البحث العلمى

مفهوم الكون الكبير .. (21) حوار حول نشأة الكون: بالانفجار أم بالبناء العظيم؟

الحلقة الأولى: أقوال بارزة

بقلم: د.سعد كامل

مقدمة حول هذا الحوار:

يعتقد كاتب هذه السطور أن الكون قد خلقه الله تبارك وتعالى خلقا ذاتيا وفق المبدأ القرآني الوارد في سورة الزمر: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62))، ولعل الحوار الذي يقدمه المقال الحالي يشبه الحوار المشهور بين الخلقيين (العلماء الذين يؤمنون بأن الله قد خلق كل الكائنات الحية خلقا ذاتيا) والتطوريين (العلماء الذين ينادون بالتطور العضوي)، وهذا حوار مشهور انتشر في الأوساط العلمية في العقود الأخيرة من القرن العشرين. ويمكن القول أن مثل هذه الحوارات سوف تستمر ما بقي الخلاف بين العلماء الماديين -أو الملحدين الذين لا يوقنون بوجود الخالق العظيم-، وبين العلماء المؤمنين بقوة الخالق العظيم سبحانه وتعالى وطلاقة قدرته عز وجل في الخلق والتدبير.

ويرى المؤلف أن هيمنة الفكر المادي على التفكير العلمي في الوقت الحاضر أدى إلى تعميق الأفكار المادية، لدرجة أن بعض العلماء المؤمنين بالخالق العظيم قد خدعتهم الأدلة المادية أو الرياضية المزعومة فاعتنقوا الأفكار المادية دون بحث وتمحيص، بل إن بعضهم قد وقف ينادي بصحة الأفكار المادية المعروضة ضمن نظريات لم يقوم عليها الدليل المادي، فمن قائل: “لعل التطور العضوي هو طريقة الله في الخلق”، ويقول آخر: “على الرغم من أن نظرية الانفجار العظيم ليست مؤيدة بأدلة علمية قوية، فإنني أرفعها إلى درجة الحقيقة لتوافقها مع الآية 30 من سورة الأنبياء”، بل يذهب ثالث إلى تعميم نظرية الانفجار العظيم –التي تتناول نشأة الكون المدرك فقط- فيقول: “إن الانفجار العظيم هو سبب خلق السماوات السبع والأرضين السبع”.

تدور فكرة هذا المقال -من سلسلة مفهوم الكون الكبير- على إجراء حوار افتراضي بين “كريم” الباحث المسلم الذي يؤمن بطلاقة القدرة الإلهية على خلق وفعل كل شيء، وبين “أكرم” الباحث المسلم صاحب الرؤية المشوشة بالأفكار المادية الإلحادية. فهذا “كريم” يحاول أن يسحب “أكرم” إلى العالم الواسع للتكامل بين العلم والدين، مع وضع الضوابط التي تتناسب مع طبيعة كل منهما.

فالعلم المادي يلزمه دعم كل فكرة بالأدلة المادية القائمة على البحث والتدقيق، بينما العلوم الشرعية يلزمها التأكد من صحة النص المنسوب إلى المعصوم صلى الله عليه وسلم، وكذلك صحة التفسير حتى يكون الاستدلال به صحيحا في المجال المذكور…. أما “أكرم” فلا يرى تعارضا بين الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وبين معطيات العلم الحديث جميعا، وبالتالي يقوم بتفسير تلك النصوص وفق خياله ليحقق ذلك التوافق، وهو في ذلك يعتبر ما يقوله “كريما” كلاما غير علمي، فمن يمكن أن يفوز في هذا الحوار بتأيدكم أيها القارئ الكريم.

وسوف يتم تقسيم هذا الحوار إلى محورين: المحور الأول حول أقوال بارزة من الجانبين وهو موضوع المقال الحالي، والمحور الثاني حول أفكار ومنطلقات من الجانبين وسوف يكون موضوعا للحوار في المقالين التاليين بإذن الله، وقد طلب “كريم” من صديقه “أكرم” أن يبدأ هذا الحوار بطرح الأقوال البارزة التي لديه حول نشأة الكون:

أقوال بارزة تؤيد الانفجار العظيم:

أكرم: أعرف يا صديقي أنك مغرم بالجمل القصيرة التي تحمل الكثير من المعاني في مجال حوارنا… فاسمح لي أن أنقل بعض الأقوال البارزة في مجال نشأة الكون:

  • يقول عمري (2004ب): “إن هذا الكون كون مكمم Quantized Universe تتوزع مجراته وعناقيده المجرية على سبع أرضين (سبع مستويات رئيسية للطاقة، ولربما كروية)”.

 

  • ويقول عمري (2004أ): “أن السماوات السبع –أو البناء السماوي- قد خلقت بعد الانفجار العظيم بسبب تجمع المادة وهي في حالة البلازما في مستويات مختلفة للطاقة، وذلك إذا كانت مادة بناء السماء مادة نيوكلينية –أي تتكون من بروتونات ونيوترونات في نواتها-“.

كريم: أشكرك يا صديقي على هذا التوضيح، فقد نقلت أقوال الدكتور حسين عمري أستاذ الفيزياء الفلكية بجامعة مؤتة، ونحن نعلم أن سيادته من المكثرين في مجال ربط معطيات العلم المادي الحديث بالآيات والأحاديث، ولعل أبرز ما توقفت عنده بخصوص مقولات الدكتور عمري هو إصرار مدرستكم العلمية على تفعيل مبدأ لابلاس حول حتمية القوانين الفيزيائية ليشمل ما نعرفه أنه من وراء الطبيعة، فعلم الفلك لا يدرس أكثر من حدود الكون المدرك: نعم يمكن تفعيل مبدأ لابلاس في حدود الكون المدرك وفيما بعد خلق ذلك الكون، أما قبل خلق الكون (المدرك) وخارج حدود الكون المدرك (الذي لا يمثل إلا أقل من ثلاثة أجزاء من مليون جزء من الكون الكبير) فكيف يمكن القول أن القوانين الفيزيائية سارية على ذلك كله؟

هنا أسأل: ألا تستغرب يا صديقي من تعميم نظرية الانفجار العظيم؟ تلك النظرية التي اقترحها واضعوها لتفسير نشاة الكون المدرك، وأطلقوا عليها مسمى: “لحظة الخلق”، إلا أن هويل أطلق عليها تهكما مسمى: “الانفجار العظيم”، فاشتهر هذا الاسم وأصبحت هذه النظرية الأكثر شيوعا بدلا من نظرية هويل حول الكون الثابت (Hoyle et al , 1949).

والغريب أن كلام الدكتور عمري لا يتوقف أمام قانون السببية، فكيف بانفجار مهما كانت ضخامته أن ينتج عنه سبعة سماوات شداد (يتراوح تركيبهن كما في بعض الروايات بين الحديد والذهب والياقوت)، وسمك كل سماء يناهز نصف قطر الكون المدرك، فكيف يمكن أن يكون ذلك؟ … لقد قال الكثير من العلماء المؤمنين بالخالق العظيم أن احتمال تكون ذلك الكون (المدرك) بسبب انفجار عشوائي يشبه احتمال قيام رجل كفيف بالبحث عن حبة رمل ذات علامة محددة وسط جميع رمال البحار!! فما هو احتمال نجاح ذلك الرجل الكفيف؟

أما أن تكون السماوات السبع والأرضين السبع كمستويات للطاقة فهذا يشبه القول بأن المقاول الذي يبني أعلى ناطحات السحاب في العالم قام بتسخين مواد البناء فارتفعت إلى مستويات الطاقة كما جاء في نتيجة تجارب بوهر حول مستويات الإلكترونيات!! فلنبحث عن تفسير آخر لنشأة الكون… ونقترح البناء العظيم –كما تنادي هذه السلسلة من المقالات- حتى يكون كلامنا منطقيا ومقنعا.

أكرم: اسمح لي يا صديقي أن أستكمل الأقوال البارزة في مجال نشأة الكون:

  • ويقول عمري (2004أ): “ليس بعيدا أن يكون أصل الكون من مادة الماء وليس مادة أخرى ذات كثافة عالية جدا، وبعد الانفجار كانت حرارة الكون عالية جدا، ثم أخذ الكون يبرد حتى أصبحت درجة حرارة خلفيته الآن 3 كالفن، بسبب توسع الكون وبرودته فازدادت عتوميته”.

 

  • ويقول McCall (2005): حول نشأة الكرة الأرضية والمجموعة الشمسية “إن نظرية السحابة المركزية هي نظرية مقبولة عالميا”.

كريم: صديقي العزيز إن السادة الماديين أصحاب مبدأ حتمية القوانين الفيزيائية لم يقولوا في صياغتهم لنظرية الانفجار العظيم أن الماء هو سبب ذلك الخلق العظيم!! فكيف نجمع بين الحقيقة الإيمانية أن الماء أصل كل شيء في سياق واحد مع نظرية تعزو إلى الطبيعة خلق الكون ((المدرك))؟

أما فيما يخص نظرية السحابة المركزية حول نشاة المجموعة الشمسية، فاسمح لي أن أعترض على قول الباحث الذي تفضلت بالإشارة إليه أن هذه النظرية مقبولة عالميا!! فهذه النظرية عليها اعتراضات علمية حول تباعد المسافات بين الشمس والكواكب بدرجة تخالف قوة الجاذبية، كما أنها لا تفسر مصدر العناصر الثقيلة في الكواكب الصخرية.

أكرم: يا صديقي، إنك تنادي بثورة على ما ورثناه من علوم تقوم عليها أعلى وأقوى جامعات العالم!

كريم: وليكن ذلك أو أكثر منه… فأنا أنادي بالرجوع إلى المعين الصافي للوحي الشريف فيما يتفق مع معطيات العلم الحديث وفق الضوابط الصحيحة عند كلا من الطرفين.

أكرم: إذن هات ما عندك من أقوال بارزة مما يؤيد وجهة نظرك حول نشأة الكون.

كريم: اسمح لي يا صديقي أن أعرض الأقوال البارزة التي تؤيد وجهة نظري -حول الأمر الإلهي بخلق الكون خلقا ذاتيا كاملا-، وذلك ضمن ثلاثة مجموعات من الأقوال البارزة تتناول ما يلي: (1) مبدأ الخلق، (2) بنية الكون، (3) إشكالية المادة المظلمة.

أكرم: تفضل يا صديقي… مع الاحتفاظ بحقي في التعليق على كل مجموعة قبل الدخول إلى ما يليها.

صورة (1): الله خالق كل شيء.

((ملاحظة: إذا كانت الصورة غير ظاهرة، اضغط على الفراغ أعلاه))

أقوال بارزة حول مبدأ الخلق:

كريم: أبدأ بأقوال بارزة حول مبدأ الخلق وهو المبدأ القرآني الإيماني الذي ينطلق من قوله تعالى في عدة مواضع من الكتاب الكريم منها قوله تعالى في سورة الزمر: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62))، حيث أعتقد أن قوله تعالى (كل شيء) يشير إلى طلاقة القدرة الإلهية في خلق كل شيء بالإحكام والدقة الكاملين، فكلمة (كل شيء) تعني خلق الذرة ومكوناتها وجميع العناصر والمركبات، وخلق جميع الكائنات الحية والجمادات، وخلق جميع الأجرام السماوية والسماوات والأرضين والعرش العظيم.

وكذلك خلق القوانين التي تحكم هذا الخلق جميعا سواءا كانت فيزيائية أو كيميائية أو رياضية أو غير ذلك من القوانين التي يكتشفها البشر ليتحقق لهم الاستفادة من نعم الله عليهم في حياتهم الدنيا، وعليه أعتقد أن الحتمية الوحيدة في هذا العالم هي طلاقة القدرة الإلهية في فعل كل شيء، فلا حتمية لأية قوانين فوق القدرة الإلهية، وعليه إذا صمم العلماء على استخدام مصطلح لابلاس: “حتمية القوانين الفيزيائية” فليقولوا “إن القوانين الفيزيائية حتمية في حدود علم وقدرة البشر”  فهي ليست حتمية أمام طلاقة القدرة الإلهية، من هنا يا صديقي أختار الأقوال البارزة التالية فيما يخص مبدأ الخلق:

  • بداية أقول: كيف نوظف نظريات مبنية أساسا على إنكار وجود الخالق العظيم سبحانه وتعالى في تفسير كون خلقه الله تعالى بقدرته العظيمة المبدعة؟

 

  • يقول عمري (2004أ): “إن حالة الوجود قبل خلق السماوات السبع والأرضين السبع تعتبر خارج نطاق الطبيعة”، فإذا كان أستاذنا الكريم يقصد أن خلق السماوات السبع والأرضين السبع تدخل ضمن نطاق الطبيعة، باعتبار رأيه الذي تفضلت به يا صديقي أن الانفجار العظيم هو سبب خلق السماوات السبع.

فأقول: لا سيدي!! … فأي طبيعة تلك التي يمكن أن تفسر خلق الكون الذي لا نعرف منه إلا ما يصل إلى ثلث الكون المدرك وذلك الكون المدرك نفسه لا يتعدى ثلاثة أجزاء من مليون جزء من الكون الكبير؟

أكرم: اسمح لي يا صديقي أن أعترض على طريقتك المتشددة التي تتضمن همزا ولمزا بأننا لا نؤكد أن الله سبحانه وتعالى هو خالق الكون وما فيه، بل إن أستاذنا الدكتور حسين عمري من أكثر العلماء الذين يجمعون بين العلم والدين في بوتقة واحدة، وأدعوك إلى قراءة مقالاته المتعددة حول خلق الكون وما فيه، وهي تجمع بين الآيات القرآنية ومعطيات العلم الحديث.

كريم: لا يا صديقي العزيز!! … أنا لا أوزع صكوك الغفران هنا ولا أدعي ذلك، لكن أشير فقط إلى أن أستاذنا الفاضل يدمج بين النصوص الشرعية وبين نظرية الانفجار العظيم ونواتجها بشكل كامل دون توقف أمام النقاط التي ذكرتُها أعلاه، بل أتمنى أن ينطلق سيادته مع زملائه من أساتذة الفيزياء النظرية والفلكية الصالحين لبحث هذه الأمور وفق أسس البحث العلمي المعروفة، مع السير في ذلك تحت مظلة النصوص الشرعية المرتبطة بقضية الخلق تقديما لمبدأ طلاقة القدرة الإلهية على المبدأ المادي المعروف بحتمية القوانين الفيزيائية.

أكرم: نعم أوافقك في ذلك يا صديقي، فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها.

أقوال بارزة حول بنية الكون:

كريم: إذن قلننتقل إلى المجموعة الثانية من الأقوال البارزة حول بنية الكون:

  • يقول عمري (2004أ): “بل إنّ علمَيَّ الكون والفلك لم يتوصّلا بعد لمعرفة شيءٍ يذكرُ عن بناء السّماوات السّبع أو بناء الأرضين السّبع”. … وأقول: لن يتوصلا!!… لأن تلك البنية من علوم الغيب التي لا يمكن تناولها إلا من خلال الوحي السماوي.

 

  • ويقول عمري (2004أ) أيضا: “إنّ الفراغات الكونيّة تعكس أماكن المجرّات عند زمن خلقها، ولا يمكن أن تكون قد نتجت عن التباعد بسبب الانفجار العظيم”. وهذه النتيجة تؤكد أن هذا الكون قد تم خلقه وفق تصميم وبناء عظيم منذ البداية.

 

  • ويقول عمري (2004ب): ” طبقات الكرة الأرضيّة أقلُّ من سبع: فالكرة الأرضية لها أربع طبقات متميزة” وذلك في معرض الإشارة إلى أن الأرضين السبع ليست طبقات الكرة الأرضية، وذلك يمثل نقطة اتفاق أساسية مع أستاذنا الكريم مع اختلاف في التفاصيل، وقد تم عرض مخطط الكون (شكل 1) ضمن المقالات السابقة من هذه السلسلة عن المفهوم المقترح للكون الكبير.

أكرم: جميل جميل… إذن هناك نقاط واضحة للاتفاق بيننا يا صديقي.

كريم: بالتأكيد يا صديقي!… فليس الغرض من هذه السلسلة بأي حال من الأحوال أن أعترض على معطيات العلم الحديث لمجرد الاعتراض، بل الأساس هو أنني أنادي بالتكامل بين العلم المادي وبين العلوم الشرعية وفق ضوابط مقبولة من الطرفين… وأؤكد أنني أتفق جزئيا مع كلمات د.عمري المذكورة حول بنية الكون ((المدرك)) في إطار المفهوم المقترح للكون في الإسلام.

 

شكل (1): مخطط مقترح للكون الكبير، مع قائمة الموضوعات المرتبطة به.

((ملاحظة: لو الشكل غير ظاهر، فضلا اضغط على الفراغ أعلاه))

أكرم: إذن ما هي آخر الأقوال البارزة لديك يا صديقي؟

أقوال بارزة حول إشكالية المادة والطاقة المظلمة:

كريم: نعم يا صديقي … أذكر هنا جملة صغيرة أعجبتني حول ما يسمى بالمادة المظلمة حيث يقول Parks  (2019): “إن غياب المادة المظلمة عن 19 مجرة تعتبر ظاهرة مثيرة للجدل” حيث يتكلم المؤلف المذكور عن ما يمكن أن أطلق عليه مجازا ((روح الكون)) وهي ما يسميه علماء الفلك باسم المادة المظلمة… هذه المادة والطاقة المظلمة التي تشكل أكثر من 90% من الكون المدرك، وهي بالرغم من عدم وجود تفسير واضح أو وصف محدد لحقيقتها، فهي التي تحمل الكون، وتساهم في تكوين النجوم والمجرات، بل وتساعد في تدوير مكونات الكون في أفلاكها… وعندما تغيب تلك المادة المثيرة للجدل يحتار العلماء.

ويمكن القول أن الكثير من الأبحاث المنشورة في المجلات العلمية الفلكية هذه الأيام تتناول جوانب المادة والطاقة المظلمة.

فأقول: وجهة نظري إن روح الكون تكمن في أحد أكثر المخلوقات انتشارا في الكون وهم الملائكة، فأنا أعتقد أن الملائكة تحمل الكون، ويقول صاحب العقيدة الطحاوية: [ووكل بالأفلاك ملائكة يحركونها، ووكل بالشمس والقمر ملائكةً]… وبذلك يكون دور الملائكة في حمل الكون وتدوير أفلاكه هو نفس دور الروح في الإنسان الذي ينتصب قائما فإذا ما مات سقط أرضا لغياب الروح.

أكرم:هذا يأخذنا يا صديقي إلى ما وراء الطبيعة، فكيف يمكن أن نخضع هذا الاقتراح للرصد والتجربة؟

كريم: لا أحد يقول أننا نحتاج لأن نخضع العالم الغيبي للملائكة للرصد والتجربة، بل بالضبط مثلما نقيس المتغيرات الحيوية في جسم الإنسان والكائنات الحية -لوجود الروح فيها-، فكذلك نخرج بالمادة المظلمة من فرضية أنها مادة مجهولة إلى اعتبارها تلك المادة اللطيفة الموجودة في أجسام الكائنات الحية –الروح- والتي تجعل الكائن يتحرك ونحن لا ندري عن حقيقتها ولا عن كنهها شيئا، وكذلك نحن نقيس أثار المادة المظلمة وهو ما نسميه بالجاذبية… ومن هنا سوف نخرج من أسر التفكير في الجاذبية على أنها قوة ربط إلى شكل آخر من التعبير عن نفس القوة بأنها قوة رفع وإمساك يتناسب مع قوله تعالى في سورة الرعد: (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا …. (2))، وقوله تعالى في سورة فاطر: (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (41)).

أكرم: أااااه يا صديقي!! …. كلام جميل لكنه يشبه الإعصار في تأثيره على قاطني الكرة الأرضية، عن نفسي سوف أبقى خلف ستائر النافذة أراقب تأثيرات ذلك الإعصار على الوسط العلمي، واعذرني إن بقيتُ على الحياد حتى نهاية المباراة حيث قد أسير خلف حامل كأس الفوز الذي أرجو ان يكون كريماً.

المراجع:

-عمري، ح. (2004أ): خلق الكون بين الآيات القرآنيّة والحقائق العلميّة، مؤتة للبحوث والدّراسات (سلسلة العلوم الإنسانية والاجتماعيّة)، المجلد 19، العدد 4 ، ص 11 –41 .

-عمري، ح. (2004ب): الأرضون السّبع وتوزيع الصفائح المجرِّيّة الضخمة على نطاق كوني واسع، مجلة كلية المعارف الجامعة – الأنبار- العراق عدد 6، السنة الخامسة.

Hoyle, F. et al (1949): A New Model for the Expanding Universe, MNRAS, v.108, p.372.

McCall, Q. J. H. (2005): Earth Structure

and Origin, Elsevier Press, Encycl. Geol.; (eds. Selley, R.; Cooks, L. & Plimer, I.), 1: 421-429.

Parks, j. (2019): Astronomers find 19 more galaxies missing their dark matter, Astronomy Site.

بقلم: د.سعد كامل

أستاذ مشارك في الجيولوجيا – الإسكندرية – مصر

saadkma2005@yahoo.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.