كرم الكريم كشف اللئيم

بقلم أيقونة الاتزان / السفير د. أحمد سمير
يقول أنس الشريف، مراسل قناة الجزيرة وأبنٌ من أبناء غزة:
(القوي إن لم ينتصر فهو مهزوم، والضعيف إن لم يهزم فهو منتصر نحن منتصرون بصمودنا وثباتنا، والبقاء رغم الإبادة هو صمودٌ وانتصارٌ)
لقد أفلحت غزة وأهلها، بكرمِ أكرم الأكرمين، ربَّ الناس أجمعين؛ فقد أفلحت في الحصول على الحسنيين: النصر والشهادة، وهما من أعظم المنازل عندالله.
“طوفان الأقصى ” غير أشكال النصر المعتادة
فقد غير ” طوفان الأقصى ” السابع من أكتوبر أشكال النصر المعتادة في الحروب فكما قال أنس الشريف: إن الصمود والثبات انتصارٌ، فهناك أيضًا أشكال جديدة للنصر، منها البناء المستمر لأجيال وأجيال من أبطال غزة وفلسطين.
فعند بدء الحرب على قطاع غزة خلال السابع من أكتوبر 2023، كان هناك 60 ألف سيدة حامل؛ وبعد انقضاء 9 شهور من الحرب، وضعت جميع النسوة حملهن، وسجلت وزارة الصحة الفلسطينية نجاحًا بنحو 55 ألف ولادة.
والجميل أن هناك طفلًا يولد كل 10 دقائق رغم كل هذا الدمار؛ فالإنجاب في الحروب بالنسبة إلى الفلسطينيين فيه نوع من التحدي والصمود والمواجهة والنصر، وأيضًا تعويض لسقوط الشهداء في الحرب.
فإذا كان عدد شهداء هذه الحرب قد بلغ 50 ألف شهيد، فقد أنجبت نساؤهم أكثر من 55 ألف بطل لتستمر المقاومة عبر الأجيال.
الشهادة أهم أشكال النصر
ومن أهم أشكال النصر أيضًا، الشهادة نفسها يقول الله سبحانه وتعالى:
(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) آل عمران: 169
وكما علمنا رسول الله ﷺ في الحديث الصحيح، أن للشهيد عند الله له سبع خصال:
- يُغفَر له في أول دفعة (أي من دمه) [هذا انتصار].
- يُرى مقعده في الجنة [هذا انتصار].
- ويُجار من عذاب القبر [هذا انتصار].
- ويأمن من الفزع الأكبر (أي أهوال يوم القيامة) [هذا انتصار].
- ويُوضَع على رأسه تاج الوقار؛ الياقوتة منه خيرٌ من الدنيا وما فيها [هذا انتصار].
- ويُزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين [هذا انتصار].
- ويشفع في سبعين من أقاربه [هذا انتصار].
شفاعة الشهيد
ولي وقفة هنا عند الخصلة السابعة، وهي أن الشهيد يشفع في 70 من أهله فقد تعلمنا من الشرع الحكيم أن الشفاعة هي (التوسط للغير في جلب المنفعة أو دفع المضرة) فالشهيد الذي قتل في المعركة، رغم صعوبة الأمر، استفاد هو نفسه بكل ما سبق، ولم يكتفِ بذلك، بل سوف يفيد أحبابه بالشفاعة أيضا ياما الشفاعة لمن قد دخلوا النار في أن يُخرجوا منها، أو الشفاعة لمن قد استحقوا النار في أن لا يدخلوها، أو الشفاعة لمن هم من أهل الإيمان وقد استحقوا الجنة أن يزدادوا رفعةً ودرجات في الجنة.
جميع أهل غزة في الجنة
ولمحبي المسائل الرياضية: عدد شهداء حرب السابع من أكتوبر تقريبًا 50 ألف، ولكل شهيد حق أن يشفع في 70 من أهله فالشهداء، بالدليل الشرعي، هم من أهل الجنة بإذن الله؛ فإذا أُضيف لهم المشفع فيهم من أهاليهم، أصبح المجموع 3 ونصف مليون إن شاء الله، يكونون من أهل الجنة، مع العلم أن عدد سكان أهل غزة يبلغ حوالي 2 مليون فقط فجميعهم فائزون بالجنة وهو الفوز العظيم
فكرم الله لا يُضاهيه أي كريم؛ أما اللئيم الذي يشكك دائمًا في حق أهل الحق في الدفاع عن أرضهم وإبعاد المعتدين، فقد أنكشف ولعل طول مدة الحرب كان له فائدة في كشف أصحاب الوجوه المتلونة؛ فكرم الكريم في الصمود والنصر والشهادة كشف اللئيم أصحاب الخسة والنذلة.
السفير د. أحمد سمير
عضو هيئة ملهمي ومستشاري الأمم المتحدة
السفير الأممي للشراكة المجتمعية
رئيس مؤسسة الحياة المتزنة العالمية