احدث الاخبار

لماذا صمتت سجلات المصريين القدماء عن أهم حدث في التوراة؟

بقلم / فرناس حفظي

في هذه الأيام يحتفل اليهود في جميع أنحاء العالم بعيد الفصح اليهودي، وهو يعود إلى قصة خروج سيدنا موسى عليه السلام مع بنى إسرائيل من أرض مصر الفرعونية، تعد قضية الخروج في الرواية التوراتية قصة حيكت أحداثها بيد فنان يمتلك أدواته الأدبية.

وبالتالي فلابد لنا من التعامل معها من منظور القصة وأحداث البنية الداخلية فيها، حتى يمكن أن نقف على ماهي الحبكة الفنية في الأحداث التاريخية.

وتعتبر شخصية موسى من أكبر وأعظم الشخصيات في التاريخ الإسرائيلي، إن لم تكن أهمها على الإطلاق، فموسى هو أول من جعل للإسرائيليين كيان سياسي، كما أنه هو الذي منحهم الشريعة التي منحتهم بدورها الإسم والبقاء.

تعددت الأراء حول قضية الخروج من مصر وأثارت جدلا عنيفا بين العلماء وطرحت تساؤلات محيرة ليس من حيث الزمان والمكان فقط، ولكن من حيث ماهية شخصية موسى هل هو العبراني أم الإسرائيلي أم المصري، فلقد شغل اسم موسى المؤرخين وحظى باهتمام بالغ.

في البداية رأى المؤرخون أن إسم موسى عبرانيا على صيغة إسم فاعل من الفعل “ماشاه” بمعنى انتشل والصيغة كما وردت في سفر الخروج تعني “المنتشل من الماء”، بينما تشير القصة إلى أنه “أنتشل” أى أنه إسم مفعول وليس إسم فاعل، ويخلص بهذا إلى أن الإسم ليس عبريا، بل هو إسم مصري مشتق من (مس) في المصرية القديمة بمعنى طفل.

وكان هناك العديد من النظريات لمؤرخين حول ماهي زمان ومكان الحدث الأهم في التوراة وهو “الخروج” ، يجدر بنا أن نتوقف قليلا عند الوثائق المصرية.

فأغلب العلماء يجمعون أن زمن الخروج التقريبي كان قرابة 1260 ق.م أى أثناء حكم الفرعون رمسيس الثاني، الذي أشتهر بتشييد المباني العامة والصروح الضخمة، معتمدا في ذلك على الأيدي العاملة المسخرة، بالإضافة إلى أن هذا الفرعون كانت تقع عاصمة مملكته في منطقة الدلتا.

وقد ورد في سفر الخروج أن خروج بني إسرائيل قد تم من مدينة تدعى “رعمسيس” باتجاه سكوت ، وهى المدينة التي بناها الفرعون رمسيس الثاني وهو يعتبر التطابق الوحيد بين الرواية التوراتية وأى معلومة في التاريخ المصري القديم في قضة خروج بني إسرائيل من مصر.

ولقد فشل جميع العلماء في إيجاد أساس تاريخي لقصة الخروج من مصر ، وجاءت كل نظرياتهم عبارة عن اجتهادات نظرية في حاجة إلى بينة علمية، كما ظلت النصوص المصرية القديمة صامتة تماما عن هذا الحدث الأعظم في التوراة، وهو الأمر الذي يجعلنا نتشكك تماما في حجم الصورة التي رسم بها الحدث في التوراة، فقد حدث بالفعل ولكن في الغالب من فئة صغيرة من الأجراء والعبيد الذين فروا من مصر بشكل سلمي، أو سمح لهم بالخروج بإرادة مصرية بحتة، أو أن الأرجح أن بني إسرائيل كانوا يرغبون في الخروج هربا من فرعون لكن في نفس الوقت كان فرعون قد مل من مقاومته لهذه الثورة فأمر بإبعادهم فورا .

فما كان من بني إسرائيل إلا أن انتهزوا هذه الفرصة وحتى لا تتغير الأمور أو يجد جديد في هذا الأمر فخرجوا لتوهم من مصر دون أن يكونوا قد أكملوا استعدادهم للرحيل وهو ما يعود بنا إلى قضية “الخبز الذي لم يختمر” بسبب الخروج بعجلة من مصر.

وبالتالي يتبين أنه لم يدون هذا الحدث في التاريخ المصري لهامشيته، فمن غير المعقول أن يغادر مصر 600 ألف شخص وينسحبون من الدلتا فيما يمكن أن نطلق عليه بالمفاهيم العسكرية الحديثة “قتال تراجعي” دون اى ذكر لهذا في سجلات ذلك العصر الذي يعد من أكثر فترات التاريخ المصري توثيقاً.

الكاتبة الصحفية فرناس حفظي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى