مع القرآن في رمضان (١٠) محاورات عقلية (٢)
بقلم د.محمد صلاح شلبي
ومن عجائب القرآن وعجائبه جمة لا تنقضى،أنه عرض حجج الكافرين به وناقشهم نقاشا عقليا،بل حثهم أن يأتوا ببرهانهم ﴿… قُلۡ هَاتُوا۟ بُرۡهَـٰنَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ﴾ [البقرة ١١١]
ومن تلك النماذج التى عرضها القرآن تلك المحاورة العقلية :
﴿وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا ۖ قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَٰذَا رَبِّي هَٰذَا أَكْبَرُ ۖ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ۖ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الأنعام ]
فإبراهيم عليه السلام أراد أن يأخذ قومه من رؤية البصر المجردة إلى رؤية العقل والبصيرة الواعية ،حين قال لهم (هذا ربي):أى كما تقولون،ثم ألزمهم الحجة ،بأن هذه الأشياء متغيرة وتتناولها الأحوال فلذلك لا تصلح أن تكون آلهة ،ثم يسوق الحجج من جهة الإلزام وليس من جهة الالتزام ،وبهذه الحجج العقلية أقنعهم فرجعوا إلى أنفسهم (وقت الحديث فقط)، وقالوا:(إنكم أنتم الظالمون ونكسوا على رؤؤسهم)
د.محمد صلاح شلبي
كاتب وباحث