Site icon وضوح الاخبارى

مختارات من التراث .. إعداد : أمال فتحي

مختارات من التراث .. إعداد : أمال فتحي 1

…..” الموضوع فيه إنّ “..

ما قصة هذه الـ “إنّ ” ؟ و ما أصل هذه العبارة التي ورثناها أباً عن جد ؟!

دائما يقال للموضوع الذي فيه شك وسوءُ نية ” الموضوع فيه إنّ ” !!

حدثَ خلافٌ بين الملكِ والأميرِ، وفطِن الأمير إلى أنّ الملكَ سيقتله، فهرَبَ مِن حلَبَ إلى بلدة دمشق .

طلب الملكُ مِنْ كاتبِه أن يكتبَ رسالةً إلى الأمير عليِّ بنِ مُنقذ، يطمئنُهُ فيها ويستدعيه للرجوعِ إلى حلَب.

وكان الملوك يجعلون وظيفةَ الكاتبِ لرجلٍ ذكي، حتى يُحسِنَ صياغةَ الرسائلِ التي تُرسَلُ للملوك، بل وكان أحيانًا يصيرُ الكاتبُ ملِكًا إذا مات الملك.

شعَرَ الكاتبُ بأنّ الملِكَ ينوي الغدر بالأمير، فكتب له رسالةً عاديةً جدًا، ولكنه كتبَ في نهايتها :

” إنَّ شاء اللهُ تعالى “، بتشديد النون !

ولمْ يلبث أنْ فطِنَ إلى قولِه تعالى :

( إنّ الملأَ يأتمرون بك ليقتلوك )

ثم بعث الأمير رده برسالة عاديّةٍ يشكرُ للملكَ أفضالَه ويطمئنُه على ثقتِهِ الشديدةِ به، وختمها بعبارة :

« إنّا الخادمُ المقرُّ بالإنعام ».

بتشديد النون في إنّا ! والصحيح هو بدون شدة.

فلما قرأها الكاتبُ فطِن إلى أنّ الأمير يبلغه أنه قد تنبّه إلى تحذيره المبطن، وأنه يرُدّ عليه بقولِه تعالى :

( إنّا لن ندخلَها أبدًا ما داموا فيها )

و اطمئن إلى أنّ الأمير ابنَ مُنقِذٍ لن يعودَ إلى حلَبَ في ظلِّ وجودِ ذلك الملكِ الغادر.

« الموضوع فيه إنّ » !

كان القرآنُ هو إطارَ الحياة.

قال ابنُ الأثير :

” وهذا من أعجبِ ما بلغَني من حِدّةِ الذِّهنِ وفطانِة الخاطر، ولولا أنه صاحبُ الحادثةِ المَخُوفةِ لَمَا تفطَّن إلى مثلِ ذلك أبداً ؛ لأنه ضَربٌ من عِلمِ الغيب، وإنما الخوفُ دلَّه على استنباطِ ما استنبطَه “.

المصدر: كتاب المثَل السائر في أدب الكاتب والشاعر

للعلّامة : ضياء الدين ابن الأثير..

Exit mobile version