ليلة المباراة

بقلم الفنان / أمير وهيب
اتذكر في يوم ٢ أكتوبر ١٩٨٠ ، مع بداية العام الدراسي ١٩٨٠/٨١ ، اي سنة سادسة ابتدائي ، و كان يوم خميس ، يعني تاني يوم إجازة ، و كنا عند جدتي ، حينما بادر خالي ثروت شرقاوي ، الرياضي و بطل فى رياضة ” التجديف ” و أعلن أن التليفزيون سوف يذيع مباراة الملاكمة بين محمد علي كلاي و لاري هولمز ، و لأن المباراة ستذاع من الولايات المتحدة الأمريكية ، كان هناك فرق توقيت سبع ساعات ، أي أن المباراة ستذاع الساعة الرابعة فجر يوم الجمعة. و لأن ارسال التليفزيون كان ينتهي عند منتصف الليل ، كانت إذاعة هذه المباراة هو ” حدث ” في حد ذاته.
و كانت ردود الفعل إيجابية ، و يومها بيتنا عند جدتي في انتظار موعد المباراة ، وتعاملنا مع ” محمد على كلاي ” على أنه مصري و في مهمة ” وطنية ” ، و أنا شخصيا ، حجزت نفس الكرسي الذي شاهدت عليه قبلها بسنتين نهائي كاس العالم بين الارجنتين و هولندا.
و انتظرنا و بتشوق ، و لا ادري أي سبب أو مبرر لأن نهتم هكذا و نحزن لهزيمة ” كلاي ” في هذه المبارة بـ TKO ، Technical knock Out اي الضربة القاضية الفنية.
* كانت مصر صاحبة الريادة و ماسبيرو في هذا التوقيت له دور أساسي في التوعية و الانتماء.
* * و كانت هذه المباراة من ضمن عوامل تأسيس روح الوطنية في نفوسنا.
* من المؤكد أن الإعلام في مصر في السنوات الأخيرة في حالة فوضى ، لذلك أصبح دور وزير الإعلام كومبارس صامت لذلك تم الاستغناء عنه و عن الوزارة.
* و من المؤكد ايضا أن الاقتصاد في مصر في حالة فوضى ، كما أن هناك أي شخص يمكنه أن يطلق ” قناة ” ، تليفزيونية أو إذاعية أو يوتيوبية ، دون أي رقابة ، كذلك يمكن لأي شخص ، أن لا مؤاخذة ، ” يفرش ” بضاعة في أي مكان و على اي رصيف ، من ” سيارات ” الي ” خضار و فاكهة ” و ” سندوتشات ” كفتة و طعمية ، و بيع و شراء ، دون أوراق رسمية و ممارسة تجارة تتجاوز المليارات في سوق موازية ، و بذلك يكون دور وزير الاقتصاد ، أشبه بدور وزير الإعلام ، دور كومبارس صامت ، و بذلك يكون اقتصاد مصر ، مضروب في الصميم.
متى يعود الإعلام بكافة قطاعاته المرئية والمسموعة والمقروءة للقيام بدوره الاساسي وهو صناعة الوعي وغرس الإنتماء للوطن .
الإعلام المصري كان حتى عهد قريب أهم ادوات القوة الناعمة المصرية لانه كان يعتمد على عناصر واعية ووطنية مخلصة .
أمير وهيب
فنان تشكيلي وكاتب ومفكر




