لماذا يتأخر نصرنا؟

بقلم أيقونة الاتزان / السفير د. أحمد سمير
تساؤلات في وجه الألم
لطالما تساءلتُ في مقالاتي: لماذا يتأخر النصر؟ لماذا تُترك غزة هكذا؟ ولماذا تَصعد صرخاتنا إلى السماء ولا تُستجاب؟ أسئلة لا تغيب عن ضمير كل من يحمل في قلبه ذرة من الإيمان والغيرة على الأمة.
أسمع صدى عبارة قالتها السيدة هند بنت عتبة، زوجة أبي سفيان، حين رأى أحدهم الغلام معاوية بن أبي سفيان وقال: “إني أظن هذا الغلام سيسود قومه”، فردت هند بقولها:“ثَكِلْتُهُ إن كان لا يسود إلا قومه!”.
التربية هي سر النصر
هذه العبارة العظيمة تهز الضمائر وتكشف سرّ النصر الحقيقي؛ فالنصر لا يولد من فراغ، بل من تربية صالحة، وقادةٍ صقلهم الإيمان والعزيمة، لايجرون وراء أهواء الشهوات وسراب الشهرة.
إن القائد الذي يستحق النصر هو من ربّته أمه على الفضيلة، لا من صعد على أكتاف العبث والانحلال، فبصلاح التربية تنهض الأمم، وتُصنع السيادة.
حينما يرقص “محمد”
أما اليوم، فقد بلغ بنا الحال أن يتفاخر العدو الصهيوني بمخرجاتنا، حين قال أحدهم تعليقًا على أحد المشاهد المؤسفة:
“أرتاح عندما أرى الجيل المصري الجديد”
ثم أضاف في منشور آخر تعليقًا على فيديو للممثل محمد رمضان وهو يرتدي بدلة رقص في مهرجان “كوتشيلا” بالولايات المتحدة الأمريكية:
“أيوه ارقص يا محمد.. أعشق هذا الجيل”
مشهدٌ يندى له الجبين، ظهوره كأحد “محترفي أفلام البورنو”، يثير تساؤلًا: أهذا هو النموذج الذي نُصدره للعالم؟! أهذا ما يُراد لأبنائنا أن يحتذوا به؟!
الفكرة لا تموت.. فاحذروها
ليست المشكلة في هذا الشخص وحده، بل في الفكرة التي يمثلها، والفكرة لا تموت. الفساد حين يتموضع في الفن، فلا عجب إن وجدنا له نظراء في الرياضة والسياسة والإعلام.
إنهم “حشرات تنهش جذور الأمة”، كما قال أحد المفكرين، وهم كثر… فلا بد من تطهير الأرض من هذا السوس قبل أن ينهار السقف فوق رؤوسنا.
رمضانان!
ما يؤلمني أكثر، أننا ودّعنا قبل أيامٍ رمضان الخير، فاز فيه من فاز، وتاب فيه من تاب، وبقيت الأرواح ترفرف في سمائه.
ثم إذا بنا نُفاجأ بـ”رمضان آخر” يحمل الاسم فقط، لا المعنى، ولا الجوهر.
اسمٌ لا يستحقه، إن كان بجوار اسم خير الشهور وخير البشر.
إن أردنا النصر
إن أردنا النصر حقًا، فعلينا أولًا أن ننتصر داخل أنفسنا:
أن تنتصر الأخلاق على الشهوات،
والقيم على الرغبات،
والإيمان على الأعداء،
والتربية على الفوضى.
قال تعالى:
﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]
وقال سبحانه:
﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ [البقرة: 30]
فليكن إخلاصنا في العبادة، وصدقنا في الدعاء، وتضحيتنا في رفع الظلم منطلقًا حقيقيًا نحو النصر.
فأيّ نصرٍ نرجوه إن لم نبدأ بجهاد النفس وتربية القلوب؟!
السفير د. أحمد سمير
عضو هيئة ملهمي ومستشاري الأمم المتحدة
السفير الأممي للشراكة المجتمعية
رئيس مؤسسة الحياة المتزنة العالمية