛ فسُمع للجذع أنينٌ لفراق “النّبي”، فنزل “النّبي” عن المنبر ، وعاد للجذع يمسح عليه، ويقول له:
ألا ترضى أن تُدفن ها هنا وتكون معي في الجنة ؟ فسَكن الجذع (!!!)
* كان “بلال” أول من رفع الأذان بأمر من “النّبي” في مسجد المدينة المنورة، واستمر ذلك مدة تقارب العشر سنوات، وبعد وفاة “النّبي” ذهب “بلال” إلى “أبي بكر” يقول له: ”يا خليفة “رسول الله”، إنّي سمعت “رسول الله” يقول: “أفضل عمل المؤمن الجهاد في سبيل الله“.
قال له “أبو بكر”: فما تشاء يا “بلال” ؟
قال: أردتُ أن أرابط في سبيل الله حتى أموت.
فقال “أبو بكر”: ومَن يُؤذّن لنا ؟!
قال “بلال” وعيناه تفيضان من الدّمع: إنّي لا أؤذن لأحد بعد “رسول الله”.
قال “أبو بكر”: بل ابقَ وأذّن لنا.
قال “بلال”: إن كنتَ أعتقتني لأكون لك فليكن ما تريد، وإن كنتَ أعتقتني لله فدعني وما أعتقتني له.
قال “أبو بكر”: بل أعتقتك لله يا “بلال”.
فسافَر إلى الشّام حيث بقي مرابطًا ومجاهدًا.
يقول عن نفسه: لم أطق أن أبقى في المدينة بعد وفاة الرّسول.
وكان إذا أراد أن يؤذّن وجاء إلى: “أشهد أن محمدًا رسول الله”
تخنقه عَبْرته، فيبكي، فمضى إلى الشّام وذهب مع المجاهدين.
وبعد سنين رأى “بلال” “النّبي” في منامه وهو يقول: ما هذه الجفوة يا “بلال” ؟ أمَا آن لك أن تزورنا ؟!
فانتبه حزينًا؛ فركب إلى المدينة، فأتى قبر “النّبي” وجعل يبكي عنده، فأَقبَل “الحسَن” و”الحُسين” فجعل يقبلهما ويضمهما، فقالا له: نشتهي أن تؤذن في السّحر.
فَعلى سطح المسجد، فلمّا قال: الله أكبر الله أكبر، ارتجّت المدينة، فلمّا قال: أشهد أن لا إله إلا الله زادت رجّتها، فلمّا قال: أشهد أن محمدًا رسول الله خرجت النّساء من خدورهنّ.
فما رُؤي يومٌ أكثر باكيًا وباكيةً من ذلك اليوم.
وعندما زار “الشّام” أمير المؤمنين “عمر بن الخطاب” توسّل المسلمون إليه أن يحمل “بلالًا” على أن يؤذّن لهم صلاة واحدة، فدعا “أمير المؤمنين” “بلالًا” وقد حان وقت الصّلاة ورجاه أن يؤذن، فصعد وأذّن… فبكى “الصّحابة” الذين كانوا أدركوا “رسول الله” كما لم يبكوا من قَبل، وكان “عمر” أشدهم بكاءً.
وعند وفاته؛ تبكي زوجته جواره، فيقول: “لا تبكي، غدًا نلقى الأحبة محمدًا وصحبه”.
عليه أفضل الصّلوات وأتم التّسليمات والتّبريكات
*مدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط