من القلب للقلب.. التسامح
بقلم /أمل الوكيل
ما التسامح؟
يخلط معظمنا بين مفهوم التسامح، ومفهوم إعادة العلاقات مع الأشخاص الذين آذونا أو أساءوا إلينا.
إعادة العلاقات مع من آذونا أو أساءوا إلينا قد تكون حماقة في أغلب الحالات.. شخص تسبب لك في كل هذا الألم، فلماذا تعود إليه؟ هل أنت أحمق؟
ربما قد يكون ذلك متاحًا في حالة تغيّر هذا الشخص، أو تراجعه عما فعل؛ ندم مثلًا أو اكتشف خطأه، ففي هذه الحالة ستكون لديك الحرية في قبول ذلك أو رفضه، وإن قبلت؛ فعليك أن تأخذ حذرك جيدًا ولا تسمح له – أو لأي شخص آخر – بإيذائك مجددًا..
لكن في الحقيقة، معظم الأشخاص لا يتغيرون بسهولة.
ما التسامح إذن؟
التسامح هو حالة شعورية، حالة بين المرء ونفسه، حالة من تجاوز الماضي.
سامح من آذوك بمعنى ألا تظل أسير نفس الحالة من الألم واجترار الذكريات، والشعور بالغضب تجاههم، وتجاه نفسك لأنك سمحت لهم بإيذائك.
الشخص الذي آذاك في الغالب يخوض حياته الآن مستمتعًا بدنياه، بينما أنت تتألم. تتألم لأنك مازلت تتمسك بذكرى ما حدث، تشعر أنك لو أفلتها فسيضيع حقك، تظن أن المشاعر المؤلمة التي تملأك الآن هي أضعف الإيمان، أنت لا تستطيع القصاص منه، فأقل ما تفعله أن تظل ناقمًا عليه. بينما أنت في الحقيقة تؤذي نفسك، لا تؤذيه هو..
التسامح هو أن تتجاوز ما حدث، تدرك أن كل ما تشعر به، كل ما تفكّر فيه؛ لن يغيّر شيئًا، فقط سيدمر أعصابك.
فتجاوز، سامح.
التسامح هو أيضًا حالة مرتفعة من الوعي، للأسف ليس بإمكان الجميع الوصول إليها. كثيرون سيرون الأمر مستحيلًا بالنسبة لهم في الوقت الحالي، أو على الأقل هو أمر في غاية الصعوبة، وقسم كبير منهم سيرون أنهم لا يحتاجونه أساسًا، وقد يغضبون إذا قرأوا مثل هذه الكلمات.. نسامح؟! بعد كل ما فعلوه بنا؟!
أما من سيمتلكون الشجاعة لعزم النية على المسامحة، فهؤلاء من سيرتاحون بعد طول مشقة!