قصف العاصمة المؤقتة.. تصعيد عسكري يهدد شرق السودان

كتبت: د. هيام الإبس
في تصعيد خطير يُنذر بتوسّع رقعة الحرب السودانية، تعرّضت مدينة بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة، فجر اليوم الثلاثاء، لقصف عنيف بطائرات مسيّرة استهدفت مناطق حساسة بينها محيط الميناء البحري والمطار الدولي، في ثاني هجوم مباشر تتعرض له المدينة خلال أقل من أسبوع.
ضربات تستهدف العمق الاستراتيجي
بحسب مصادر مطلعة، فقد تركزت الهجمات على محيط ميناء بورتسودان الجنوبي، ما أسفر عن حرائق كثيفة وتصاعد أعمدة الدخان من عدة مواقع. كما استُهدِف فندق مارينا (هيلتون سابقاً) الواقع بمنطقة ترانزيت، ما أثار حالة من الذعر في أوساط السكان، خاصة مع تكرار الاعتداءات خلال الأيام الأخيرة.
وشهدت المدينة طوابير طويلة أمام محطات الوقود عقب استهداف 3 مستودعات للبترول شرق المدينة، في هجوم مسيّر أدى إلى تفاقم أزمة الطاقة.
شلل في الحركة الجوية وذعر شعبي
أعلنت إدارة مطار بورتسودان توقف الملاحة الجوية إلى أجل غير مسمى، لحين استقرار الأوضاع الأمنية، بعد أن تبين أن إعادة تشغيل المطار عقب هجوم السبت كان “قرارًا متسرعًا”، بحسب مصدر أمني بالمطار.
وتسببت القذائف الصاروخية في خسائر مادية بمرافق قريبة من حي ترانزيت، حيث مقر إقامة رئيس مجلس السيادة الانتقالي، ما دفع القوات المسلحة إلى تطويق فندق مارينا وتحقيقات أولية رجّحت استخدام صاروخ موجّه، في مؤشر على تطور قدرات الجهة المنفذة.
تحذيرات من تحول بورتسودان إلى ساحة صراع
الباحث في الشؤون العسكرية أحمد السني أكد أن الهجمات نُفذت باستخدام تقنيات متقدمة تفوق إمكانات قوات “الدعم السريع”، مضيفًا أن منفذيها “لا يبالون بالإدانات الدولية رغم تهديد المدينة الساحلية لأمن البحر الأحمر والمنطقة برمّتها”.
من جانبه، حذّر الباحث الاستراتيجي محمد عباس من أن استهداف مناطق قريبة من مقرات سيادية وحيّ ترانزيت “ينذر بمرحلة جديدة من الحرب، قد تُفضي إلى تدويل الصراع، وربما استدعاء دعم خارجي من حلفاء مثل روسيا”.
خسائر اقتصادية ضخمة واتهامات مباشرة
أعلنت وزارة الطاقة السودانية أن قصف مستودعات الوقود في الميناء الجنوبي قد يؤدي لخسائر تصل إلى 600 مليون دولار، وهي تكلفة إنشاء هذه المنشآت الحيوية. كما ناشدت الحكومة السعودية إرسال طائرات للمساعدة في إطفاء الحرائق المستمرة منذ مساء الإثنين.
في المقابل، اتهم وزير الإعلام السوداني خالد الأعيسر قوات “الدعم السريع” بالمسؤولية المباشرة، واصفًا الهجوم بـ”الإجرامي والإرهابي”، مؤكدًا أن الشعب السوداني “لن ينكسر بمثل هذه المحاولات اليائسة”.
انقطاع الكهرباء ومخاوف من انهيار الخدمات
استُهدِفت كذلك محطة كهرباء بورتسودان التحويلية، مما أدى لانقطاع شامل للتيار الكهربائي، وزيادة الضغوط على القطاع الصحي والخدمات الأساسية. وأشارت شركة كهرباء السودان إلى أن استهداف البنية التحتية بات ممنهجًا.
تهديد للأمن الإقليمي
تزامن هذا التصعيد مع اتهامات متزايدة لدولة الإمارات بتقديم دعم عسكري مباشر لقوات “الدعم السريع”، عبر تزويدهم بطائرات مسيّرة وصواريخ دقيقة، ما يثير القلق من أن يتحول شرق السودان إلى ساحة تصفية حسابات دولية.
ويرى مراقبون أن استهداف بورتسودان، التي تضم مقر الحكومة المؤقتة وعدداً من المنشآت الحيوية، هو رسالة تهدف لكسر الحزام الآمن للجيش والضغط على المجتمع الدولي لتعديل موازين الصراع.