أراء وقراءات

ليس دفاعًا عن “سيدة الحمار”.. ولكن!

بقلم: ممدوح الشنهوري*

في مشهد أثار موجة واسعة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، تداولت عدة منصات إعلامية مقطع فيديو لسائحة أجنبية في منطقة الأهرامات، وهي تعتدي على شاب مصري كان يضرب حمارًا بعصا غليظة خلال رحلة سفاري باستخدام “البيتش باجي”. السيدة الأجنبية لم تتردد لحظة، وانهالت على الشاب بالضرب بيديها، تعبيرًا عن غضبها من مشهد العنف تجاه الحيوان.

الواقعة التي لاقت تفاعلًا واسعًا، انقسمت حولها الآراء بين مؤيد ومعارض. ولكن المثير للانتباه، أن بعض المتابعين تساءلوا بحدة: أين كانت هذه السيدة ومثيلاتها حين تُرتكب المجازر في فلسطين؟ وأين مشاعر الرحمة والإنسانية حين يُقتل الأطفال والنساء ويُهدم الحجر والشجر في غزة، منذ بدء حرب “طوفان الأقصى”؟!

وجهة نظر مغايرة.. في الدفاع عن الحيوان

بعيدًا عن التهويل أو التهوين، ربما إذا نظرنا إلى موقف هذه السيدة من زاوية مختلفة، سنجد أنه لا يحق لنا تحميلها مسؤولية سياسية ليست من صلاحياتها. فهي ليست ممثلة لدولتها ولا تملك القرار في سياسات حكومتها الخارجية، بل قد تكون من بين النساء اللواتي شاركن في مظاهرات داعمة لفلسطين في الخارج، كما يحدث في العديد من عواصم العالم يوميًا.

بل وقد تكون هذه السيدة – كغيرها من الغربيين – قد تربّت على ثقافة مختلفة، حيث تُقدَّر حياة الحيوان ويُعامل باحترام كبير. فالمجتمع الغربي، رغم انعزاليته نسبيًا مقارنة بالمجتمعات الشرقية، يجد في الحيوانات مؤنسًا ورفيقًا وفيًّا، ولذلك تنتشر المستشفيات والجمعيات الحقوقية الخاصة برعاية الحيوانات بشكل واسع هناك.

رفقًا بها.. وعتابٌ على أصحاب القرار

وعليه، فإن ما قامت به السيدة هو فعل نابع من ردة فعل إنسانية خالصة، تجاه مشهد مؤلم لحيوان يُضرب بوحشية. لقد دافعت – بعفوية – عن نفسٍ مظلومة، وإن كانت تلك النفس “حمارًا”، وهو ما لا يقلل من إنسانيتها بل يؤكدها.

أما العتب الحقيقي، فيجب أن يُوجَّه لمن يمتلكون القرار في هذا العالم، أولئك الذين يصمتون على الجرائم ضد الإنسانية، ويكتفون بالشجب والبيانات، بينما تُنتهك حقوق الشعوب وتُستباح دماؤهم دون رادع.

ختامًا

هي لم تكن إلا “سيدة” تملك قرار الدفاع عن مظلوم، أيا كانت هويته. أما الخذلان الأكبر، فمصدره هؤلاء الذين يملكون القرار ولا يُحسنون استخدامه، لا في نصرة المظلومين من البشر، ولا حتى من الحيوانات.

* كاتب صحفي وعضو المنظمة المصرية والدولية لحقوق الإنسان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.