الصراط المستقيم

هل الإنسان مسير أم مخير ؟

كتب محمد بهى

ينشغل الكثير من المسلمين بالتفكير فى إجابة هذا السؤال وعندما سئل الشيخ عطيه صقر قال أن
الله سبحانه خلق الإنسان وعلم ما سيكون عليه من خير وشر، وجعله قابلا للطاعة والمعصية ، وكلفه بأمور ينفذها وترك له الحرية في اختيار التنفيذ وعدم التنفيذ ، ليكون محاسبا أمام الله على ما فعله بحريته واختياره من طاعة أو معصية ، والإنسان لا يعلم ما قدر له في علم الله إلا بعد وقوع المقدر، ولو أقدم على فعل محرم متعللا بأنه مقدر عليه فهو مخطئ فى هذا التعلل ، لأنه ربما يحول بينه وبين فعل المحرم حائل يمنعه ، وهنا يعلم أنه لم يقدر عليه .
فالإنسان مخير في الأمور التكليفية التى يستطيع فعلها أو تركها بحريته واختياره ، أما الأمور التى لا تقع تحت حريته واختياره ، كالكوارث العامة من الزلازل والبراكين والعواصف والسيول وغيرها فهو فيها مسير .
لماذا يكثر السؤال فى هذا الموضوع ، وبخاصة من يقول : إن المعاصى مقدرة علينا فلماذا نعاقب عليها ونحن مرغمون لا مفر لنا من القضاء والقدر؟ إن الله سبحانه علم أن أبا لهب لن يؤمن بسيدنا محمد، ومع ذلك أمر الله نبيه أن يطلب منه الإيمان ، ليكون إيمانه وعدم إيمانه بحريته واختياره ، فاختار أبو لهب الكفر، واستمر على ذلك حتى مات كافرا ، وهنا علم تماما أن الله سبحانه قضى في علمه أن أبا لهب سيختار الكفر ويموت عليه .
ثم أقول : لماذا يسأل الناس عن تقدير المعاصى لتبرير فعلها لأنها قضاء الله حتى لا يعاقب عليها، ولا يسأل عن تقدير الطاعات ، ويطالب بالثواب عليها ، مع أن المعاصى والطاعات مقدرة فى علم الله ؟ إن الإنسان هنا فى الطاعات حريص على أن ينال الثواب على طاعته لأنها عمله . وفى المعاصى حريص على أن يفر من العقاب على معصيته لأنها ليست عمله – فى ادعائه -بل مقدرة عليه .
لا ينبغى أن يغالط الإنسان نفسه ، فهو مسئول عن كل شيء فعله بحريته واختياره من خير أو شر، قال تعالى{كل امرئ بما كسب رهين } الطور :
21 ، وقال تعالى { كل نفس بما كسبت رهينة} المدثر: 38 ، إن الأمر لو كان كما يريد هؤلاء من تقدير كل الأمور علينا وعدم الحساب عليها ما كانت هناك حاجة إلى إرسال الرسل ولا إلى البعث ولا إلى الحساب ولا إلى الجنة والنار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.