مع القرآن في رمضان(16) القرآن وبناء المجتمع

بقلم / د.محمد صلاح شلبي
كاتب وباحث
عرف تاريخ الفكر تصورات إنسانية ،فى محاولة إقامة مجتمعات متماسكة تهدف إلى إسعاد البشرية وكانت هذه التصورات على إحدى الحالات التالية :
-كانت أفكارا وتصورات يتعذر تطبيقها فى واقع الناس فظلت أشبه بحلم نائم غطه النوم كما عرف عن جمهورية أفلاطون ومدينة الفارابى
-أو كانت أفكارا وتصورات أظهر التطبيق فسادها فى ذاتها وإفسادها لمجتمعها ،كما عرف من فلسفة (نيتشه) وسياسة (بشمارك ) ومثل ما عرف عن الفكر الماركسى
-وأحسن حالات الفكر الإنسانى وخير تصوراته كان موقوتا بزمانه ،مرهونا بمكانه ،وليس له عمق الإمتداد الإنسانى الجامع لا فى الزمان ولا فى المكان .
أما الإسلام فكان رسالة إنسانية فى منهجها وغايتها .
فالمنهج الإسلامي عرف طبيعة الإنسان (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) الاية 14 سورة الملك ،ولم يتنكر لها فهذب من شهواته ومن أثرته .
وفى الغاية فقد آخى بين البشر بوحدة الأصل (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ، واحِدَةٍ، ) الآية 1 سورة النساء .
إن الإسلام بمنهجه وغايته وتصوره وتطبيقه تجربة واقعية نقلت الإنسان من حضيض الجاهلية الأولى إلى ذروة الكمال الإنسانى وحسب الإنسان من الكمال أن يسعى إليه دأبا.
أوضح القرآن والسنة القولية والعملية أن المجتمع الإسلامى يقوم على أسس ومبادىء إن أقاموها قامت دولتهم وسادت وإن هم أضاعوها انهدمت دولتهم وبادت ،جماع هذه المبادىء:
العدل والحرية والشورى وتقديم المصلحة العامة والتعاون والتناصر والتناصح .
فجعل من مقومات المجتمع الإسلامى التناصر والتناصح ،فجعل المجتمع كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوا تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر .
وجعل من مقوماته كذلك التعاون على البر
لقد ذكر الله عن بنى اسرائيل أنهم كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه فعلوه ،ذكر ذلك رسول الله ،صلى الله عليه وسلم،ثم قال:والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطرا ولتقصرنه على الحكم قصرا.
د.محمد صلاح شلبي
كاتب وباحث