الصراط المستقيم

ما هي التقوى؟!

كتبت/أ.د نادية حجازي نعمان
لغويا تعنى قلة الكلام ، وقد استعملت التقوى – بمعنى عام فى الصيانة والوقاية واجتناب ما هو مكروه او قبيح او ضار .
وتقوم التقوى – فى جوهرها – على استحضار القلب لعظمة الله تعالى واستشعار هيبته وجلاله وكبريائه ، والخشية لمقامة ، والخوف من حسابه وعقابه .
واذا كان هذا هو معنى التقوى فان نطاقها لا ينحصر فى اجتناب الكبائر فحسب ، بل انه يمتد ليشمل كل ما فيه معنى المخالفة حتى لو كان من اللمم او الصغائر ، وقد فهمت التقوى هذا الفهم منذ عهد الصحابة الذين قال قائلهم : لا تنظر الى صغر الذنب ولكن انظر الى عظمة من عصيت . بل انهم جعلوا من تمام معناها ان تتضمن الورع ، عن بعض ما هو طيب أو حلال ، حذرا من مقاربة الحرام ، وفى ذلك يقول ابو الدرداء : تمام التقوى : ان يتقى الله العبد حتى يتقيه من مثقال ذرة ، وحتى يترك بعض ما يرى أنه حلال ، خشية ان يكون حراما ” وهذا المعنى له أصل صحيح فى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فعن عطية السعدى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لابأس به حذرا مما به بأس )أخرجه أحمد والبخارى .
وليست التقوى – كما يفهم من معناها اللغوى وبعض استعمالاتها الشرعية – مقصورة على الحذر والاجتناب للمعاصى والرذائل ، بل انها تتضمن – كذلك- جانب الفضائل والطاعات العملية الايجابية ويظهر هذا فى عديد من الايات القرآنية وهى قول الله تعالى ( ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفى الرقاب واقام الصلاة وآتى الزكاه واتى المال على حبه زوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفى الرقاب واقام الصلاة وآتى الزكاه والموفون بعهدهم اذا عاهدوا والصابرين فى البأساء والضراء وحين البأس اولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون )
وقد كانت الوصية بالتقوى اول وصايا الله تعالى لبنى ادم . قال تعالى : ( يا بنى ادم قد انزلنا عليكم لباسا يوارى سواتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ) الاعراف 26 وهى وصية الله للمسلمين وللامم من قبلهم : ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم واياكم ان اتقوا الله ) النساء 131
وكان أهل التقوى هم اهل محبة الله : ( بلى من اوفى بعهده واتقى فان الله يحب المتقين ) آل عمران 76 وهم اهل ولايته:( الا أن اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون . الذين امنوا وكانوا يتقون ) يونس 62،وأهل الكرامة عنده فى الدنيا وفى الاخرة : ( ان اكرمكم عند الله أتقاكم ) الحجرات 13 وقد وصفت الجنة بانها دار المتقين : ( ولدار الاخرة خير ولنعم دار المتقين ) النحل 30 ، تلك الجنه التى نورث من عبادنا من كان تقيا ) مريم 63
وقد امر الله بها فى أمر المؤمن كله : عبادات ومعاملات دينا ودنيا ، قال تعالى : ( يا أيها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون ) ال عمران 102 وعلى بن ابى طالب رضى الله عنه انه قال : التقوى هى الخوف من الجليل والايمان بالتنزيل والرضا بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.