احدث الاخبارالجزائر

ماكرون يعترف بجرائم فرنسا الاستعمارية وقتل القيادي الجزائري العربي بن مهيدي

كتب – محمد السيد راشد

أقر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة بأن القيادي في جبهة التحرير الوطني الجزائرية العربي بن مهيدي “قتله عسكريون فرنسيون”، وذلك في الذكرى السبعين لاندلاع ثورة التحرير الجزائرية.

ويأتي اعتراف ماكرون في خضم توتر شديد بين فرنسا والجزائر ولا سيما بعد زيارة دولة قام بها ماكرون للمغرب، وبعد أن أعلنت باريس في نهاية يوليو دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية.

القيادي في جبهة التحرير الوطني الجزائرية العربي بن مهيدي “قتله عسكريون فرنسيون”، هذا ما أكده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة.

اعترافات الجنرال بول أوساريس

وجاء في بيان قصر الإليزيه أن رئيس الجمهورية بمناسبة الذكرى السبعين لاندلاع ثورة التحرير الجزائرية “يعترف اليوم بأن العربي بن مهيدي، البطل الوطني للجزائر وأحد قادة جبهة التحرير الوطني الستة الذين أطلقوا ثورة الأول من نوفمبر 1954، قتله عسكريون فرنسيون كانوا تحت قيادة الجنرال بول أوساريس”وكان الجنرال أوساريس، مسؤول المخابرات السابق في الجزائر إبان الاستعمار الفرنسي، اقر في مطلع العقد الأول من الألفية بقتل بن مهيدي، نافيا الرواية الرسمية التي قدمت مقتل القيادي في السجن عام 1957 على أنه انتحار.

واعترف أوساريس في كتابه “المصالح الخاصة في الجزائر 1955-1957” الصادر في 2001 بأنه مارس التعذيب خلال حرب تحرير الجزائر، “بموافقة إن لم يكن بأمر” من المسؤولين السياسيين.

توتر بين باريس والجزائر

ويأتي اعتراف ماكرون في وقت يخيم توتر شديد بين فرنسا والجزائر ولا سيما بعد زيارة دولة قام بها ماكرون للمغرب، وبعد أن أعلنت باريس في نهاية يوليو دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية المتنازع عليها، في حين تدعم الجزائر جبهة البوليساريو المطالبة باستقلال هذه المنطقة عن المغرب.

ولفت قصر الإليزيه إلى أن “الاعتراف بعملية القتل هذه يثبت أن العمل على الحقيقة التاريخية الذي باشره رئيس الجمهورية مع الرئيس (الجزائري) عبد المجيد تبون سيتواصل”، مشيرا إلى أن هدف ماكرون هو “التوصل إلى تشكيل ذاكرة هادئة ومتقاسمة” بين البلدين.

ماكرون يعترف بجرائم فرنسا الاستعمارية وقتل القيادي الجزائري العربي بن مهيدي 2
مذكرة اعتراف ماكرون

ماكرون يعترف بجرائم فرنسا الاستعمارية وقتل القيادي الجزائري العربي بن مهيدي 3

الرئيس الفرنسي ماكرون

وجاء في البيان أن “الرئيس يفكر أيضا في الأجيال الصاعدة إذ يعتبر من واجبه البحث على الدوام عن السبل لمصالحة الذاكرات بين البلدين”.

وذكر البيان بأن العربي بن مهيدي المولود في 1923 في قرية قريبة من عين مليلة في جبال الأوراس بشمال شرق الجزائر، كان قائد “منطقة الجزائر العاصمة المستقلة اعتبارا من 1956” خلال “معركة الجزائر” في1957.

وتابع البيان أنه “مثلما سبق أن اعترف الرئيس بالنسبة لموريس أودين وعلي بومنجل، ترافق هذا القمع مع تطبيق نظام خارج مجتمع حقوق الإنسان والمواطن، سمح به التصويت على +سلطات خاصة+ في البرلمان”.

ولفت إلى أن هذا التصويت أعطى في تلك الفترة “الحكومة صلاحيات مطلقة لإعادة فرض النظام في الجزائر وسمح عام 1957 بإصدار مرسوم يجيز تفويض مهام الشرطة إلى الجيش … في الجزائر العاصمة أولا، ثم في الجزائر بكاملها “.

جرائم لا مبرّر لها

وكثف ماكرون المبادرات في ملف الذاكرة، معترفاً بمسؤولية الجيش الفرنسي في مقتل عالم الرياضيات موريس أودين والمحامي الوطني علي بومنجل خلال “معركة الجزائر”، ومندداً بـ”جرائم لا مبرّر لها” ارتكبها الجيش الفرنسي خلال المذبحة التي تعرض لها المتظاهرون الجزائريون في باريس في 17 أكتوبر 1961.

وكرمت الرئاسة الفرنسية في البيان ذكرى بن مهيدي الذي كان من أهم وأذكى قادة جبهة التحرير الوطني، مؤكدة أن “العسكريين الفرنسيين الذين كانوا يعرفونه من سمعته كانوا معجبين به لما يتمتع به من كاريزما وشجاعة”.

وعند توقيفه في 23 فبراير، عرض بن مهيدي على الصحافيين محاطا بمظليين فرنسيين، فظهر مكبل اليدين إنما باسما وهادئا.

وفي 5 يوليو 1962 حقق الجزائريون مطلبهم بالاستقلال بعد سبع سنوات من الحرب المتواصلة ومليون ونصف مليون “شهيد” بحسب الجزائريين، في حين يتحدث المؤرخون الفرنسيون عن 500 الف قتيل.

فمن يكون بن مهيدي؟

ولد العربي بن مهيدي في مدينة مليلة شرق الجزائر عام 1923، وهو أحد أبرز مفجّري الثورة الستة والملقّب ثوريا بـ”حكيم”، ثم أطلق عليه بعد ذلك وصف “حكيم الثورة”.

تلقى بن مهيدي تعليمه الإعدادي في مدينة قسنطينة شرق البلاد، وانضم عام 1939 إلى فوج من الكشافة في بسكرة جنوب شرق الجزائر.

يصفه الباحث الجزائري في تاريخ الثورة الجزائرية، البروفيسور، عبد المجيد بوجلة، في تصريح سابق لـ”أصوات مغاربية” بـ”ابن الوطن البار”.

ويضيف بوجلة “هو من الرعيل الأول للثورة التحريرية الجزائرية، صاحب ثقافة ثورية مناهضة للمظالم الاستعمارية التي طال أمدها في الجزائر لأزيد من قرن، من عناصر مجموعة قادة الثورة في الداخل”.

ونجح بن مهيدي في وقت وجيز من تسلق مراكز القيادة في الثورة الجزائرية وأشرف بنفسه على عدة عمليات استهدفت الجيش الفرنسي انطلاقا من مركزه كمسؤول عسكري على المنطقة الخامسة (الغرب الوهراني 1954-1956) ثم بعدها على الولاية الخامسة خلال الفترة الممتدة بين عامي 1956-1962.

وإلى جانب ذلك، قاد بن مهيدي التنسيق بين المقاومين وقيادة الثورة في القاهرة، كما تولى بنفسه عددا من العمليات التي عززت إمدادات الثوار بالسلاح.

وكان القيادي واحدا أيضا من الثوار الجزائريين البارزين المشاركين في مؤتمر الصومام في صيف عام 1956، المؤتمر الذي شكل انعقاده منعطفا رئيسيا في النضال الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي.

توقفت “تكتيكات” هذا المقاوم، التي كبدت الاستعمار الفرنسي الكثير من الخسائر، عام 1957، سنة اعتقاله وسجنه، ليتوقف نشاط “حكيم الثورة الجزائرية” الذي عرف بمقولته الشهيرة “القوا بالثورة في الشارع يحتضنها الشعب”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.