الصراط المستقيم

كُنْ إيجابياً .. فمحمد نبيك.

بقلم الدكتور /محمد النجار

في إحدى زياراتي للقاهرة ، وعند مجمع التحرير الضخم خرج موظف كبير من إحدى الهيئات الحكومية في نهاية الدوام الرسمي ، شكله يوحي بأنه انسان محترم ..أنيق في ملبسه ..يرتدي بدله وكرفته ..شعره ابيض.. يتحدث وسط موظفيه بصوت مرتفع يسمعه من يمشي بالقرب منهم ، ويستمع إليه موظفوه باهتمام .. فجأة نطق بلفظ “فاحش تحت الحزام” وسط زملائه وكأنه لم يفعل شيئا ، ولم يعترض عليه مرافقوه رغم هيئتهم المحترمة ، ولم أتحمل ذلك اللفظ في هذا الشارع العام لأنه اخترق آذان المارة واعتدى على حريتهم وآذى مشاعرهم حسب ما شعرت به من حرج ..ولم اتمالك نفسي ..وتوجهت مباشرة لهم جميعا قائلاً لصاحب اللفظ الفاحش :
ملابسك أنيقة ..وهيئتك محترمة .!!
لكن للأسف لفظك فاحش وقذر لا يتناسب مع عمرك ولا هيئتك ولا وظيفتك ولا الموظفين الذين برفقتك ولا يتناسب مع المارة في الشارع العام !!!
ماذا تركت للسفهاء والعيال الصايعة والشمامين للمخدرات وأمثالهم؟؟
لم يستطع الرد!! كأن صاعقة أصابته من السماء .. انحرج وتلعثم واحمر وجهه وكأن الكلام وقف في حنجرته!!
وتأسف مرافقوه بعد ان أحمرت وجوههم خجلا أمام الجماهير في الشارع .. ويبدو أنهم لم يتوقعوا أحدا يعترض عليهم .. وتأسفوا جميعا بشدة بشدة…وقال أحدهم لن تتكرر مرة أخرى ..”كل هذا والمارة يتفرجون على ذلك الموقف والحوار الذي لم يستغرق بضع دقائق..
عندها أدركت أن الحق صوته هو الأعلى مهما كان تَجَمُع الباطل .. وأن المجتمع يمكن إصلاحه عندما نتحرك جميعا ضد الباطل وعندما نستنكر الخطأ اللفظي والسفه الفعلي والتصرف الهمجي..عندما نعترض على المنكر ونكشف الخطأ والباطل .. أنت الصح فلا يخفت صوتك.. ولا تخجل في الانكار على السفهاء والهمج والمجرمين ..
إن السكوت على الباطل أو الخجل والاستحياء من الاعتراض عليه ، ليس فيه سوى هلاك المجتمع بعد فقدان اخلاقياته.
وكيف نسكت ويضطر نساؤنا وبناتنا وأمهاتنا تتعرض لسماع هذه الألفاظ الجارحة أو الاعمال القبيحة .. ن
إن الخطأ يبدأ بلفظ او فعل من سفيه واحد، فإذا سكت عنه الناس يتشجع هذا السفيه ويتمادى في السفاهة ، بل ويدخل سفهاء جدد في الساحة ثم يكثر هؤلاء وتكون الطامة الكبرى حيث تنطلق منظومة الالفاظ السيئة والقبيحة ثم يعشعش الفساد ..إنه نتاج سلبيتنا وتقصيرنا.
يقول الله تعالى :
((وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117) سورة هود.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:
((إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده)) .
لا تَخَفْ..!!
أنت صاحب الحق ، فإذا لم ينصرك أحد في الشارع فسوف ينصرك الله بجندٍ من جنوده.
وتأكد أن كل من في الشارع ليسوا جبناء ، بل يعانون ماتعاني منه أنت ، ويودون إزالة المنكر ، وانما ينقصهم بعض الجرأة والقدوة ، ولو وجدوا تلك القدوة والعنصر القائد في الاعتراض على الباطل سوف يتحرك بعضهم إن لم يتحركوا جميعا لإزالة ذلك المنكر .. ويكفيك أن الله يراك وأنت تحاول ازالة المنكر وتنظيف المجتمع ..كما يكفيك أن كل يتعلم منك مثل هذا الموقف سوف يكتبه الله في ميزان حسناتك ..
يكفيك أنك تقوم بدور “محمد” صلى الله عليه وسلم ، الذي بعثه الله خاتما للانبياء والمرسلين لإزالة الباطل وإنكار المنكر وتنظيف المجتمع من سيئ الأخلاق الذي يقول )) إنما بُعثت لأتمم مكارم الاخلاق)).
يكفيك أن تكون من المصلحين الذين يحفظهم الله ويحفظ ذرياتهم الى يوم الدين.. يقول الله تعالى :
فهل ننتهج الايجابية الآن؟؟
ونحقق الايجابية شعورا وقولا وفعلا.. ونكون خير أمة أخرجت للناس؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.