يا باغي الخير … أقبل

بقلم: وليد علي
اللهم لك الحمد الذي بلغنا هذه الأيام المباركة. اللهم لك الحمد حمداً طيباً مباركاً فيه، كما تحب وترضى.
إن بلوغنا هذه الأيام هو محض فضل ومنة من الله سبحانه وتعالى.
كم من عزيز فقدناه ولم يبلغه هذا الفضل؟ ونحن بحمد الله قد وصلنا لهذه الأيام الفضيلة، فلابد أن نفكر في حالنا: هل نحن من الذين يسعون للخير ويجيبون النداء من الله، أم أننا من الذين أصروا على المعاصي وخابوا وخسروا؟
رمضان: شهر الصيام والعبادة
قال الله تعالى:
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” (البقرة:183).
شهر رمضان هو شهر الصيام الذي فرضه الله على المسلمين كما فرضه من قبل على الأمم السابقة. وهو شهر تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق أبواب النار، حيث يصبح المسلمون أكثر قربًا إلى الله بالعبادة والطاعة.
فضل شهر رمضان
من حكمة الله سبحانه وتعالى أن فضل بعض الأوقات على بعض، فقد فضل شهر رمضان على سائر الأشهر، فهو كالشمس بين الكواكب، مليء بالبركات والرحمة.
قال الله تعالى:
“شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ” (البقرة:185).
كما ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، أن صحف إبراهيم والتوراة والإنجيل والقرآن أنزلت في هذا الشهر الكريم.
في رمضان، تزداد الأعمال الصالحة وتتضاعف الحسنات.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
“كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به” (رواه مسلم).
الصيام في رمضان ليس مجرد ترك الطعام والشراب، بل هو مدرسة تربوية تهذب النفس وتعلم المسلم الصبر.
ليلة القدر: خير من ألف شهر
من أعظم مميزات رمضان هي ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر. عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم الخير كله” (رواه ابن ماجه).
في هذه الليلة، تتنزل الرحمة ويغفر الله لمن قامها إيماناً واحتساباً.
دعوة ” يا باغي الخير أقبل”
في كل ليلة من ليالي رمضان، ينادي مناد:
“يا باغي الخير أقبل، يا باغي الشر أقصر”، ليدعو المسلمين إلى الإقبال على الأعمال الصالحة والابتعاد عن المعاصي.
كما قال صلى الله عليه وسلم:
“إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وسلسلت الشياطين” (رواه مسلم).
هذه دعوة عظيمة لك يا مسلم، لتغتنم هذه الفرصة وتقبل على الله بالطاعة والعبادة.
رمضان: شهر التوبة والمغفرة
إن رمضان هو شهر التوبة والتكفير عن الذنوب. قال النبي صلى الله عليه وسلم:
“من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه” (رواه البخاري).
وفيه، يغفر الله الذنوب ويعتق رقاب المؤمنين من النار.
رمضان: شهر الجود والإحسان
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وأجود ما يكون في رمضان.
في هذا الشهر، يعم الجود والإحسان بين المسلمين، حيث يكثر العطاء وتنتشر روح التكافل الاجتماعي.
الصيام: صبر وتضحية
الصيام في رمضان هو تجسيد حقيقي للصبر، حيث يتحمل المسلم مشقة الجوع والعطش طيلة اليوم.
قال تعالى:
“إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ” (الزمر:10).
وبذلك، يكون جزاء الصبر هو الجنة.
دعوة للتركيز على عبادة الله
إن رمضان هو شهر لا يتكرر إلا مرة واحدة في السنة. لذا، يجب علينا أن نستغله بأفضل طريقة ممكنة، وأن نتجنب التفريط فيه.
في هذا الشهر، تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار، وتصفد الشياطين، فاغتنموا هذه الفرص الثمينة.
وختاماً إن شهر رمضان هو فرصة عظيمة للتوبة والمغفرة، ولكسب الحسنات والعتق من النار.
اغتنموا هذه الفرصة لتكونوا من الذين يسارعون في الخيرات، ويحرصون على الاستفادة من البركات هذا الشهر الفضيل.
اللهم بلغنا رمضان ونحن في أحسن حال، واغفر لنا ما مضى من ذنوبنا، واجعلنا من المعتوقين من النار.