بقلم / د.محمد النجار
دراسة غير مسبوقة في كتاب امريكي (حرب الافكار واللوبي اليهودي في امريكا) قام بها مؤلفان امريكيان(ستيفن والت وميرشامير) انطلقت من ارضية المصلحة الوطنية الامريكية طرحت تساؤلات حول سياسية امريكا تجاه الشرق الاوسط ،وهي سياسة تبني امريكا للرؤى الاسرائيلية دون النظر لما تسببه من اضرار لمصالح امريكا الوطنية،من هذه التساؤلات : لماذا تزيح امريكا امنها الخاص وأمن حلفائها من اجل دعم مصلحة اسرائيل؟ هل يرجع ذلك الى مصالح استراتيجية مشتركة أم حتميات أخلاقية قاهرة ؟ لقد وجد المؤلفان الاجابة التي تكمن في الاعتبارات الداخلية التي تدفع امريكا لتبني مصلحة اسرائيل على حساب مصالح امريكا والدليل هو :
- حصول اسرائيل منذ نهاية الحرب العالمية الثالثة على اكثر من (140)مليار دولار من امريكا دون قيود على تدفق الاموال لاسرائيل وبدون قيود على طرق استخدامها ومجالات انفقاقها.
- استخدام امريكا للفيتو منذ عام 1982 عدد (32) مرة لمنع صدور قرارات ضد اسرائيل ، وهو عدد يزيد بكثير عن استخدام الدول الاخرى التي لها حق الفيتو وهي روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا .
ويقول المؤلفان ان اسرائيل اصبحت عبئا على امريكا ، بل اضرت بمصالح امريكا الاستراتيجية عندما اقدمت على نقل تقنيات عسكرية الى الصين والتجسس على واشنطن (قضية بولارد).
وانتقل المؤلفان الى تفنيد الاساس الاخلاقي للعلاقات الامريكية الاسرائيلية عبر زيف ادعاء ديمقراطية اسرائيل، فاسرائيل ليست دولة ديمقراطية ، وديمقراطيتها محدودة باعتبارات دينية (لليهود) واعتبارات عرقية (ليهود الغرب)فهي دولة تقوم على اعتبارات الدم وليس المواطنة.
واكدت الدراسة على زيف ادعاء مساندة امريكا لديمقراطية اسرائيل ، وهذا باطل ، لأن امريكا لا تساند عادة الدول الديمقراطية ، بل كثيرا مادبرت انقلابات على نظم ديمقراطية ، وترتبط بعلاقات قوية بنظم حكم ديكتاتورية.
ويجد المؤلفان السند الابرز للتأييد الامريكي لإسرائيل في الاساس الديني والرؤية التوراتية التي تقدمت مع تولي المحافظين الجدد للسلطة مع ادارة جورج بوش الابن ورؤيتهم بأن المجئ الثاني للمسيح يتوقف على تجميع اليهود في فلسطين واندلاع معركة “هرميجدون” التي سيكون اليهود وقودها ، فالرابطة مصلحية :المحافظون الجدد يعملون على تجميع اليهود في فلسطين ، واليهود لهم مصلحة عليا بعودة اليهود الى ارض الميعاد ولا يؤمنون بالرؤية التوراتية التي يؤمن بها المحافظون الجدد.
وتضمنت مذكرات المستشار الالماني السابق( جير هارد شرودر) وقوع الرئيس بوش تحت تأثير هذه الرؤية التوراتية.
ويرى المؤلفان ان السياسة الامريكية في الشرق الاوسط موجهة لخدمة اسرائيل ، فغزو العراق هو مصلحة اسرائيلية وليست مصلحة امريكية وكذلك عداء ايران.
بل ان بعض التعبيرات اسرائيلية وليست امريكية مثل تعبير “الدول المارقة”.
وأصبح من يحاول كشف هذه الرؤية ان يتعرض لحملات ضارية ، فإذا كان سياسيا يتم تهميشه وفقدان دعمه من اللوبي الصهيوني، وإذا كان اكاديمي يتعرض لحملات ضغط وتشكيك ويتم فصله أو مطالبته بالاستقالة مثل ماحدث مع “ستيفن والت” الذي تقدم باستقالته من عمادة معهد كيندي بجامعة هارفارد).واصبح اللوبي الاسرائيلي يتحكم في صنع السياسة الامريكية في الشرق الاوسط ، ويكفي الاشارة الى القانون الذي اصدره الكونجرس عام 2004م بعنوان “تعقب معاداة السامية” والذي جعل امريكا مسئولة عن تعقب كافة الاعمال المعادية للسامية وان تصدر وزارة الخارجية الامريكية تقريرا سنويا يتضمن ما تراه أعمالا معادية للسامية ، أو اساءة لليهود واليهودية أو توجيه النقد الموجه لإسرائيل والصهيونية تستوجب المساءلة الفانونية والمحاسبة، ولا تلزم نفسها مثلا بالدفاع عن الاديان الاخرى بما فيها المسيحية.
فإذا كان اللوبي الصهيوني في امريكا يعمل لصالح اسرائيل ، فلماذا يغيب العرب وتغيب مراكزهم البحثية عن تلك القضية؟ ولماذا لم تستخدم الدول العربية شراكتها الاستراتيجية مع امريكا لدعم قضاياها المصيرية الوطنية والدينية واسترجاع مقدساتها ؟
وتسخر لو جزءا صغيرا من إيرادات نفطها لدعم قضايا اوطانها ؟؟
وإذا لم تفعل فلربما يأتي طوفان جارف يدمر مقدرات تلك الامة التي استخدمت مقدراتها لصالح الاخرين!!